الخميس 2023/04/06

آخر تحديث: 21:34 (بيروت)

"فرسان الظلام": وشوم متحركة وسيوف بلاستيكية وجماجم رخيصة!

الخميس 2023/04/06
"فرسان الظلام": وشوم متحركة وسيوف بلاستيكية وجماجم رخيصة!
سلوم حداد في "فرسان الظلام"
increase حجم الخط decrease
ظلَ الكاتب الفلسطيني السوري، هاني السعدي، غائباً عن الدراما التلفزيونية ما يقارب أربعة عشر عاماً، من دون أي تصريح منه عن سبب غيابه؛ إذ قدم آخر أعماله الدرامية العام 2009، في مسلسلي "آخر أيام الحب" و"سفر الحجارة"، ليختفي بعدها بلا تفسير، حتى أعلنت ابنته، الممثلة روعة السعدي، في بداية العام الحالي أن سبب غيابه هو إصابته بمرض "الزهايمر" منذ ست سنوات، ووصوله إلى مرحلة متطورة من المرض، نسي معها مسيرته الفنية وأفراد عائلته، لتوحي كلماتها أن مسيرة هاني السعدي انتهت إلى الأبد. 

لكن بعد تصريحها بفترة قصيرة، تم الإعلان عن مسلسل "فرسان الظلام – ذئاب الليل" للكاتب هاني السعدي، ليكون ضمن الموسم الرمضاني الحالي، ليعود السعدي مع الفانتازيا التاريخية، التي كانت سبباً رئيسياً في شهرته وانتشار اسمه عربياً، فهو الكاتب الذي قدم في التسعينيات أبرز المسلسلات التي تنتمي لهذا النمط، مثل: "الكواسر"، "الجوارح"، "البواسل" وغيرها. 


منذ أن بدأ مسلسل "فرسان الظلام – ذئاب الليل" أثار زوبعة سخرية في مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلق المتابعون عليه اسم "صراع العروش - النسخة السورية"، للإشارة إلى الفوارق الهائلة في المستوى الفني بين مسلسلات الفانتازيا العالمية وما يتم إنتاجه محلياً. 
هكذا بدت السخرية هي العامل الوحيد الذي أدى إلى شهرة المسلسل الذي لا يمكن بالطبع أن يقارن بمسلسلات مثل Game of Thrones وما شابهها، بل حتى يصعب أن نقارنه بمسلسلات الفانتازيا التاريخية السورية في التسعينيات، التي كانت أفضل منه بمراحل، رغم ضعف الإمكانات التي أنتجت بها تلك الأعمال بالمقارنة مع "فرسان الظلام – ذئاب الليل"، الذي أخرجه سامي جنادي، واستخدم فيه كاميرات ذات جودة أعلى. لكن الحكاية الركيكة والحوارات السطحية والأداء الضعيف عقّد الأمور، وجعل المسلسل مثيراً للسخرية بكل المقاييس.  


تدور أحداث المسلسل حول مجموعة من قطّاع الطرق والمجرمين، هم "ذئاب الليل" الذين يترأسهم الساحر "أبو الحكم" (سلوم حداد)، ويقودهم "أبو الدهماء" (مهيار خضور). يقرر "ذئاب الليل" أن يستولوا على مدينة "ريحان" التي يحكمها حاكم صالح يمثل الخير المطلق؛ فيعملون على دس المؤمرات والمكائد فيها. 

إلا أن التركيز في العمل يكون حول قصص حب سطحية للغاية، لتتحول قصة السيطرة على مدينة "ريحان" إلى قصة فرعية، أمام قصص الحب المتشابكة بين فتاة اسمها "سلمى" من شعب "ريحان"، التي يقع في حبها قائد ذئاب الليل "أبو الدهماء"، وشاب يدعى "زيد" (لجين اسماعيل)؛ لتتحول الحكاية بعد بضع حلقات إلى مثلث علاقة حب تقليدي، تخلو فيه الحكاية من أي إثارة، لأن أحد العاشقين يمثل الخير المطلق، والآخر يمثل الشر المطلق، والجمهور يعرف جيداً خيار الفتاة الذي لن يتغير حتماً.

أبرز مشاكل المسلسل على مستوى الإخراج، أن العمل يفتقد هوية بصرية واضحة ومنطقية، فالسينوغراف جاء خليطاً بين البيئة الشامية ومسلسلات الفانتازيا التاريخية القديمة بطريقة غير منطقية، فنشاهد منازل مصنوعة من الطين وفي داخلها أساس مصنوع من الموزاييك الدمشقي! أما الطرق الترابية التي يتجول فيها أبطال المسلسل على الخيول، فتبدو واضحة فيها آثار عجلات السيارات! 

لكن أكثر العناصر رداءة هي الأزياء، التي تبدو خليطاً بين الأزياء العربية وأزياء قديمة تنتمي لحضارات مختلفة من المناطق الباردة ويغلب عليها استخدام الفراء وتصاحبها اكسسوارات رخيصة ومعاصرة! فأحد أبطال المسلسل يرتدي عباءة دمشقية سوداء مع قفازين ثلجيين معاصرَين بلون أسود، ويتزين بجماجم بلاستكتية رخيصة.

ربما بدت الصورة في "فرسان الظلام – ذئاب الليل" أكثر رداءة، لأن الكاميرات التي استخدمت لتصوير العمل حديثة وعالية الجودة، على عكس الكاميرات الرديئة التي كانت مستخدمة في التسعينيات، والتي كانت ربما تغطي على الكثير من العيوب، لا سيما العيوب المتعلقة بالمكياج الرديء المستخدم مع الشخصيات الشريرة كثيرة الوشوم وغريبة الشكل. 

فبطل مسلسل "فرسان الظلام"، سلوم حداد، يتميز بوشم كبير على جبهته؛ فيختلف شكل الوشم ومكان تموضعه في كل حلقة، فكل شيء يتم إنجازه من دون مراعاة للدقة أو أي متطلبات الاحترافية في صناعة الدراما. 

وكذلك تفضح الكاميرات عالية الجودة ركاكة الإنتاج في مشاهد المعارك، التي تستخدم سيوفاً بلاستيكية، بالكاد تصلح ألعاباً للأطفال، وتكتمل رداءة المشهد مع ضعف أداء الممثلين، الذين لا يتعاطون مع السيوف البلاستيكية كأسحلة ثقيلة وجارحة، ولا يبذلون أي جهد يُذكر ليوهمونا بأنها حقيقية، كما يفترض أن يفعل أي ممثل!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها