الأربعاء 2023/01/11

آخر تحديث: 20:45 (بيروت)

ماذا لو برّأ الاوروبيون سلامة تحضيراً للتمديد له؟

الأربعاء 2023/01/11
ماذا لو برّأ الاوروبيون سلامة تحضيراً للتمديد له؟
increase حجم الخط decrease
بين "استدعاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للتحقيق"، و"عرقلة التحقيقات" و"تمنّع قاضٍ لبناني عن تنفيذ طلب قضائي باستدعاء سلامة"، جدد مناصرو "التيار الوطني الحر" خطاب المظلومية، واستعادوا عبارات "ما خلّونا"، استباقاً لأي إجراء قضائي سيتخذه الوفد القضائي الأوروبي الذي بدأ زيارة الى بيروت، ويُتوقع أن يبدأ مطلع الأسبوع المقبل الاستماع لشخصيات معينة في الملف المالي. 


حوّل الجمهور العوني أمنياته الى وقائع، وحسم بحقيقة حدوثها، استباقاً لأي تطور قضائي. من شأن أي تغيير في الآلية التنفيذية لمهمة الوفد القضائي الاوروبي، أن يبني عليها سرديات تعيد لازمة "ما خلونا". أول الغيث جاء اليوم على شكل تغريدات، قال فيها العونيون إن النائب العام الاستئنافي القاضي زياد أبو حيدر، رفض تكليف محام عام استئنافي طلاع الوفد على ملف سلامة. يتزامن هذا التسريب مع تسريبات أخرى تتحدث عن نية أوروبية للاستماع لسلامة كشاهد، ما يعني أن الرجل غير مشتبه فيه! 


يرى العونيون أن معركة إطاحة سلامة، أو تجريمه اعلامياً على الأقل، هي المهمة المقبلة. ساهم الضخ الإعلامي، والنشاط الإلكتروني، بتكوين رأي عام يعتبر أن سلامة مُرتكِب، وفي الوقت نفسه، محميّ من قِبل شخصيات في السلطة. كل مسؤول من خصوم النائب جبران باسيل، يجب أن يكون حامياً لسلامة أو مشاركاً في ارتكابات يُتهم حاكم المصرف المركزي باقترافها، فيما ينفي هو تلك الاتهامات على الدوام. 


هي معركة وجودية بالنسبة للتيار أمام جمهوره. أما بالنسبة للأوروبيين، فهي شبهات تستدعي التحقق، وفرضيات يجب تثبيتها. ومع أن الأوروبيين ما زالوا يتحدثون عن شبهات، ما يستدعي مساراً قضائياً يبدأ العمل به من بيروت، وقد يستمر لأشهر، إلا أن العونيين عقدوا محاكمة افتراضية، وأصدروا أحكاماً بالتجريم. أصدروا مضبطة اتهام اعلامية، وتالياً، فإن أي مخالفة لها، ستعرّض التيار لانتكاسة أمام جمهوره. لذلك، بدأ تثبيتها في مواقع التواصل لتحقيق النصر أمام الجمهور: إما يُجرَّم سلامة، فيكون هؤلاء على حق، ويكون التيار بأكمله ضحية منظومة مالية عرقلت حكم الرئيس عون، وإما يُبرّأ سلامة، فتكون "المنظومة تكتلت" عليهم مرة أخرى، وحرمت اللبنانيين من النصر في "الحرب على الفساد".


وإذا كان العونيون يطلقون خطاباً جازماً بالاتهام والتجريم، فإن خصومهم ليسو أقل خفّة منهم في التعاطي مع الملف، عبر تبرئة سلامة، والجزم بأن الرجل مُعتدى عليه من قبل الاعلام العوني، أو بطرح فرضية ضعف حجة القضاء الأوروبي. يدور هؤلاء في فلك "النكد" السياسي، أو يحاولون اعتبار ما يقول به الناشطون العونيون استغلالاً لجهود آخرين في هذا التواصل مع الأوروبيين.


الطرفان يتسابقان على تسييس نتائج التحقيق الأوروبي، ويرفضان حسم القضاء، سواء الأوروبي أو اللبناني، للملف، ويستبقان نتائج التحقيقات، في وقت تسري مخاوف من فرضية سياسية أخرى لا تعترف بما يقوله الطرفان، تفترض أن التحقيقات الأوروبية تساهم، في حال تبرئة سلامة، في تنظيف ملفه الشخصي، من أجل تمديد ولايته في حاكمية مصرف لبنان، عبر اقتراح وزاري. وذلك في حال الفشل في انتاج سلطة تنفيذية جديدة، بدءاً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لتعين حاكماً للمصرف المركزي قبل انتهاء ولاية سلامة في تموز/يوليو المقبل، منعاً للفراغ في موقعه. يبدو الافتراض سوريالياً للبعض، واستفزازياً للبعض الآخر، لكن ما تقرره الضرورة لا تمنعه الآمال.. عملاً بقاعدة "آخِر لحظة" اللبنانية. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها