السبت 2023/05/06

آخر تحديث: 13:42 (بيروت)

"تحالف الأجداد": حركة "طورانية" تركية لطرد اللاجئين

السبت 2023/05/06
"تحالف الأجداد": حركة "طورانية" تركية لطرد اللاجئين
أوميت أوزداغ يلتقي طلاباً في أنقرة (غيتي)
increase حجم الخط decrease
تبدو الانتخابات التركية فرصة سانحة لبث العنصرية من قبل بعض المرشحين، كحزب "الظفر" الذي ركز في حملته الانتخابية على موضوع اللاجئين و"الأغراب". وقدم الحزب، وهو أحد الأحزاب الصغيرة في تركيا، حلاً وحيداً لـ"مشكلة التخلص من اللاجئين" عبر الدعوة إلى طردهم بالقوة نهائياً من البلاد.

وتخوض عشرات الأحزاب منافسة شرسة للفوز بـ600 مقعد في مجلس النواب التركي خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 14 أيار/مايو الجاري. أما السدّة الرئاسية، فيتنافس عليها أربعة مرشحين فقط، وهم إلى جانب الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، مرشح الأحزاب المعارِضة كمال كليجدار أوغلو، المرشح المستقل محرم إنجه، ومرشح "تحالف الأجداد" سنان أوجان.

ويضم "تحالف الأجداد" بضعة أحزاب صغيرة وقليلة التأثير هي حزب "الظَفر"، حزب "العدالة"، حزب "بلدي"، وحزب "التحالف التركي"، ويخوض الانتخابات النيابية كما الرئاسية أملاً في الفوز بعشرات المقاعد النيابية، رغم أن غالبية استطلاعات الرأي أشارت إلى احتمال فوزه بعدد محدود جداً من المقاعد في أحسن الأحوال.

وبرز حزب "الظَفر" كعمود فقري لـ"تحالف الأجداد"، فيما بقية الأحزاب الصغيرة المنضوية في التحالف، قليلة العدد والتأثير. إلا أن ما يجمعها في تحالف انتخابي وسياسي واحد، أكبر مما يفرقها، حيث تمتلك تشخيصاً واحداً لأزمات تركيا المتزايدة حالياً، وحلاً واحداً لها.

تشخيص "تحالف الأجداد" بسيط وواضح: "كل أزمات تركيا سببها الغرباء". ولا يعني ذلك اللاجئين السوريين حصراً، بل يتعدى فهمهم ليشمل كل غريب ساكن على أرض تركيا بوصفها "أرض الأجداد". العمّال القادمون من العراق هم "غرباء" مثل التجّار اليهود الذين يسكنون في المدن البحرية والتجارية، ومثلهم اللاجئون الأوكرانيون الذين سكنوا تركيا بعد الغزو الروسي لبلادهم. أما حلّ "الأزمة" فلا يكون إلا "جذرياً" أي بطرد كل غريب عن أرض تركيا وتركها "نقية كما عاش عليها الأجداد".

هذه المواقف الراديكالية تدغدغ المشاعر القومية عند الأتراك، فيلاقي أوجان بعض التعاطف من الجيل التركي الأكبر سناً كما من بعض الشباب القومي المتحمّس، والذي سيُترجم أصواتاً في صناديق الاقتراع.

وكان حزب "الظَفر" أطلق مؤخراً حملة دعائية رُصدت في أحياء وشوارع إسطنبول حيث يقطن لاجئون سوريون وعرب. وتقوم الحملة على وضع ملصقات إعلانية على الجدران وأعمدة الكهرباء كُتب عليها باللغة العربية عبارة "ألم تشتاقوا؟"، وفي أسفلها رمز "باركود"، والذي ما أن يُفتح على شاشة الهاتف المحمول حتى يدل على الطريق الواصل بين تركيا وسوريا، في دعوة واضحة من الحزب للاجئين إلى مغادرة تركيا والعودة إلى سوريا.

أما رئيس الحزب، أوميت أوزداغ، فيبدو مهتماً بالجولات الانتخابية المباشرة، والتنزه بين المحلات التجارية مع عدد كبير من المرافقين. يدخل محلاً تجارياً يديره أجنبي فيعده أوزداغ بالعودة القريبة إلى بلده الأم. هذا طبعاً إن جرى الأمر بشكل مريح ومن دون استفزاز، لأنه في بعض الأحيان تدور بعض المشاجرات الكلامية بين أوزداغ ومرافقيه من ناحية وبعض التجار أو مجموعة من الشباب السوري في الشارع من ناحية أخرى.

وغالباً ما يصرّح أوزداغ في شاشات التلفزيون بمواقف عنصرية وعدائية ضد اللاجئين، ويدعو إلى تحمل الدولة التركية لمسؤولياتها وطردهم بالقوة خارج الحدود ليتدبروا أمرهم، كما يمننهم بأن تركيا "أطعمت ملايين اللاجئين وأبقتهم أحياء".

ويمثل "تحالف الأجداد" الفِكر القومي التركي الراديكالي المتعصب، والذي يقدّم نفسه بصورة المنقذ لتركيا من الآخرين. ليست هذه الأفكار حديثة في تركيا بطبيعة الحال، بل لها قاعدة شعبية مؤثرة وقديمة، وهي أفكار منتشرة بكثرة في بعض المناطق وبين بعض الطبقات الاجتماعية والفئات العمرية المحددة، وتحديداً كبار السن. إضافة إلى ذلك، لا تشذ هذه الأفكار عما أرسته الأتاتوركية في مخيلة الشعب التركي قديماً، عن نقاوته العرقية وتقدّمه الحضاري، وكون الأرض التركية "أرضاً مقدسة" وموهوبة لـ"الأتراك" حصراً.

إضافة إلى نظرته العدائية تجاه اللاجئين، تملك أحزاب "تحالف الأجداد" نظرة طورانية لتركيا. فهي، كما الأتاتوركية، متأثرة بأفكار المنظّر التركي الأشهر وعالم الاجتماع زيا غوكالب (1875 - 1924) المؤمن بأن خلاص وتقدم الشعب التركي لا يمكن أن يتم إلا بإنشاء دولة واحدة تضم كل المنتمين إلى العرق التركي، وتحديداً الأقليات التركية الموجودة في دول آسيا الوسطى، فـ"تؤلف دولة عظيمة واحدة" على اسم "طوران"، وهو الإسم القديم للمنطقة الواقعة في آسيا الوسطى من حدود الصين إلى حدود تركيا.

هذه الطورانية الجديدة، يمثلها "تحالف الأجداد" ومرشحها سنان أوجان الذي يعتبر نفسه قومياً. ورغم عدم تبني الطورانية من الدولة التركية أو رواجها الكبير بين الأتراك، إلا أنها تبقى أداة انتخابية تدغدغ مشاعر القوميين، وفكرة "خلاصية" قائمة على العنصرية تجاه الآخرين لبناء دولة جديدة بملامح غير واضحة أصلاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها