ويتجلّى الاستنتاج بأن الجيش الإسرائيلي، يعمل بموجب خطة عسكرية متدحرجة ضد "حزب الله" تقوم على مبدأ "تشديد ضغطه عسكرياً حتى إضعافه".
وبعد تفجير الأجهزة اللاسلكية، انتقلت إسرائيل إلى تصفية قيادات تشكل عموداً فقرياً للحزب، وبعدها انطلقت إسرائيل إلى تنفيذ موجة من القصف الجوي تستهدف "أسلحة استراتيجية" للحزب، خصوصاً ما يتعلق بصواريخه الدقيقة، وسط تقديرات محللين عسكريين بأن هذه العملية قد تستمر لأيام.
ونوه المراسل الميداني في الجبهة الشمالية، خلال إفادته الصباحية لراديو "مكان" العبري، إلى الآلية التي تتبعها إسرائيل بخصوص عملياتها المتصاعدة في لبنان. وقال أن الجيش الإسرائيلي يبعث مع كل موجة من ضرباته ضد الحزب، برسالة إلى أمينه العام حسن نصر الله، مفادها: "إذا لم يفهم نصر الله الرسالة الآن، سيفهمها لاحقاً. ويوماً بعد آخر، سيدرك أن إسرائيل انتهت من مرحلة الدفاع، وأصبحت في وضعية الهجوم، عبر دك أهداف استراتيجية للحزب".
في السياق، أشار مراسلون عسكريون إسرائيليون إلى أن مضمون الرسالة يتمثل بتخيير حزب الله بين أمرين. إما أن يقبل نصر الله بصفقة بشروط إسرائيلية، وإما الذهاب نحو أيام قتال دراماتيكية، متمثلة بتوجيه الجيش الإسرائيلي ضربات للحزب، وبقوة أكبر، إلى أن يفهم أنه "أمام معادلة جديدة".
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، ستعمل القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب بعد انتهاء موجة القصف العنيفة لمناطق واسعة في لبنان، على إجراء تقييم شامل للعمليات الأخيرة، قبل الانتقال إلى حياكة خطط جديدة.
وتنسجم هذه المرحلية مع خلاصة قراءات إعلامية إسرائيلية في الساعات الأخيرة، ركزت على أن إسرائيل تعمل وفق منطق صياغة مجموعة من الخطط العسكرية لحسم المعركة ضد "حزب الله"، وليست خطة واحدة، حيث تتعلق كل خطة بمرحلة معينة من المواجهة ضد الحزب.
من جهته، قال الصحافي الإسرائيلي يوني بن مناحيم خلال تحليل تلفزيوني، أن إسرائيل لا تريد حرباً شاملة، لكنها تتبع خطة عسكرية تقوم على أخذ زمام المبادرة، والتصعيد الهجومي بصورة تدريجية، من دون الوصول إلى الحرب الشاملة، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية في حالة تأهب، وأنها تتواصل مع إسرائيل لمراعاة خطتها لتجنب الذهاب إلى حرب واسعة.
واللافت أن بن مناحيم أقر في تحليله بعدم كفاية الضغط العسكري الذي تنفذه إسرائيل ضد "حزب الله"، مضيفاً أن "لجم حزب الله" يحتاج إلى اجتياح بري واسع النطاق للبنان، وإقامة شريط أمني في عمق الأراضي اللبنانية على غرار ما كان عليه قبل العام 2000، باعتباره "خياراً وحيداً لأن حزب الله يرفض أي تسوية سياسية، وحتى لو وافق عليها، فإن إسرائيل لا تثق به، من منطلق أن تنفيذه خطة اقتحام الجليل ستكون مسألة وقت".
ورغم قساوة الهجمات الإسرائيلية على لبنان، رأى بن مناحيم "أننا في مرحلة تبادل الضربات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله"، مُرجحاً أن الطرفين سيعودان في نهاية المطاف بعد تلقيهما خسائر كبيرة إلى المربع الأول، والبحث عن تسوية، في حال لم تتطور الأمور إلى تنفيذ الاجتياح البري.
إلى ذلك، أجمعت محطات التلفزيون الإسرائيلية على توصيف المرحلة بأنها توحي بوقوف الطرفين "على حافة الحرب الشاملة"، في حين قالت صحيفة "معاريف" أن إطلاق "حزب الله" للصواريخ نحو إسرائيل سيتواصل، لدرجة قد يصل مداها إلى ما بعد خمسين كيلو متراً في العمق الإسرائيلي. أما صحيفة "إسرائيل هيوم"، ففاخرت بتشديد الضغط العسكري على الحزب، بقولها: "لم يمر على حزب الله يوم كهذا منذ تأسيسه".
والحال أن الخطة العسكرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، بدت وكأنها تطبق بعض بنود ورقة موقف استعرضها موقع "ألما" المقرب من الاستخبارات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة، وهو ما أشارت إليه مسؤولة الأبحاث في الموقع تال بيري، عبر مفاخرتها بأنها أول من شجعت لتنفيذ خطة استهداف قيادات الصف الأول في "حزب الله"، كما حرضت على من بقي من قيادات الحزب.
لكن بيري اعترفت في مقالها بأن اغتيال القيادات العليا في "حزب الله"، هو بمثابة جهد تكتيكي "مهم"، على حد تعبيرها، لكنه لا يحمل أهمية استراتيجية، مضيفة أن "الجهد الاستراتيجي يجب أن يُتوّج بعمليات القصف الجوي هذا اليوم، وذلك بدك أنظمة إطلاق النار الرئيسية لحزب الله، خصوصاً صواريخه الدقيقة" بغرض "إلحاق ضرر استراتيجي به".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها