ورغم أن تاريخ الصحافة في العالم العربي مرّ بمحطات كثيرة مع اختلاف في التأثير، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، فإن هنالك مدارس مختلفة في كلّ بلد من بلدان المنطقة وتجارب عظيمة يُشهد لها، لكنه يمرّ اليوم بمتغيرات جمّة من اضطراب المعلومات إلى الذكاء الاصطناعي ومقاومة لمفهوم الاستقلالية والشفافية في العمل الصحافي فضلاً عن تهديدات تطاول الأمن الوظيفي أيضاً.
كلّ تلك التفاصيل ترعاها شبكة "أريج" منذ انطلاقتها الأولى العام 2005، لتقدم اليوم معايير عربية لكتابة قصة استقصائية والعمل على تحقيقات عالية الجودة تصبح منهجاً تعليمياً لكل من يرغب في التدرب على ذلك. كما تقدم الشبكة دعماً عبر الاشراف على التحقيقات وتقديم دعم مالي وتشبيك مع مؤسسات اخرى للنشر.
متغيرات تقنية
والتفتت الشبكة منذ العام 2021 للمتغيرات التكنولوجية المستجدة وبدأ العمل على الاستثمار، من الذكاء الاصطناعي وتأثيره في مهنة الصحافة. وقالت مديرة "الشبكة العربية لمدققي المعلومات" سجى مرتضى أنه لذلك "بدأ العمل على تطوير استراتيجية أريج الخاصة بالذكاء الاصطناعي وباللغة العربية بدعم من مبادرة أخبار غوغل وهي موجودة لخدمة المؤسسات الإعلامية العربية الكبيرة والناشئة".
وتقدم الإعلانات الرقمية التي تظهر بسهولة في الهاتف الذكي، مثلاً، انطباعاً للمتلقي بأنه على بُعد ساعات من تحقيق أرباح مالية طائلة بمجرد مشاهدة فيديو تعليمي يؤمن مهارة إدارة المحتوى، وتسييله بطريقة تدعم نمو عدد المتابعات والمتابعيين، كما يمكن لمن يرغب أن يصبح ناشراً، والأهمّ أن يؤمن دخلاً كريماً ويحقق شهرة. وهو ما يحيل إلى سؤال مُلحّ أمام الصحافيين: "لماذا نجتهد ونعمل ونبحث عن الحقيقة وعن التغيير ونمضي ساعات في التعلم أو كتابة المقال؟ ولماذا لا نعتمد أيضاً على الذكاء الاصطناعي ونختصر الوقت؟".
وأجاب رئيس تحرير "أريج" منير الخطيب، بأنه يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي كتابة نصّ لكنه لن يكون قصة ولن يكون سردياً، ولن تتمكن أدوات الأتمتة من صياغة روح النص. وأكمل: "نحن نكتب القصة بأسلوب سردي، سهل وشيق بعد بحث عن المعلومات والتدقيق فيها وبالمصادر وبالبُعد القانوني. ونقسم القصة أى المحتوى المكتوب والبصري، هذا التنظيم والسبك لا تقدمه تقنيات الذكاء الاصطناعي".
لا مركزية مجتمع الشبكات
إلى ذلك، تسمح فكرة لا مركزية "مجتمع الشبكات" وتشكيلها، بنسج أنماط جديدة ومعقدة للانتماء والتنظيم وإنتاج المحتوى وتقديم خبرات غير معهودة خارج هذا الإطار. وتقدم منصات كثيرة حول العالم خطوات وأمثلة لنجاحات مبدعات ومبدعين في عالم صناعة المحتوى، فيما مازالت المناهج التعليمية والمؤسسات الاعلامية في غالبيتها بعيدة من تلقي وفهم ما يحصل من سرعة نمو في قطاع ريادة الاعمال الرقمي المعاصر، وهي في أمسّ الحاجة لنموذج إعلامي جديد ومحلي.
والواقع أنه ومنذ أمد غير طويل نسبياً، يشهد المجتمع الرقمي لطفرة صانعات وصانعي المحتوى من خلال وسائل تواصل اجتماعية مختلفة. تقييم هذه التجارب ما زال في بدايته ومن الصعب التنبوء به وبما سيقدمه في المستقبل. والحديث هنا ليس عن الجودة أو عن القيمة التنموية لهذا القطاع بقدر ما هو عن قدرة هذا المحتوى على صنع التاريخ أو إحداث التغيير.
تلك الفكرة كانت جزءاً من الأسئلة خلال اللقاء مع "أريج"، خصوصاً عن تأثير صانعي المحتوى الرقمي في قيمة العمل الصحافي ومضمونه. وجاء الرد من روان الضامن بأن العمل على تحقيق معمّق لا مجال لمقارنته بصناعة محتوى، وأن ساعات التدقيق والمتابعة لا تحدث من دون مجهود بشري وتعاون أصبح غير تقليدي وعابر للحدود الجغرافية ومتنقل عالمياً، حسب تعبيرها.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها