الجمعة 2023/01/20

آخر تحديث: 15:10 (بيروت)

الحاجَة إلى ضبط حسين قاووق ومحمد الدايخ

الجمعة 2023/01/20
الحاجَة إلى ضبط حسين قاووق ومحمد الدايخ
محمد الدائخ في برنامج "تعا قلو بيزعل"
increase حجم الخط decrease
يعيد المقطع الكوميدي الذي قدمه محمد الدايخ بعنوان "تعلم اللغة الشيعية"، جدلاً قديماً حول المساس بالطوائف، وتنميط البيئات الاجتماعية والمذهبية في لبنان، ويجدّد خطاب المظلومية والاتهامات بـ"التآمر" على البيئة. 

والاستنتاج المكرر على شكل اعتراضات في مواقع التواصل الاجتماعي، تم استنهاضه بعد سكيتش عرضه الدايخ ضمن برنامج "تعا قلو بيزعل" الذي بدأت قناة "ال بي سي" بعرضه مساء الخميس، ويقدمه حسين قاووق والدايخ. 


في المقطع المتداول في "تويتر"، يظهر الدايخ معلّماً في صف مدرسي، حيث طلاب من مختلف الطوائف. يمكن الاستدلال إليهم من لهجاتهم. الغرض من الصف، تعليم "اللغة الشيعية". اللغة التي يُراد منها التدليل الى شبان الأحياء والأزقة في البيئات المهمشة، ومفرداتهم التي تظهر أحياناً على شكل سُباب في التخاطب. 

وقع الدايخ في محظور التعميم مرة أخرى. فلغة الأحياء المهمشة الداخلية ضمن مناطق سكن الشيعة، برأيه، هي اللغة الشيعية. يقولب الطائفة بأكملها ضمن فئة هي منبوذة في طائفتها، ويتعاطى معها كثيرون داخل الطائفة على أنها خارج أدبياتها. لا تشبه اللهجة الجنوبية ولا البقاعية، ولا حتى لهجة سكان معظم أحياء الطائفة، وهو خطأ يرتكبه بالتعميم حين يصفها بأنه "لغة شيعية". 

ومثار الاعتراض هو "استسهال" تنميط طائفة بأكملها، ويذهب المغردون الى عتبارها جزءاً من مؤامرة على الطائفة: "حين فشلوا في مقارعة الطائفة التي واجهت اسرائيل وهزمتها، لجأوا الى السخرية منها وتهشيمها"، حسبما يقول مغردون، فيما "لا يستطيع أي منهم أن يمسّ بأي طائفة أخرى على نحو مشابه".. ويرى البعض أن الطائفة "باتت مكسر عصا"، و"يُستخدم كوميديون منها للنيل منها، لقاء حفنة دولارات". 


غير أن هذا النقاش المكرر، يشيح النظر عن قضية مهمة، ينظر اليها كثيرون في الطائفة على أنها نقطة قوة، في حال تمت مقارنتها بآخرين من الطوائف الأخرى. تنمو تلك السكيتشات الساخرة والجريئة من تنوع موجود في الطائفة، لا تقوضه الاعتراضات. خلقت تلك الميزة مساحة حرية، استفاد منها بعض الكوميديين الشيعة لإخراج "التابو" الواقع ضمن الأحياء، الى الشاشات، وقبلها في مواقع التواصل، بمعزل عن اللغة تنميطية، والتهشيم، والقسوة في التعميم، والانزلاق أحياناً الى مبالغة في وسم طائفة بأكملها بما يعيد الفرز الذي كان قائماً خلال الحرب بين "الكمية" و"النوعية".. 


مَن يتابع مواقع التواصل اليوم، والبرامج الكوميدية، سيعثر على مُستجدّين اثنين. أولهما اتساع مساحة الكوميديين الشيعة، والكوميديين الدروز (جنيد زين الدين وأريج الحاج) الذين باتوا لا يترددون في نقل أدبيات ابناء الطائفة الى الشاشات، وهو ما لم يكن موجوداً قبل عشرين عاماً مثلاً، الا في تصوير بساطة أبناء الطائفتين في القرى، عبر شخصيات كاريكاتورية مثل "أم طعان" مثلاً، امتداداً لشخصيات مسيحية قروية مثل "أبو ريمون" الذي أدّاه فادي رعيدي. 

يُسجّل للطائفة الشيعية الآن خروجها من "التابو"، وإخراج سلوكياتها الداخلية الى العلن. كان حسين قاووق في مسرحية "شو ها"، أكثر تعبيراً عن الواقع الشيعي بلا تنميط. ويعود ذلك أساساً الى ان الكاتب والمخرج المسرحي يحيى جابر يجيد اللعب في مساحة حرة، تنقل الواقع بلا تعميم ولا إهانات. مشكلة قاووق والدايخ الآن، مباشرتهما في الطرح، والانزلاق الى التنمر، وهي قضية يجب ضبطها في عرض تلفزيوني لا يثير المواجع ولا يغذي الشعور بالتآمر على ضرب صورة الطائفة. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها