السبت 2023/01/14

آخر تحديث: 17:13 (بيروت)

امتعاض سياسي من "الغباء": النظام يدين السلطة

السبت 2023/01/14
امتعاض سياسي من "الغباء": النظام يدين السلطة
من اعتصام المتضامنين مع وليام نون أمام مركز "أمن الدولة" (المدن)
increase حجم الخط decrease
تكرار مصطلح "الغباء" في الإدانات السياسية لتوقيف ويليام نون لدى المديرية العامة لأمن الدولة، يكشف السلوك السياسي للسلطات اللبنانية التي أخفقت في تفكيك الملفات من حولها، وتجيد توريط نفسها في الأزمات التي تتضاعف، يومياً، من الملفات المعيشية والمالية، وصولاً الى ملف حيوي يمس كل اللبنانيين، مثل ملف تفجير المرفأ. 

وصف رئيس الحكومة الأسبق، وأحد أبرز سياسيي لبنان، فؤاد السنيورة، التصرف بـ"الغبي والمشين"، لجهة "إيقاف شقيق أحد شهداء المرفأ بسبب عبارة تلفظ بها نتيجة الظلم الواقع على شقيقه الشهيد، وعلى جميع أهالي شهداء المرفأ، وعلى الآلاف ممن أصيبوا في تلك الجريمة في الوقت الذي يمنع القضاء من ممارسة دوره في تحقيق العدالة لمعرفة الملابسات واستجلاء الحقيقة جراء ذلك التفجير ومعاقبة جميع الذين تسببوا بهذه الجريمة النكراء". 


كذلك، اعتبر نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، ان "توقيف الناشط وليام نون بهذا الشكل الفاضح غباءٌ مشكوك بأمره وبهدفه غير البريء". ولفت في تصريح له في "تويتر" الى انه "لا تفرض هيبة القضاء بهذه الطريقة، فالقضاء الذي لم يتحمل كلام وليام المعترض على إخفاقاته ومجلس القضاء الأعلى الذي لم يجد حلاً لاستكمال التحقيق بجريمة المرفأ لا يفرض احترامه بهكذا تصرف وسيهزم أمام وليام وقضيته". 


يقارب السنيورة وبوصعب الملف من زاوية سياسية، ومن زاوية "مصلحة الدولة" و"مصلحة النظام".. لكن السلطة التي اتخذت القرار بالتصعيد، والردّ على الانفعال، بالخطيئة، لا تقارب الملف من زاوية أوهام القوة، وادعاء الهيبة، والاستسلام لنوازع شخصية تنطوي على تسرّع، وعلى وقاحة استفزت اللبنانيين الذين عبّروا عن غضبهم من حجم هذا الانتقاص من حقوق اللبنانيين. 


يمعن بعض رموز السلطة في الوقاحة. تحاول تغطية العجز عن محاسبة المتورطين في ملف المرفأ، بالاستقواء على الضعفاء. قد تكون عبارة "قتل القتيل مرة أخرى" مكررة، لكنها الانسب في معرض وصف حالة انفصال عن الواقع. سلطة منفصمة، بمواجهة شعب حيّ انتفض، واعتصم، وتحرك، وهدد بالتصعيد منعاً لأن يُقتل مرة ثانية. 


والسلطة، بمختلف مكوناتها، ترتكب المحرمات الانسانية. لا جدال في هذا الاستنتاج، بالنظر الى ان تحميل المسؤولية لطرف، بعد الفراغ الرئاسي، ينطوي على سذاجة. هو فعل يشارك فيه الجميع، ولا تحييد فيه لسلطة دون أخرى. الجميع متورط في اهانة اللبنانيين، وغرز السكين في جراحهم. تطالب الموجوع بالصمت، والقتيل بالانزواء، والمتألم بقبول المصير. كيف يستوي الموقف بين القتيل والقاتل؟ لا منطق في ذلك!

خرج المئات رفضاً لهذا الامعان في القتل.. وتظاهر الآلاف في مواقع التواصل اعتراضاً على ما ذهب اليه الحال. ثمة جريمة مرشحة للطمس، في مقابل اصرار على تحقيق العدالة فيها، سواء عبر القاضي البيطار، أو بقاضٍ آخر، لا فرق. يتمسك اللبنانيون بالعدالة، لا بالقاضي نفسه. يتمسكون بالمسار الذي فرض عليهم، بصرف النظر عن ايمانهم به من عدمه. ثمة جريمة يجب أن يُحاسب المسؤولون عنها، بلا تسويات. أما ارتكابها مرة أخرى بأداة جديدة، عبر اسكات المتألمين ومعاقبتهم، فهو ضرب من حماقة سياسية أجاد السياسيون المخضرمون التعبير عنها ببياناتهم، لمصلحة النظام وتهدئة الشارع، بما يتخطى تبديد هواجس المعتصمين. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها