الخميس 2023/05/18

آخر تحديث: 23:17 (بيروت)

الأسد في جدة.. خيبات ورهانات

الخميس 2023/05/18
الأسد في جدة.. خيبات ورهانات
increase حجم الخط decrease
يشغل رئيس النظام السوري، كرسي سوريا في الدورة الـ32 من العربية العربية التي تُعقد الجمعة في جدّة، لكن الأزمة السورية لم تنتهِ، وجراح السوريين لم تندمل، والمعارضة السورية لم تنتصر، رغم كل الاحتفالات الموالية، الخيبات المعارِضة، والرهانات بتغيير أوضاع الجائعين في سوريا. 


آلاف التغريدات تتنازع الحقيقة. تختلط الآمال بالوقائع، والتصورات المسبقة بالحقائق التي لم تخرج بعد من البيان الختامي للقمة العربية. حضور الاسد في القمة، يعني نهاية عزلته العربية. لكنها عودة مشروطة، مثقلة بعشرات الملفات التي يطالبه العرب بها. ليست العودة بمثابة شيك على بياض، كما يتصور موالوه في الداخل، ولا اعترافاً بقوة نظامه، كما يتصور مؤيدوه في الخارج. صحيح أن القمة ستفتح ملف عودة البعثات الدبلوماسية العربية الى دمشق، لكنها ستطرح ملف عودة اللاجئين أيضاً، وإنهاء ظاهرة عصابات تصدير المخدرات، وملف إعادة الإعمار أيضاً.. وهي تحديات تنتظر حسماً. 

والأزمة، ما زالت مفتوحة على عناوين كثيرة. لا يريد المطبّلون الاعتراف بها، ولا يريد الموالون تصديقها. ينتظر هؤلاء انفتاحاً اقتصادياً يخرجهم من بؤسهم، طالما أن جميع السُبُل مقفلة أمامهم. لم يستطيعوا الخروج من البلاد بحثاً عن مستقبل أفضل، ويحاذرون الهروب في البلَم، لقلة الحيلة أو لقصور اليد، أو خوفاً من المجهول. 


يئنّ السوريون تحت ضغط الأزمة. باتت المحروقات حاجة ملحّة، كذلك الأدوية، وأصناف من الغذاء.. حتى البصل بات الحصول عليه أقصى طموحات السوريين، بما يذكّر بواقعة الموز والحمضيات والخبز السياحي في الثمانينيات الذي كان يُهرَّب من لبنان. 

لا مصانع قادرة على العمل والتصدير، لموانع وصول المواد الأولية. موانع خارجية بسبب العقوبات، وموانع داخلية بسبب شحّ العملة الصعبة. حتى حُقن التجميل التي تشغل المئات في مستشفيات وعيادات دمشق، وتدرّ على البلاد العملة الصعبة، باتت عملة نادرة، لولا تهريبها من تركيا وبيروت. ما زال قانون "قيصر" فاعلاً، لن تنقذ خطوة الانفتاح العربي السوريين منه.. أما الأوروبيون الذين فوجئوا بالخطوة العربية، فما زالوا على موقفهم من "نظام يقتل شعبه".
 

الحقيقة الوحيدة في هذه العودة، هي هزيمة المعارضة السياسية التي لم تقدم طرحاً بديلاً لما قدّمه الأسد. امتثلت به، ميدانيا وسياسياً، وراهنت على الخارج الى أقصى مدى. لم تراعِ التوازنات السورية، ولم تقتنص لحظة ضغينة عربية تجاه الأسد. تأخرت الثورة، والدول لا تمنح مُهلاً مفتوحة. كل فرصة مقيدة بزمن. ولم يعد زمن الثورة، وربما لن يعود.

ما العمل؟ هو السؤال الأكثر إلحاحاً. لا يمتلك الثوار خيارات كثيرة، غير التعبير عن الخيبة.. ولا يمتلك الموالون خيارات سوى الرهان على الوقت. خسر المعارضون ثقة الخارج، ولم يكسبوا ثقة الداخل وولاءه. في هذا الوقت، لم يعد متاحاً غير التغيير البطيء. جيل جديد من السياسيين والأكاديميين، يستعد لمواكبة التغيير، بعدما انكسرت هالة النظام، واستلذ مواطنوه بشتيمته. جيل يدرس تجارب الماضي، ويعدّ لجولة أخرى من التغيير السلس.. وهو مسار طويل وشاق، يمتد ربما لسنوات، لكنه سينجح في النهاية في الوصول الى دولة ديموقراطية، تحترم الحريات، وتؤمن بأنه "لو دامت لغيرك.. لما اتصلت اليك". 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها