الجمعة 2023/03/17

آخر تحديث: 20:33 (بيروت)

"الشاباك" يحتكر معطيات التسلل: لا نذر حرب..لكن الغيوم تتجمع!

الجمعة 2023/03/17
"الشاباك" يحتكر معطيات التسلل: لا نذر حرب..لكن الغيوم تتجمع!
increase حجم الخط decrease
لعلّ الرواية الوحيدة بشأن موقعة اختراق الحدود من جهة لبنان، إلى قلب فلسطين المحتلة، هي إسرائيلية فقط، وتحديداً من قبل جهاز "الشاباك" الذي يقود مهمة التحقيق فيها.. وهو ما يعني اشتمالها على "الدعاية" والرسائل الموجهة أكثر من نشر معلومة واضحة قد تضر بدولة الاحتلال.
وفيما ذهبت قراءات إلى اعتبار أن الهدف من عملية الاختراق هو جسّ نبض إسرائيل لفحص كيفية تصرفها في مثل هذه الحالة، أكثر من الرغبة في قتل إسرائيليين، لم يجد الإعلام العبري إجابات على الكثير من الأسئلة.

والعجز عن تقديم الاجابات، عائد لسببين: أولاً، عدم امتلاك الأمن الإجابات المطلوبة للعديد منها، وثانياً استمرار جهاز الشاباك في سياسة التعتيم حتى بعد نشر البيان الأمني، وهو ما دفع المحللين العسكريين إلى القول إن البيان لم يمنع وجود علامات استفهام كثيرة بقيت مُخيّمة على القضية، وخصوصاً في ما يتعلق بكيفية تمكن المنفّذ من اختراق الحدود ثم السير مسافة سبعين كيلومتراً إلى العمق، ليبقى فيها أكثر من 24 ساعة قبل زرعه عبوة ناسفة على مفترق مجدو وتفجيرها.

هذا الأمر فتح الباب أمام تساؤلات إعلامية عبرية عما إذا كان الحدث الأمني قد كشف تقصيراً أمنياً في تأمين الحدود، لكن الدوائر العسكرية حاولت التبرير بالقول إن السياج الحدودي مع لبنان غير مغلق بشكل كامل، وأن استكمال بناء الجدار العائق سيوفر الحماية اللازمة.. غير أنّ محللين في غرف أخبار محطات التلفزة الإسرائيلية اعتبروا هذه الردود العسكرية "غير كافية".

لا صور تؤكد قتل المنفّذ
بالرغم من تلميحات إسرائيلية رسمية بأن العملية مخطط لها، ومُركّبة، بدعوى أن أكثر من طرف قد "تورّط فيها"، في إشارة إلى فرضية وقوف "حماس" و"حزب الله" خلفها بشكل مشترك، إلا أن الرواية الأمنية لم تقدم دليلاً قاطعاً حتى اللحظة بشأن ذلك.

وهنا، يبرز السؤال عن إمكانية حسم الدليل طالما تم قتل المنفّذ، على الأقل بحسب رواية البيان الأمني.. وفي النهاية، لم ينشر الأخير صوراً تؤكد رواية قتله، وهو ما يثير استفهامات حول فرضية اعتقاله وخضوعه للتحقيق!

مخطّط ومُشترك
مراسل القناة العبرية "12" للشؤون العسكرية، نير دفوري، قال إن الشخص الذي تسلل من لبنان تم تأهيله وتدريبه جيداً لهذه المهمة، مدعياً أن اختيار مفترق مجدو لوضع العبوة الناسفة وتفجيرها ليس صدفة. وأضاف: "العبوّة أُعدت بشكل محترف جداً على يد حزب الله، والعملية مشتركة بين ذراع حركة حماس في لبنان وحزب الله". لكنّ دفوري قال إنه لا يُعرف حتى الآن كيف ومن أي مكان حصل التسلل!

بيانٌ..لوقف "الشائعات"!
اللافت في هذه الحادثة هو سهولة انتشار ما اعتُبرت "شائعات مُبالغاً فيها" في دولة الاحتلال على نحو غير مسبوق، وهو ما كان سبباً لتسريع إصدار بيان "الشاباك" رغبةً في وقف حالة الرعب التي أصابت الإسرائيليين نتيجة تداول "أنباء"، تارة عن أنفاق عابرة للحدود واختراقها من آخرين، وتارة أخرى عن اعتقال خمسة عناصر من "حزب الله" نجحوا في التسلل إلى عمق الدولة العبرية بهدف تنفيذ "عملية ضخمة". 

وأثارت "الشائعات" نقاشاً إسرائيلياً داخلياً حول جدوى سياسة التعتيم التي تفرضها الرقابة العسكرية، خصوصاً في ظل مثل الوضع الراهن الذي يُعدّ أكثر حساسية منذ نشوء إسرائيل. وبدا أن الهدف من البيان الأمني هو لجم "الشائعات" أكثر من أي شيء آخر.

غيوم تتجمع
بالرغم من الحدث غير الاعتيادي، اعتبر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، أن "تسلل لبنان قد لا ينذر بحرب حزب الله الوشيكة، لكن الغيوم تتجمع"، مشيراً إلى أن أحداث هذا الأسبوع لم تكن لتنذر بحرب جديدة مع "حزب الله" أو بقدوم متأخر لانتفاضة ثالثة في الأراضي المحتلة، لكنها تُؤشر إلى "تطورات مقلقة تشهد على رغبة العدو في ربط ساحات حملته المختلفة"، بحسب هارئيل.

وتنشغل الدوائر الأمنية الإسرائيلية بالسؤال "الصعب"، كما يُستشف من صحيفة "إسرائيل اليوم" التي تفيد بأن التجاهل سيبدو ضعفاً بينما أي رد إسرائيلي سيؤدي إلى معركة، لتطرح السؤال "الصعب": كيف ستتصرف إسرائيل إزاء لبنان؟

كما تساءلت الصحيفة عن سبب تفجير المنفّذ لعبوة مجدو بشكل "هاوٍ"، ولماذا لم يستخدم الحزام الناسف الذي بحوزته ومعه سلاحه الرشاش في تنفيذ عملية أخرى؟

وتمنّت "إسرائيل اليوم" لو تم اعتقال المتسلل لمعرفة كامل المعلومات باعتبار أنها "مفيدة  في تحصين الحدود" ومنع محاكاته في مرات لاحقة.

"فرصة لتصحيح الإخفاق"
تحاول انتقادات إسرائيلية أن تجعل الإخفاق فرصة للمعالجة، عبر الإشارة إلى أن ما جرى يعطي النظام الأمني الاسرائيلي "فرصة لتصحيح الإخفاقات في الأوقات المعقولة"، على حد قولها. 

لكن "التصحيح"، بحسب المراقبين، يعتمد على حجم المعلومات التي يمتلكها الأمن الإسرائيلي بشأن الاختراق الذي حصل، فهل يضطر إلى الإدعاء بالمعرفة للتغطية على جهله لكثير من المعطيات الضامنة لـ"تحصين" الحدود؟.. أم سيخفي المعلومة، حتى لو عرفها، لدواعٍ أمنية وسياسية؟

في المحصلة، التسلل حدث، لكنّ تداعياته لن تتوقف عند قتل المنفّذ ولا برواية وحيدة، كما يظهر من طريقة التعاطي الأمني والإعلامي مع الأمر، ولعلّ الأيام المقبلة كفيلة بتحديد حجم الحدث ومآلاته المستقبلية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها