الأربعاء 2023/09/13

آخر تحديث: 21:54 (بيروت)

السلطة اللبنانية تفعّل الخطة "ب": الهدنة مع الناشطين انتهت!

الأربعاء 2023/09/13
السلطة اللبنانية تفعّل الخطة "ب": الهدنة مع الناشطين انتهت!
إدانة حقوقية من "تجمع نقابة الصحافة البديلة" بعد إصدار مذكرة بحث وتحرّ ضد مريم مجدولين اللحام (فايسبوك)
increase حجم الخط decrease
المقاربات التسووية التي أنتهجتها الدولة اللبنانية في التعامل مع الناشطين والحقوقيين ومنتقدي بعض الممارسات، انتهت خلال الفترة الاخيرة، إذ باتت الانتهاكات سمة لممارسات لا تخفيها الدولة، بل تجاهر بها، مرة بالاستدعاءات القضائية، ومرة بالأحكام المشددة، ومرة باستخدام الذراع الأمني لليّ أذرع "المتمردين". 
والاستنتاج الأخير، ليس ضرباً من المبالغة لتوصيف واقع الحال. يبدو أن حجم الضغوط التي مورست على الدولة، من اعتصامات وتحركات وضغوط اعلامية، دفعت الدولة الى تفعيل "الخطة باء"، وهي المواجهة، بكل ما تملك من أدوات، شرط ألا تصل الى مستوى السجن الفعلي، أو الى مستوى التهديد الجسدي. 

تملك الدولة من الأدوات والقوانين ما يكفي لتطويع المتمردين والمعارضين. ثمة مواد قانونية تغطي كل الضغوط، وفي الوقت نفسه، ثمة أدوات قائمة وموجودة لتنفيذ الخطة. وبعد تقويض نفوذ مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية، إثر الضغوط عليه والالتزامات القضائية بعدم مثول صحافيين أمامه، تم تفعيل المباحث الجنائية التي استدعت أخيراً صحافيَين اثنين، وفتشت منزل الزميلة مريم مجدولين اللحام، فيما تواصلت الاحكام القضائية بالقدح والذم وغيرها.


والحال إن تفعيل الخطة "باء"، يظهر حجم الضغوط المتزايدة التي تمارسها الدولة وأجهزتها، ضد الناشطين الذين رفعوا مستوى المواجهة في وقت سابق، وتحركوا ميدانياً وتشريعياً ودولياً لتقويض نفوذ السلطة دفاعاً عن الحريات. المواجهة، إذاً، قوبلت بخطة مواجهة مقابلة، بعد هدنة استمرت ثلاث سنوات تقريباً خفضت الأجهزة خلالها رأسها إزاء موجة احتجاجات 17 تشرين المرتفعة، وكانت السلطة آنذاك مضطرة للمهادنة، منعاً لتحميل رئيس الجمهورية وفريقه السياسي مسؤولية قمع الناشطين وتقويض الحريات. 

اليوم الدولة بلا رأس ولا مرجعية واضحة يمكن أن تُحمّل المسؤولية. في فترة الفراغ، تُفعّل القوانين والأذرع، وهي الفرصة المناسبة للضغط والهجوم، من دون أن يتحمل طرف واحد مسؤولية ما يجري. الأطراف كلها الفاعلة في السياسة اللبنانية، تستفيد من حالة الفراغ للضغط على الناشطين في ملف الحريات، وتطويعهم، إن لم نقل تأديبهم. وحين تنتظم الدولة، تصبح المسؤوليات أوضح، فتهدأ الضغوط. 

يمكن التمعّن في هذا الواقع، من خلال النظر في ما أعلنته اللحام عن تفاصيل توقيفها لساعات وتفتيش منزلها وصدور مذكرة بحث وتحرّ ضدها، وإثر الأنباء عن الحكم الصادر بحق شربل الخوري، وقبلهما صحافيين وناشطين تم استدعاؤهم، بالتزامن مع غضّ النظر عن إطلاق أيدي "جنود الرب" وخطاب التحريض ضد فئات مهمشة.


في الفراغ، يُخشى أن يتحول لبنان الى دولة بوليسية. حق الناشطين في التعبير يجب أن يصونه القانون في مختلف المراحل. هذا المبدأ لا حياد عنه، كذلك مبدئية ألا يمثل الصحافي إلا أمام محكمة المطبوعات بحضور محامٍ، وليس أمام أي ضابطة عدلية. 

عند مراجعة الوزراء المعنيين، تُغدق الوعود، لكن على الأرض، ثمة سلطة أقوى من وعود الوزراء والنواب والحقوقيين وبعض القضاة، في انتظار ملء الشغور وانتظام الدولة.. وعندها لكل حادث حديث. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها