الإثنين 2023/01/09

آخر تحديث: 18:32 (بيروت)

نَم وشخّر يا رضا.. و"تيك توك" سيُطعمك

الإثنين 2023/01/09
نَم وشخّر يا رضا.. و"تيك توك" سيُطعمك
increase حجم الخط decrease
هل خطر في بال مؤسس "تيك توك" أننا سنتخذ من هذا التطبيق سريراً وثيراً لنا، نحن أبناء العالم الثالث؟ نعم، سنفترشه سريراً، ونحلم ونُمنّي النفوس.

"تيك توك"، بحسب ويكيبيديا" البرنامج المعروف في الصين باسم دوينه Douyin، هو شبكة اجتماعية لمشاركة الفيديو، مملوكة لشركة بايت دانس الصينية. وتُستخدم منصة الوسائط الاجتماعية لإنشاء مجموعة متنوعة من المقاطع المرئية القصيرة، مثل الرقص، الكوميديا والتعليم، وتتراوح مدتها بين 3 ثوانٍ و10 دقائق.

"واو"، هدفه الرقص، الكوميديا، والتعليم! وكيف إذن عندما أزوره، أرى الكثير من اللبنانيين يفتحون اللايف وينامون الليل كله؟ ربما هم مرضى نفسيون، يقول مَن لا يعرف، أو يحبون افتعال الحركات الغريبة على مبدأ "خالِف تُعرَف".. لكن، ماذا سيستفيد أو أستفيد أو يستفيد مئات المشاهدين من مشاهدته نائماً طوال الليل؟! ألا يخشى أن نسمع شخيره مثلاً، أو أصواتاً أخرى؟ لماذا يفتح اللايف ويثبّت شاشة هاتفه، الليل كله، مقابله كي نراه نائماً؟ يقول أحدهم في التعليقات: عيش كتير بتشوف كتير!

فعلاً هذا ما أوصلنا لرؤيته، القهر والذل والعوز في هذه البلاد. أوصلنا إلى استجداء كل الوسائل المتاحة كي نحصل على بعض المال، فقط الفتات منه، مهما كلفنا الأمر، للأسف، من تدني الكرامة. فحينما تكون "لايف" عبر "تيك توك"، ربما تربح المال إن تكرّم أحدهم أو إحداهن عليك وأعجبوا بإغلاقة جفنيك وصوت شخيرك، ليقدموا لك هدايا وهمية مثل وردة، شمعة، صابونة، علبة حليب، أو غيرها، فتستبدلها سريعاً ببعض المال الكاش.. الحلال، لا تخَف!

نعم. الأمر بسيط، فقط تنام والجميع يهتك أكثر اللحظات حميمية في حياتك، لكن لا يهم. ستجمع حتماً بعض المال! كي تأكل وتشرب، وإن كان لديك طموحأ أكبر مثل "چوكر" (اسم معروف في تيك توك)، فستحلم بتركيب طقم أسنان وأنت في الثلاثين من عمرك.

أدخلوا وشاهدوا كيف، وأين أصبحنا في بلادنا. من كل الأعمار، الأشكال والألوان! اللبنانيون نائمون في "تيك توك" من أجل حفنة دولارات. نائمون كما تنام الضمائر في بلادنا. لا طعام، لا شراب، لا ملبس، لا مستشفيات. فجاء "تيك توك" لإنقاذنا. خرج من الفانوس السحري. يمكنك أن تطلب منه ما تشاء. فقط، نَم وشخّر يا رضا!

رأيت من لبنان فنانين وفنانات، بعضهم لا ينام، لكنه يفتح اللايف، ساعات الليل، ويطلب الهدايا بوضوح. جدّات، معلّمات، شباب.. نائمون ونائمات، والورود الاصطناعية تنهال كالسياط، يجمعونها في غفلتهم، وربما يعدّونها في اللاوعي!

ثمة مَن يستنكر: وصلنا إلى القاع بتفاهة محتوانا في "تيك توك". لكن هؤلاء الناقدين لا يعلمون شعور الارتطام بالقعر. ولا يدري كثر ما يمكنهم فعله وهُم مُعدَمون، حين تُسدّ في وجوههم المَنافذ، كيف يشقى المرء في يومه وليله ليعيش... بالنسبة إلى ساعات الليل، حَلَّها "تيك توك": ضَع إنسانيتك وكرامتك وخصوصيتك جانباً، ونَم.. نَم يا حبيبي و"تيك توك" سيُطعِمك.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب