الإثنين 2023/03/20

آخر تحديث: 21:13 (بيروت)

بشير خضر.. مؤشر التحولات اللبنانية ضد النازحين السوريين

الإثنين 2023/03/20
بشير خضر.. مؤشر التحولات اللبنانية ضد النازحين السوريين
محافظ بعلبك الهرمل (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease
حجم الدعم اللبناني لتصريحات محافظ بعلبك الهرمل، بشير خضر، تنفي الانقسام عليه، بعدما اشتغلت ماكينة اعلامية على دعمه، تشمل جميع القنوات التلفزيونية اللبنانية، وعشرات المؤثرين في "تويتر"، أظهرت تبدلاً واسعاً في مزاج اللبنانيين نحو السوريين، واختلافاً في النظرة نحوهم.

افتتحت قناة "أو تي في" نشرتها المسائية، ليل الجمعة، بفيديو خضر الذي قال فيه إن راتبه، كأعلى وظيفة ادارية في الدولة اللبنانية، اقل مما يتقاضاه النازح السوري. في اليوم التالي، أضاءت قناة "الجديد" على تصريحاته، كذلك فعلت قنوات وإذاعات أخرى، من دون صدور أي موقف اعلامي ناقد أو مشكك في ما قيل. تصريحاته نفسها جدلية، بالمعنى الإنساني والسياسي، ولا تحتاج الى تأويل أو تفسير. ووجد قليلون، بينهم ناشطون حقوقيون وداعمون للثورة السورية، أنفسهم، في موقع الانتقاد، وتعرضوا بدورهم لهجمات الكترونية. 

وتراجُع الدعم للنازحين، يؤشر حكماً الى تبدل في المزاج اللبناني، كل طرف من مقاربة مختلفة. فإذا كان "التيار الوطني الحر" وحده من يتبنى خطاب اعلامياً واحداً منذ 12 عاماً، الى جانب القوى المؤيدة لنظام بشار الأسد، فإن آخرين وجدوا أنفسهم في موقع الإحراج. لا يمكن لـ"القوات اللبنانية" في هذا الوقت أن تخالف المزاج المسيحي الذي نجح رئيس "التيار"، جبران باسيل، في تشكيله على مدى سنوات.. ولا يمكن لـ"الكتائب" أن تدافع عن بقاء السوريين، لخوف كثيرين من العوامل الديموغرافية. وبالتالي، فإن هذا الخطاب، سيجد فرصته في الظهور في الاعلام. 


وعلى ضفة معارضي "القوات" و"الكتائب"، فإن المنطلقات تأتي من التأييد لنظام الأسد، باعتبار أن ورقة النازحين يستطيع الغرب استخدامها ضده في أي تسوية سياسية، وفي أي انتخابات. في حين يزداد الانفتاح العربي على الأسد، ومن بوابة معالجة أزمة النازحين، ما يعيد تشكيل الرأي اللبناني المؤيد للدول العربية، وفي مقدمها دول الخليج ومصر، فيؤثر حكماً في آراء كثيرين لن يتمكنوا من التغريد خارج السرب. 


تلك العوامل المتضافرة، أعادت تشكيل نظرة اللبنانيين تجاه النازحين. بعضها، مبدئياً، من وجهة نظر مخاوف وجودية، وبعضها الآخر، سياسياً، كمواكبة للتحولات العربية تجاه النظام. بقي المبدئيون في مواجهة تصريحات خضر، وكانوا مع قلة من المنتفعين الذين يبدلون جلودهم، والذين يبدو أنهم في طور تبديلها مجدداً الآن بعد تراجع حجم المساعدات والدعم الدولي للنازحين في لبنان، بسبب الأولويات الأوكرانية.
 

أجاد خضر الاستفادة من لحظة لبنانية حاسمة، غير مرتبطة بالسياقات السياسية. تحدث بلسان عشرات آلاف اللبنانيين من موظفي القطاع العام الذين لا تتعدى رواتبهم الآن المئة دولار. استطاع أن يجمع الأضداد، والأقطاب المتأثرة بالتحولات السياسية، واستنهض مخاوف المتوجسين طائفياً. حاكى التناقضات بالأرقام، وبالقانون، فلم يترك، شكلياً، ما يُدينه. لكنه لم يُناقش الأبعاد السياسية-الأخلاقية، والإنسانية، والعوامل الموضوعية التي تمنع عودة النازحين، وفي مقدمها الموانع الأمنية للعودة، مثل الاعتقالات، والموانع الشخصية مثل الاقتياد للخدمة العسكرية الإلزامية، والموانع الاقتصادية وفي مقدمها الحاجة والفقر والجوع وفقدان البلاد للمحروقات والمشتقات النفطية، فضلاً عن التعليم والطبابة وفرص الحياة المتكافئة. 


بعد عامين من اندلاع الحرب في سوريا، كان أصوات اللبنانيين المرحبة بالنازحين السوريين، مرتفعة الى حد كبير. كانت الثورة السورية في أوجها، وكانت قوات المعارضة السورية على مسافة مئات الأمتار فقط من وسط دمشق. توقع كثير من اللبنانيين أن الحرب ستنتهي، لا محالة، لصالح المعارضة، وسيعود النازحون ظافرين، طالما أن السلطة ستتبدل، وسيرحل النظام. 

الآن، كل شيء تبدد. تعود عقارب الساعة، عربياً، الى مرحلة ما قبل سقوط نظام صدام حسين في العراق في 2003. ستلقى تصريحات بشير خضر التأييد الواسع إعلامياً، وصمت القوى السياسية. وسيكون النازحون في آخِر أولويات الاهتمامات العربية، إلا ضمن تسوية تعيدهم الى حكم الأسد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها