الأربعاء 2023/05/24

آخر تحديث: 00:14 (بيروت)

"لوبيتو": فيلم أطفال إيراني في بيروت.. خارج "المقاومة" و"الجهاد"

الأربعاء 2023/05/24
"لوبيتو": فيلم أطفال إيراني في بيروت.. خارج "المقاومة" و"الجهاد"
"التدخل الإلهي والملائكي" لمساعدة طفل في كشف مؤامرة
increase حجم الخط decrease
فيما لا يعرف الأطفال في لبنان سوى أفلام "ديزني" الأصلية أو المدبلجة بالعربية، يُعرض في السينما اللبنانية فيلم الإنميشين Loupetoo "لوبيتو"، وهو فيلم إيراني للمخرج عباس عسكري، وإنتاج محمد حسين صدقي، ومركز "سوره" للصور المتحرّكة التابع لمنظمة "السينما الإيرانية". وأعادت مؤسسة "ميم" اللبنانية المتخصصة في مجال الأفلام المتحركة إنتاجه ودبلجته عربياً بالشراكة مع جمعية "رسالات" للفنون والثقافة. 

العمل الذي إفتُتحت عروضه في مركز "رسالات" في منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت، هو فيلم مخصص للأطفال من عمر السبع سنوات فصاعداً، ونُظمت عروض له في المناطق اللبنانية كافة في الجنوب والبقاع. ويُروّج صناع العمل للفيلم بكثافة في وسائل التواصل الإجتماعي وبإعلانات ضخمة على اللوحات الإعلانية المنتشرة في الطرق، بوصفه واحداً من الأفلام الموجهة لفئة العائلة والأطفال والناشئين. 

الفيلم الإيراني، وعلى عكس المتوقع بأن يحمل رسائل في إطار المقاومة والشهادة، وبث الرسائل الدينية لأطفال لتكوين صورة ذهنية عن البيئة الإيرانية والإسلامية، يقدم حكاية "فريدة" عن أحداث تحصل في مصحّ عقلي يُطلق عليه في الفيلم "دار النقاهة"، يديره الطبيب يدعى "كمال سعيد" هو صانع ألعاب في الوقت نفسه، ويقرر أن يحول المصح إلى ورشة تصنيع ألعاب محلية، معتمداً أحد أساليب العلاج النفسي، وهو دمج المرضى وجعلهم منتجين لتخطي مرحلة مكوثهم في المصحّ، فيجعلهم يشاركون في صناعة ألعاب الأطفال الذي يسميه "مصنع لوبيتو". 


مفهوم الصحة النفسية والمصح، قد يصعب على الأطفال إستيعابه، نظراً لأن كل ما يتعلق بالأمراض والعلاج النفسي ما زال "تابو" في المجتمعات العربية والإسلامية، وبعض المصطلحات المستخدمة في الفيلم يصعب على عقل الطفل تفكيكه، مثل الشيزوفرنيا، والجنون، والإضطراب. 

وبحسب الفيلم، فإن نجاح تجربة الطبيب كمال، تكون عرضة للأشرار، نظراً لإكتساح ألعاب مصنع لوبيتو، السوق، فيخترق المصنع أو دار النقاهة، "جاسوس" متخفٍّ كمريض نفسي، ليتكفل بتغير معدات الألعاب بإستخدام مواد سامة، ما يعرض الأطفال الذي يشترونها لاحقاً للخطر. ويؤدي إنتشار الأمراض بين الأطفال، إلى قرار إقفال المصنع، ما يثير سخط المرضى والطبيب. 


يشارك في "لوبيتو"، الطفل "علي"، وهو إبن الطبيب النفسي، يعيش معه في المصح/المصنع، ويجعله على تماس مباشر مع المرضى. ويساعد التدخل الملائكي للطفل في كشف المؤامرة، بمساعدة الممرض "الجنرال" الطاعن في السن، والشاب المصري "الريس" الذي يتحدث لحلّ لغز المؤامرة. 

كما وتتيح المؤامرة على المصحّ، إدخال شخصية شقيقة الطبيب "العمة مريم"، وهي طبيبة نفسية أيضاً، تصرّ على معالجة المرضى بالعقاقير والتنويم بالأدوية، للحد من "جنونهم أو إضطراباتهم"، لكنها سرعان ما تعترف بخطئها وتساند شقيقها في حل المشكلة والثناء على نظريته، بالعلاج النفسي عبر الإنتاجية والمرح والكوميديا.  

يُكرس الفيلم مفهوم "التدخل الإلهي والملائكي" لمساعدة الطفل في كشف الخديعة، ومع إمتياز باللغة البصرية الممتعة للأطفال والكبار معاً، فالصور متناسقة والألوان جذابة ولافتة، وهناك سرعة في حركة الكاميرا وتفاصيل المشاهد التي يعرضها العمل. 

الفيلم مدبلج بالعربية الفصحى مع ترجمة بالإنكليزية، وفيه شخصيات تتحدث لهجات مختلفة، لبنانية وسورية ومصرية. كما يحوي الكثير من الأغاني والرقصات التي يؤديها المرضى. ورأى بعض الحاضرين أن الفيلم "يروج لموسيقى الراب، وهو أمر مرفوض في البيئة الثقافية الإسلامية والإيرانية أو الحزبية كحزب الله". 

لكن أسئلة كبرى تُطرح، عن قصة العمل والموضوع الرئيسي، أي المرض والمرضى النفسيين، فالمجتمع ما زال لا يتقبّل الفكرة، فكيف سيكون تمريرها للأطفال؟ وإن كان هدف الفيلم أن يخلق لدى الأطفال إدراكاً وتقبلاً للمرض النفسي، كأي مرض آخر، وأن المريض هو جزء من المجتمع، ويجب أن تكون لديه فرص للشفاء والإندماج، فكيف سيترجم على أرض الواقع؟ 

وإذا كانت شخصية الطفل "علي"، تجسد براءة الطفولة وقربه لجمهور الأطفال، فهل سيمتلك القدرة على تبسيط مفهوم المرض النفسي من أجل عقول الأطفال؟ وهل الفئة العمرية المستهدفة في العمل كانت مدروسة؟ فمشاهدة الفيلم، وتبعاً لمشاهدي العمل، يجب أن تكون لسن المراهقة أي فوق 14 عاماً. 


الواضح من السياق الاعلامي عن الرسائل المستخلصة من الفيلم، أنه يكرس مفاهيم تتعلق بالصبر والتفاؤل، وعدم اليأس، وإختلاق الحلول لحل المشاكل التي تصادف الأفراد في الحياة، ولم يتحدث أي طفل عن الشق الدامج للمرضى النفسيين، والذي هو أساس العمل.

كما لم يوضح صُنّاع العمل لماذا سُمي الفيلم "لوبيتو". وماذا تعني لهم القصة؟ ويدخل الفيلم بعض المشاهد التي لا صلة مبررة لها بالعمل، سوى كونها في إطار كوميدي، كمشهد قيام أحد المرضى بصنع قالب حلوى لزملائه من النفايات التي تفوح منه الروائح الكريهة، إحتفالاً بصنعهم ألعاباً جميلة.  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها