كان اللبنانيون ينتظرون دعماً عربياً، أو دعماً غربياً أسوة بمفاصل أخرى عندما شهد لبنان أزمات وحروباً كحرب تموز 2006، وانفجار مرفأ بيروت.. لكن ما وصل الى لبنان الآن، ما زال محصوراً في هامش ضيق جداً، مما يؤشر الى عزلة لبنان في هذه الحرب.
خلفية دولية للحرب
والحرب التي أطلقتها اسرائيل على لبنان، منذ الإثنين الماضي، حملت مؤشرات على أن الخلفية الدولية للمعركة، بمعنى الدعم الغربي لإسرائيل، تجعل لبنان وحيداً في معالجة التداعيات والتعامل مع أزمة انسانية تشكل عبئاً كبيراً على "حزب الله"، وتشعل الشارع ضده.
إضافة الى ذلك، لم يستجب لبنان في أي وقت من الأوقات مع المبادرات الدولية لحل النزاعات السياسية في الداخل، سواء في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، أو في ملف التسوية الحدودية وتطبيق القرار 1701، وقد نقل الموفدون الغربيون مقترحات وتحذيرات، على مدى أشهر، الى الدولة اللبنانية. بالتالي، فإن عدم الاستجابة مع المطالب، وضع لبنان وحده في مواجهة أزماته، لدى أول حرب مع اسرائيل.
لا مساعدات
والعزلة الدولية، التي ظهرت في عدم وصول طائرات أو شاحنات تحمل مساعدات عربية، انسحبت على عزلة حدودية أوجدتها إسرائيل مع سوريا، من شأنها أن تمنع النازحين، سوريين ولبنانيين، من اللجوء الى مناطق يُفترض أنها آمنة في سوريا، وذلك بقصف المعابر الحدودية صباح الخميس.
وتنسحب العزلة الخارجية على توترات محلية من شأنها أن توجد عزلة داخلية أيضاً، تمثلت بداية في مقاطع فيديو انتشرت في البقاع لإبعاد نازحين من الحدائق العامة، ثم بمقاطع فيديو من طرابلس في شمال لبنان تطالب النازحين بنزع صور أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله عن السيارات التي تعبر الى المنطقة، أو بنزع صور شهداء.
ودعا ناشطون من خصوم الحزب، الأهالي، إلى عدم استقبال النازحين على خلفية مشاركة الحزب في الحرب السورية، كما طالبوا الناس بالحذر من العائدين، وهو ما ظهر في فيديوهات تم التقاطها في منطقة القبة في طرابلس. ويُضاف ذلك الى حذر في المناطق المسيحية، على خلفية التوترات السابقة بين الحزب وقوى سياسية مسيحية لا تجد نفسها معنية بتخفيف أزمته الاجتماعية الآن.
أزمة "حزب الله"والحال إن "حزب الله"، وعلى مدى 11 شهراً، كان يسعى لتجنب توسيع معركة مع اسرائيل من شأنها أن تخلق أزمة اجتماعية لبيئته، في ظل تداخل العوامل السياسية الداخلية والإقليمية، وعلى ضوء الهجمة الدولية والغطاء الممنوح لإسرائيل لتنفيذ ما تجده مناسباً عشية الانتخابات الأميركية، وإثر تعثّر المفاوضات في غزة.
ما لا يدركه كثر من المغردين اللبنانيين، أن المساعدات هي قرار سياسي، تتقاطع فيه العلاقات والتوجهات الدولية، وقد لا يكون مستقلاً بالكامل عن أي تدخلات مشابهة. عادة ما تُمنح المساعدات من غير حسابات سياسية، في الأزمات والكوارث، مثل تلك التي شهدتها سوريا في زلزال شباط/فبراير 2023. لكنها في الحروب لا تدخل ضمن الحسابات نفسها، وهو ما يضع لبنان في عزلة دولية، في انتظار بلورة حل سياسي لا يبدو قريباً، لكن أزمته تبدو أكثر عمقاً لدى الحزب بشكل أساسي، طالما أن الدولة اللبنانية عاجزة عن القيام بما يلزم لإغاثة النازحين.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها