يكشف حجم التضامن مع المغني المغربي سعد لمجرد، بعد إدانته باغتصاب فتاة في العام 2016، أن معظم سكان العالم العربي لا يعترفون بقضايا العنف ضد النساء والاعتداء عليهن. ما زالت قضايا الاغتصاب "خيالاً علمياً" من وجهة نظر البعض.
كانت المفاجأة حجم التضامن الفني والتشكيك الاعلامي، والسؤال المكرر في كل حالة مشابهة: "ماذا كانت تنتظر من مخمور شاركته غرفته في الفندق"؟
والسؤال الأخير، هو نفسه السؤال الذي يتكرر عند كل حادثة مشابهة، باختلاف الشخصيات والمكان والزمان. لم يتوصل العالم العربي الى قناعة بأن جرائم الاغتصاب واقع لا شك فيه، وأن المحاسبة في هذه الجرائم ضرورة لحماية الناجيات وتعويضهن نفسياً، ولردع آخرين عن ارتكاب الجرم نفسه.
انقسم العالم العربي في اتجاهين. الأول حمل الملف على محمل المؤامرة، بالقول إن هناك نساء يصطدن المشاهير، بدليل حادثة نيمار الذي أنقذه مقطع فيديو يظهر الاعتداء عليه من قبل صبية في فندق.. تحول الأمر الى دليل لإثبات "المؤامرة" التي يتعرض لها المشاهير، حسب زعمهم، والذي يطاول المشاهير العرب والمسلمين المتحدرين من بيئات محافِظة. اتخذ الملف بُعداً قومياً، فقط لتبرير المقاربة المقيتة تلك.
أما الاتجاه الثاني، فقد عبّر عنه الفنانون والنجوم العرب بتضامنهم مع لمجرّد، ومحاولة تكريس صورة انسانية عنه، والحديث عن تواضعه. الفنانات المغربيات أبرزن هذا الجانب، من منطلق وطني محلي. ابنة بلده، مريم حسين، أطلت في مقطع فيديو باكية، وقالت فيه: "إنا لله وإنا إليه راجعون في أي مصيبة تصيب الإنسان، سواء من الله أو مؤمراة من الناسن سعد لمجرد ابن بلدنا وأخونا الله يفك كربه ورب ضارة نافعة". كذلك دنيا بطمة التي توجهت اليه بالقول: "الله يفك ضيقك.. قلبونا معك أخويا".
ومن لبنان، برز متضامنون، مثل دان حداد وزياد برجي، فيما عبّر اعلاميون عن هذا التوجه بالقول إن هناك "استغلالاً نسوياً" للواقعة!
مهما تكن الأسباب لرفض الحكم القضائي الفرنسي بالسجن 6 سنوات، الا أن الثابت هو أن المجتمع العربي ما زال يتعاطى مع الملفات من وجهة نظر قبلية، لا تقبل الاعتراف بالخطيئة عندما تتعلق بحق النساء في الحماية. اعتاد كثير من العرب على التسييس القضائي، ولم يعهدوا حكماً يعيد الحق للنساء المتعرضات للعنف والاعتداءات الجنسية. هذا الملف لم يعد مجرد "تابو". هو تآمر مع الجلادين، فيما تدفع النساء وحدهن الثمن.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها