الأحد 2023/03/26

آخر تحديث: 16:34 (بيروت)

جوانا لانداو تدير معركة اسرائيل الرقمية:رغم الهزيمة..هناك فرصة!

الأحد 2023/03/26
جوانا لانداو تدير معركة اسرائيل الرقمية:رغم الهزيمة..هناك فرصة!
increase حجم الخط decrease
"مهما فعلنا، لماذا لا يمكننا الانتصار في حرب العلاقات العامة لإسرائيل، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي؟"

 هذا السؤال المتكرر في دولة الاحتلال، بات ملحاً، واعادت طرحه اخيراً الكاتبة الإسرائيلية جوانا لانداو، بصفتها أحد المهندسين للدعاية العبرية، في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" ذات التوجه اليميني.

والسؤال قصدت به لانداو اعترافاً نادراً بالحقيقة، وهي أن إسرائيل تخسر المعركة الرقمية، ولو نجحت حيناً.. وأرادت بالاعتراف أن يكون نقطة انطلاق نحو صياغة معركة مضادة تشمل تكتيكات جديدة لمحاصرة المحتوى المناهض لإسرائيل وإضعافه.

ويبدو أن شعور إسرائيل بانكشاف وجهها الحقيقي أمام من صدق أكاذيبها من هذا العالم في وقت ما، هو ما استدعى استنفاراً من صناع المحتوى الدعائي الإسرائيلي في السوشال ميديا.

تنطلق جوانا لانداو في مقالها من الحرب على غزة في مايو/أيار عام 2021 للدلالة على استنتاجها، حيث تقول إنّ وسائل التواصل الاجتماعي انفجرت بـ"خطاب عدواني ومعاد للسامية في بعض الأحيان ضد إسرائيل. واتهمنا بالتطهير العرقي وقتل الشعب الفلسطيني".

كيف تُصنع الدعاية الرقمية؟
لانداو كشفت في مقالها بعضاً من طريقة التجييش للدعاية الإسرائيلية، وذلك بقولها إن الإسرائيليين، كما تجري العادة في هكذا ظروف، ردوا على الخطاب الكاره لإسرائيل، فجُمعت الأموال على وجه السرعة خلال حرب غزة لزيادة تدريب نشطاء إسرائيليين في الجامعات وعبر الإنترنت، فضلا عن إنشاء غرف حرب بلغات متعددة للرد على المحتوى المضاد لإسرائيل.

وذكر مقال "إسرائيل اليوم" أن "المؤثرين المؤيدين لإسرائيل" عملوا على "فايسبوك" و"تويتر" و"انستغرام" و"تيك توك" ساعات إضافية، معتبرا أن "الجميع خاض معركة جيدة"، لكنه اعترف بـ"عدم فعاليتها"، عدا عن أنها لم تكن مؤشراً على "الانتصار الإسرائيلي" في ساحة المعركة الرقمية، وفق جوانا لانداو.

"التخلي عن المناصرة التقليدية"
ويقدم المقال الإسرائيلي نقداً لطريقة العمل الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة: "نلوم معاداة السامية، وحركة BDS، و(عارضة الازياء الاميركية الفلسطينية الاصل) بيلا حديد، لكن طريقة عملنا غير فعالة، ومحاولتنا للفوز في حرب العلاقات العامة باستخدام تكتيكات المناصرة التقليدية عبر الإنترنت يمكن أن تذهب سدى".

لكنّ لانداو عادت لتحمل المسؤولية لمنصة السوشال ميديا نفسها باعتبارها المشكلة، وليست "الجهود الشجاعة التي يبذلها المدافعون المتحمسون"، على حد تعبيرها.. إذ تدعي أنه ليس هناك من وقت لتقديم حجة قوية على هذه المنصة؛ لأن المحادثات تجري بسرعة فائقة، خصوصاً إذا كان العديد من الأشخاص يعلقون ويستجيبون لبعضهم البعض. 

والإشكالية هنا، بمنظور لانداو، أنه "لا يمكنك ببساطة تغيير قناعة الشخص في ثلاث أو أربع ثوانٍ. أنت بحاجة إلى مزيد من الوقت. أكثر بكثير". كما وتشير إلى "تحدٍ" إسرائيلي آخر في هذه المعركة، يتمثل بعدم وجود أرضية مشتركة على هذه المنصات؛ إذ ترى أن "البشر بطبيعة الحال ينأون بأنفسهم عن الأشخاص الذين ليس لديهم أي قاسم مشترك معهم بالأفكار ووجهات النظر، فلا يستمعون لشيء مغاير".

ثمة عقبة أخرى أمام "فوز" إسرائيل بالمعركة على الإنترنت، وهي أن الشبكة الافتراضية تعتمد تماما على الحقائق والأرقام والمصادر الموثوقة لتقديم "رواية إسرائيل"، وهو كلام يُفهم منه ضمنياً أن هذه الدعاية تفتقر إلى ذلك؛ لأنها قائمة أساساً على الكذب والتضليل.

وفقاً لمجلة "هارفارد بيزنس ريفيو"، فإن الحقيقة التطورية هي أن أدمغتنا مجبرة على أن تصبح دفاعية في أوقات الصراع واستبعاد أي آراء متناقضة، وهذه المقولة استندت إليها لانداو لتعزيز استنتاجها المذكور.

الالتفاف على خوارزمية التواصل
ويتفاقم هذا لأنه عندما تكتشف خوارزمية وسائل التواصل الاجتماعي المحادثات التي تحتوي على الكثير من التفاعل، بالإضافة إلى الحجج، فإنها تُمنح "وقتاً أطول على الهواء"، وهذا ما تعتبره الكاتبة الإسرائيلية عاملاً يصعب الأمر أمام دعاية الاحتلال رغم رصد موازنات وإمكانات ضخمة لها.

وتنطلق لانداو نحو إعطاء إرشادات للإسرائيليين والمناصرين لدولة الاحتلال على السوشال ميديا، أبرزها عدم التفاعل مع أي منشور مناهض لإسرائيل؛ لأنه "لا جدوى من الانخراط لأنك على الأرجح لن تفوز في المناقشة لجميع الأسباب المذكورة أعلاه"، وفق قولها.

وتابعت: "رقصة التانغو تتطلب اثنين، إذا لم تستجب، فلن تكتشف خوارزمية السوشال ميديا زيادة التفاعل. وبالتالي، فإن مدة صلاحية البيانات التي يشاركها المناهضون لإسرائيل ستنتهي بشكل أسرع".

كما تنصح خبيرة الدعاية الإسرائيلية بالبحث عن الأشخاص "الأكثر اعتدالاً" في تبادل النقاش على انفراد وليس جمعيا، للالتفاف على خوارزمية المنصات الافتراضية، وبما يضمن "النجاح" بتغيير الموقف من إسرائيل. ودعت أيضا إلى الترويج "الإيجابي" لإسرائيل قبل الأزمة وبعدها، وعدم ربط كثافتها بأحداث ومناسبات معينة..وتساءلت: "هل سنترك حقًا 11 يومًا تحدد صورة إسرائيل لشهور وسنوات قادمة؟".

وختمت لانداو مقالها بآخر إرشاد، وهو أن يركز "مناصرو إسرائيل" على تغيير ما وصفتها بـ"الأغلبية المحايدة" من هذا العالم، مشددة على "أن الإسرائيليين يجب أن يحددوا رواية إسرائيل وليس الكارهين، هناك فرصة لدينا قبل حدوث الأزمة التالية، وبعد ذلك تكون لدينا فرصة قتالية لكسب حرب العلاقات العامة لإسرائيل".
مَن هي جوانا لانداو؟
من خلال بحث أجرته "المدن" عن كاتبة المقال، اتضح أنها محامية إسرائيلية بريطانية المولد تسكن الآن في تل أبيب، وتشغل موقعاً أكاديمياً وإدارياً في جامعة تل أبيب، إضافة إلى كونها مُؤسِسة لـ"vibe israel" الهادفة إلى تغيير الطريقة التي يُنظر بها إلى إسرائيل في الرأي العام العالمي وزيادة علامتها التجارية دولياً.

وقبل تأسيس المنظمة التي توصف بأنها "غير ربحية"، عملت جوانا كمحامية في صناعة التكنولوجيا الفائقة وأنشأت شركتين ناشئتين على الإنترنت مقرهما في تل أبيب.

الحال أن علاقتها مع الوزارات والمسؤولين في دولة الاحتلال توحي أنها مدعومة رسميا، وأن مهمتها ليست تطوعية وإنما بإيعاز من جهات حكومية في دولة الاحتلال، فنراها سابقاً قد قدمت نصائح لرجال أعمال إسرائيليين بإيعاز من وزارة الاقتصاد بشأن قواعد السلوك في الإمارات، قائلة لهم: "أترك الوقاحة في البيت".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها