الخميس 2023/02/23

آخر تحديث: 20:43 (بيروت)

الحُكم على نادين نجيم بمبدأ "الصواب السياسي".. أوهام!

الخميس 2023/02/23
الحُكم على نادين نجيم بمبدأ "الصواب السياسي".. أوهام!
غرق في وحول "البلاتو" نفسه الذي تتحدد معاييره بمواصفات الجمال والحضور الافتراضي
increase حجم الخط decrease
لا يخرج الجدل، بعد تغريدة الممثلة نادين نسيب نجيم، في مواقع التواصل، عن السياق الالكتروني اللبناني القائم على السجالات والاشكالات، وهو تقليد لبناني عرفه اللبنانيون منذ سنوات، وانتقل من صفحات المجلات الفنية الى جدران مواقع التواصل الاجتماعي. 


في السجال إثارة وتشويق: نجم يغرد، يتعرض للانتقادات، تنهال الردود، وينقسم اللبنانيون حولها، قبل أن يتدخل جمهور النجم على خط المؤازرة على قاعدة "انصر أخاك ظالماً أم مظلوماً"، ويتدخل جمهور المنافس أو الخصم بالمبدأ نفسه. 

إنها لعبة مسلية، يشهد اللبنانيون آخر فصولها في تغريدة محذوفة للممثلة نادين نجيم، التي شككت في الأسباب المعلنة حول ظاهرة الزلزال الذي ضرب تركيا للمرة الثانية مطلع الاسبوع، ولمّحت فيها الى مؤامرة لم تتبنّها، وتركتها على اساس تساؤل استفساري وتشكيكي، لتتماهى فيها مع تقديرات مشابهة، فيها من التشكيك ما يغذي التوقعات والأخبار الزائفة. 

انهالت الردود على نجيم التي حذفت، تحت الضغط، تغريدتها، وبقي في ذاكرة المتابعين وصفها لأحد المشككين في مضمون تغريدتها، بـ"زبّال"، في إشارة الى عامل جمع القمامة الذي كان بعض اللبنانيين ينظر اليه باحتقار ودونية، على ما يقول مغردون، قبل أن تحاول الايضاح بأنها لا تنال انسانياً من معتنقي هذه المهنة، بل توصّف النفوس القذرة. 


والجديد في السجالات القائمة، هو اسقاط نظرية "الصواب السياسي" على تصريحات مفتعلة، تدخل، في العادة، في سياق معارك الجمهور الفني. يتعامل الجمهور مع نجوم الغناء والتمثيل بالكثير من الجدية، ويشرع بالمحاكمات لدى الخروج عن قاعدة الثوابت الانسانية والمرادفات الثقافية والابعاد الانثروبولوجية لكل تصريح، وهو ضرب من الخيال، سرعان ما يكشف أن ادعاءات البعد الانساني، والصورة المثالية التي يحاول النجم رسمها، مجرد أوهام للناظر اليهم من بعيد. 


وإذا ما تم استثناء نجوم المسرح في العالم العربي، قلة من الفنانين تعتنق الأدبيات الانسانية، أو تؤمن بالمفاهيم الضابطة للغة التخاطب. معظم هؤلاء يأتي إلى الضوء من خلفيات بعيدة من السياقات الثقافية لـ"الصواب السياسي"، ومستلزماتها الانسانية. قاموس التخاطب محصور، جغرافياً، بين "بلاتو" التصوير، ومفردات مواقع التواصل التي تحوي، بلا فلاتر، رزماً من التنوع الثقافي لا يمكن ضبطها في كتيّبات.

هي حقيقة، ينكرها الكثير من رواد مواقع التواصل الذين يستنزفون وقتهم في خوض معارك لغوية، وتفسيرات للمآثر والمقاصد، استناداً الى معاجم اللغة الحقوقية. وفي المقابل، ينكر "الذباب الالكتروني" على هؤلاء جهدهم، وينقل التفسيرات الى مستويات شخصية، يصبح الخوض فيها، كالغرق في وحول "البلاتو" نفسه الذي تتحدد معاييره أخيراً بمواصفات الجمال والحضور الافتراضي. 

من هنا، تصبح محاكمة نجيم على استخدام مصطلح غير لائق، بالمفهوم الحقوقي، ومتسرّع بالمفهوم التخاطبي، عبثاً لا أثر له، سينتهي مع انتهاء مفاعيله الالكترونية بمجرد الاعلان عن مسلسل جديد، أو مشروع فني موسمي. لو كانت تدرك الأبعاد الحقوقية لمصطلح "زبال"، لما استخدمته، تماماً كما لو كانت تدرك حجم التأثير النفسي لفرضية المؤامرة في تكرار الزلزال وسائر الأخبار المضللة. وما كانت لتثير عاصفة مشابهة لو لم تكن مؤثرة، وتقيم في الضوء الافتراضي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها