السبت 2023/03/11

آخر تحديث: 20:38 (بيروت)

"الممانعة" تتنفس: كيف سينعكس الاتفاق السعودي الإيراني في ساحاتها؟

السبت 2023/03/11
"الممانعة" تتنفس: كيف سينعكس الاتفاق السعودي الإيراني في ساحاتها؟
الاتفاق السعودي الايراني برعاية صينية
increase حجم الخط decrease
تنشق جمهور القوى السياسية المؤيدة لايران، هواء حُجب عنه منذ العام 2016، بالاعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية، بمبادرة من الصين، ما رفع تقديرهم مرة أخرى للعودة الى الساحة السياسية الاقليمية بمساحة أوسع، فاتخذ شكل الترحيب لانعكاسات الاتفاق على "أمن واستقرار المنطقة".

لطالما شعر الناشطون المؤيدون لإيران، بعزلة إقليمية. كانت مساحة التحرك مقيدة الى حد كبير، تماماً مثل مساحة الحضور المحاصرة بانتقادات واسعة، مرة للداخل الإيراني، ومراراً لطموحات طهران في المنطقة، وسط اتهامات باستخدام أذراع للتمدد في الاقليم. 

هدأ الخطاب الانتقادي إثر الاتفاق الذي بدا إعادة تشكيل لتوازنات جديدة. بالنسبة لمؤيدي طهران، عادت المعركة الى قواعدها الأولى، حيث كانت محصورة في الولايات المتحدة واسرائيل. يدرك هؤلاء اليوم أن هناك ظهراً مؤمناً وفّره اتفاق السعودية مع إيران، سينعكس تهدئة في مناطق النفوذ الإيراني سواء في العراق أو لبنان أو سوريا، ما يخفف الضغوط.
 

لعل بعض التقديرات متسرع، لجهة الحديث عن هزيمة أميركية، أو حتى هدوء في مناطق تواجد القوى المؤيدة لإيران، وانطوى أحياناً على تحليلات سياسية غير مدروسة، تقصر فيه القدرة على الربط، أو فهم تعقيدات العالم الذي يُعاد تشكيله. لكن الكلام، على الاقل، دار على المستوى الإقليمي، من دون أن تسفر مؤشراته الأولى على تهدئة في التنافس الداخلي، سواء في لبنان أو العراق أو سوريا... ومن دون أن يؤدي الى نتائج فورية تحتاج الكثير من التبصّر في طبيعة العلاقات الداخلية والتوازنات. 


منذ إعلان الاتفاق، انتشرت عبارة "نستبشر خيراً" في منصات التواصل الاجتماعي، فتناقلها المتفاعلون العراقيون واللبنانيون واليمنيون وغيرهم. فالاتفاق أضاء النفق المظلم لهذه الشعوب التي عانت آثار ارتفاع حدة الخلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية.


من اليمن الغارق في الحرب مع السعودية منذ سنوات، عبّر اليمنيون باختلاف انتماءاتهم عن سعادتهم واستبشارهم في الاتفاق، آملين أن ينهي الحرب الدائرة بين جماعة الحوثي والجانب السعودي من جهة، ويكبح الذراع الإيرانية في العمق اليمني بناءً للتفاهمات والتوازنات التي سيفرضها الاتفاق من جهة ثانية.
 

أما الشارع العراقي المُنهك بتجاذبات سياسية فرضتها الخلافات بين إيران والسعودية، فاعتبر الاتفاق عاملاً ايجابياً لتأمين الاستقرار في الداخل العراقي، وإعادة للتوازن الداخلي بعد التذمّر الشعبي من السطوة الإيرانية.


أما لبنان، فقد شهد القسم الأكبر من التفاعل. اشتعلت المنصّات بالخبر والترحيب وعمّت الإيجابية التفاعلات الرقمية. وليس مستغرباً أن تكون الساحة اللبنانية الأكثر تأثّراً، فالسعودية وإيران لاعبان أساسيان في السياسية الداخلية اللبنانية من جهة، ومن جهة أخرى تُشكّل السعودية مرجعية لفئة كبيرة من الطائفة السنيّة وحلفاء آخرين من الطوائف المسيحية، كما تُشكّل إيران مرجعية لفئة كبيرة أيضاً من الطائفة الشيعية.


اعتبر المتفاعلون اللبنانيون، الاتفاق، مفتاحاً لحل الأزمات السياسية اللبنانية وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية، كما اعتبره العديد تنفيساً للجو المشحون والذي كاد أن يصل حد اعتبار الممانعين أن السعودية عدوة لهم. ومن جانب آخر، نظر العديد منهم للأمر كحل للأزمة الاقتصادية الحاصلة، على اعتبار أن السعودية لها باع طويل في لبنان عبر تقديم المساعدات المالية أو الودائع والمُساعدة في الحفاظ على العملة الوطنية. 

ومن الواضح، إثر تلك التقديرات، أن ثمّة توجّهاً بتخفيف الحملات الإعلامية والرقمية تجاه طرفي الاتفاق من قبل الأطراف الداخلية اللبنانية، الأمر الذي يعكس تفاهماً ما مع الساسة اللبنانيين ورؤساء الأحزاب وزعماء الطوائف.

لا شك أن الاتفاق المُبرم ستكون آثاره مهمة في المنطقة ككل، تحديداً في اليمن والعراق ولبنان، وسوريا التي تتطلع الى إعادة اعمارها، وستتبلور حلحلة لبعض العُقد. الملفت في تفاعلات الشبكات الاجتماعية، هو الارتياح العام الذي عكسته التصريحات والتغريدات والمنشورات، الأمر الذي يؤكّد أن هذه الشعوب لا تحمل في دواخلها غلّاً أصيلاً أو عداوة دائمة في ما بينها، إنما تنساق بتوجّهات قياداتها المحكومة لحساباتها السياسة أو حسابات مرجعياتها الإقليمية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها