الإثنين 2023/01/09

آخر تحديث: 20:19 (بيروت)

فاجعة الوسوف: زعيم عربي مكسور

الإثنين 2023/01/09
فاجعة الوسوف: زعيم عربي مكسور
increase حجم الخط decrease
خرج الاستغراب لحجم الاهتمام الإعلامي بوفاة وديع الوسوف، نجل المغني جورج وسوف، من أروقة الأسئلة الشخصية، وبات مفتوحاً للنقاش في الفضاء العام، حيث كتب العشرات عن أسباب التغطية المباشرة من قبل وسائل إعلام، في حادثة نادرة لقضية مشابهة. 

على مدار الأيام الماضية، ومنذ لحظة الاعلان عن وفاة نجل الوسوف، ورد خبر الوفاة برسائل عاجلة، قبل أن تنتقل سيارات النقل المباشر الى الكنيسة حيث استُقبل المعزّون، قبل أن يشهد الإعلام اللبناني، نقلاً مباشراً لمراسم الدفن، من ضمنها الجنّاز وعظة الكاهن في الكنيسة، في حالة نادرة جداً لحدث مشابه. 

تصدّر الحدث، على مدى يومين، مقدمات نشرات الأخبار.. وأرسلت قناتان لبنانيتان على الأقل، موفدين لها الى كفرون السورية، رافقوا الجنازة في لحظة عبورها للأراضي اللبنانية في الشمال نحو سوريا عبر معبر العريضة، كما بقي موفد على الأقل لمدة يومين في سوريا، يواكب المعزين ويواسي "أبو وديع". 

في أحداث سابقة، كان يمر الخبر في نشرات الأخبار أو الأخبار الفنية. وقعت الكثير من المواقف المشابهة، وكان آخرها مقتل جورج الراسي في حادث سير على الحدود اللبنانية - السورية. ورغم الفارق في هوية الفقيدين، كون الأول هو الفنان نفسه، بينما في الثاني هو نجل الفنان، مع الإشارة الى حجم انتشار كل منهما، جماهيرياً، يُظهر الاهتمام الأخير أن الوسوف أكبر من موقعه كمغنٍ يشبه عشرات المغنين المعروفين. وعليه، فإن التعامل مع حدث مشابه، يُنصّب الوسوف زعيماً عربياً يتمتع بنفوذ أكبر من نفوذ السياسيين حتى، بالنظر الى أن السياسي يتمتع بشهرة واسعة في بلده، فيما المغني قادر على اختراق الحدود، ويصبح التعامل مع أي حدث يخصه، محاكاة لطلب جماهيري. هو زعيم مكسور، مسكون بالألم، أنهكته فاجعة وفاة نجله. 

لا ينفي اثنان أن الوسوف هو ظاهرة، بما يتخطى كونه مغنياً عادياً. يمتاز بعلاقات متينة مع السياسيين في لبنان وخارجه، بناها منذ وصوله الى لبنان في أوائل الثمانينيات، ليخط طريقه نحو الشهرة. من يراقب مستوى المعزين، من مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم، الى نواب ووزراء لبنانيين، سابقين وحاليين، وصولاً الى تلقيه اتصالات التعزية من شخصيات معروفة ونافذة، مثل تركي آل الشيخ في السعودية،... يدرك حجم نفوذ الرجل. وتالياً، فإن أي مقاربة اعلامية للحدث، تنطلق من هذا الواقع، وتتعزز بحضور الوسوف الجماهيري الذي استدرت جراحه الدموع العربية، فبات الحدث الأول عربياً. 

من شرق المتوسط الى أقصى المغرب العربي، مروراً بالخليج العربي ومصر، لم يهبط اسم الوسوف عن لائحة "الترند" العربية في "تويتر" منذ ليل الجمعة. عشرات المدونات، ومئات الأخبار، وآلاف التغريدات، تعيد نشر صوره، وتتناقل تصريحات مرتبطة بالحدث. تتبع وسائل الإعلام، في العادة، الحدث، لتحقيق نسب مشاهدة عالية. تقرأ لائحة الاهتمامات العربية، لتقديم مادة تستحق المشاهدة والقراءة. فالوسوف، كظاهرة، لم ينزل عن عرش محبي الغناء الشعبي.. وحتى أيام سابقة، كان نجم احتفال رأس السنة في المملكة العربية السعودية، حيث سرق الأضواء من الفنانين الـ12 الآخرين الذين غنوا في المهرجان. همسة الوسوف يسمعها الجمهور، وأنينه بات محل ترداد عربي، من النوادي الليلية الى أصغر سيارة يقودها يافع في أزقة المدن العربية. 

وبمعزل عن "الترند" الذي تمثله فجيعة مثل وفاة شاب بعمر الورد، نتيجة مضاعفات صحية، ما زال الإعلام اللبناني وجهة أساسية بالنسبة للمشاهد السوري، ونافذة عربية للسوريين. لا يُخفى أن الأزمة السورية، والانقسامات العربية حول النظام السوري، وطبيعة النظام الأمني نفسه في دمشق، معوقات أساسية لأي تحرك إعلامي باتجاه سوريا لتغطية الحدث. لكن الإعلام اللبناني ملأ هذا الجانب "الانفتاحي"، من حدث سوري أولاً وأخيراً، كان منشأه لبنان الذي ما زال منصة الشهرة للطامحين للغناء من السوريين، وذراع وصولهم الى الجمهور العربي. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها