الأحد 2023/01/01

آخر تحديث: 19:28 (بيروت)

قانون تجريم التحرش يواجه التعثر: الصحافيون كشركاء في التوعية

الأحد 2023/01/01
قانون تجريم التحرش يواجه التعثر: الصحافيون كشركاء في التوعية
increase حجم الخط decrease
بعد عامين على إقرار قانون تجريم التحرش في مكان العمل، والذي أقره البرلمان اللبناني عام 2020، يواجه القانون عقبات عدة تصعّب لجوء ضحايا التحرش إليه، بالتزامن مع تراجع ثقة اللبنانيين بالقضاء إثر تعمق الانهيار في المؤسسات اللبنانية. 

والتحرش الجنسي هو أحد أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، الذي يطاول النساء غالباً في بيئة العمل، ما ينجم عنه بيئة عمل عدائية، وصولاً الى تراجع إنتاجية المُتَحرَش بها وإعاقة تقدمها الوظيفي. من هنا، سعى تدريب نظمته مؤسسة "أبعاد" بالتعاون مع "صندوق الامم المتحدة للسكان في لبنان" للوقوف عند دور الاعلام وغرف الأخبار لتغطيات لقضايا التحرش، تراعي اللغة المتحسسة جندرياً، في سبيل دعم الناجيات بعيداً عن التنميط، وفق مقاربة تقاطعية مبنية على مراعاة منظور النوع الاجتماعي. 

الصحافيون كشركاء في التوعية
لعلّ أبرز ما حققته هذه الورشة، إطلاع عدد من الصحافيين على قانون تجريم التحرش، الذي كانوا يسمعون به خلال الجلسة "للمرة الأولى"، كما أن انتقال بعض الآراء حول التحرش بين تكريس ثقافة لوم الضحية في بداية اليوم التدريبي وتغيير هذه النظرة في نهايته، يكشف أن التغطية الاعلامية غير المتحسسة جندرياً، تبدأ بالصحافي نفسه، ولا تنتهي بمؤسسته الاعلامية، ويشجع على عقد جلسات أخرى مماثلة مع الصحافيين، كونهم شركاء في التوعية.

القانون 205
قانون منع التحرش في أماكن العمل الذي يحمل الرقم 205/2020، يعرّف التحرش الجنسي على أنه "أي سلوك سيء متكرر خارج عن المألوف، غير مرغوب فيه من الضحية، ذي مدلول جنسي يشكّل انتهاكاً للجسد أو للخصوصية أو للمشاعر يقع على الضحيّة في أي مكانٍ وُجِدَت، عبر أقوال أو أفعال أو إشارات أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية وبأي وسيلة تمّ التحرّش بما في ذلك الوسائل الإلكترونية".

ويعتبر تحرشاً جنسياً أيضاً، "كلّ فعل أو مسعى ولو كان غير متكرر يستخدم أي نوع من الضغط النفسي أو المعنوي أو المادي أو العنصري يهدف فعلياً للحصول على منفعة ذات طبيعة جنسية يستفيد منها الفاعل أو الغير".

وعلى صعيد العقوبة، يعاقب كل من أقدم على ارتكاب جريمة التحرش الجنسي بالحبس أو الغرامة أو الاثنين معاً، حيث لحظت بنود تحدد مدة الحبس وقيمة الغرامة بحسب الجرم الحاصل.

كما يلحظ القانون تأهيل الضحايا، عبر تأمين الرعاية لهم من صندوق خاص لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، بما يكفل تأهيلهم واندماجهم في المجتمع، وتوفير سبل الحدّ من هذه الجرائم والوقاية منها وتأهيل مرتكبيها.

التغطية المتحيزة جندرياً
لكن تسليط الضوء على قانون تجريم التحرش في الإعلام ليس كافياً لتشجيع النساء على اللجوء إليه، فالناجيات تحتجن كذلك الى بيئة حاضنة لرفع صوتهنّ وكشف المتحرش، وهو ما يتطلب تغطية إعلامية مسؤولة ومتحسسة جندرياً لقضايا التحرش والاعتداءات الجنسية. 

وغالباً ما اعتمد الاعلام ثقافة لوم الضحية حتى في مواضيع قتل النساء كالتخفيف من وطأة الجريمة أو اعطاء القاتل فرصة لتبرير جريمته، او طرح اسئلة محرجة لا تراعي الحالة النفسية للضحية المتعرضة لاعتداء جنسي.

هذا النوع من التغطية غير المتحسسة جندرياً، يعتبر الرجال المعيار الثقافي فيما يعتبر المرأة غير مهمة في التغطية برأي المدربة ربى الحلو، وفي حال حدوث قضايا تحرش في مكان العمل يأتي السؤال على هيئة: "تصرفاتك تدعو لذلك" فيتم تصوير النساء بطرق نمطية تعكس وتحافظ على وجهات النظر المعتمدة على الموروثاث الاجتماعية، حاصرة العلاقات بين الرجل والمرأة ضمن الأدوار التقليدية وفكرة تطبيع العنف القائم على النوع الاجتماعي في المضمون وكيفية تقديم المحتوى. 

في المقابل، عرّفت حلو التغطية المتحسسة جندرياً، بنسج القصة كما هي، واعتماد الاعلام على الوقائع، الارقام، الادلة واشراك الجميع على قاعدة جندرية، عارضة جملة توصيات لتغطية متحسسة جندرياً، من بينها اللغة، كاختيار المصادر والقصص التي تقدم قصصاً متوازنة عن المرأة والرجل، تعكس الخبرات وتركيبة المجتمع كإشراك الخبيرات من النساء في التقرير وليس فقط عندما يكنّ ضحايا.

وغالباً ما تقع التغطية في جعل الرجل محورها على حساب الفئات الأخرى، وقد لا تمت للواقع او قد تتعدى على الخصوصية او تقدم محتوى مضر بالقضايا الانسانية، بينما قضايا المواطنين، على تنوعها، هي مكان يجب أن يُدافع فيه عن الحقوق، وهذا دور وسائل الإعلام لانها الأكثر انتشاراً ووصولاً للناس.

الصحافيات أيضا ناجيات
ولا توجد آليات شكاوى أو آليات حماية في غالبية المؤسسات الاعلامية من التحرش، ما يجعل الصحافيات معرضات كذلك له، ويصعّب فضح المتحرش كلما علا منصبه. 

والحال إن مسؤولية مشتركة لغرف الاخبار والتحرير في المؤسسات تستوجب العمل دائماً على تطوير الذات والمهنة، عبر التصحيح وتغيير المسلمات، ويستوجب تطبيق سياسات جندرية ووضع آليات تحافظ على العدالة والمساواة في مكان العمل في ظل القوانين أو حتى في غيابها، وعندما تشعر الصحافيات كما الصحافيين بالحرية ضمن إطار سلوكيات المهنة، يمكن عندها نقل صوت المقهورات والمقهورين أينما كانوا ويكون الصحافيون أحد موازين المساءلة، ويمتلكون قدرة على دعم بناء مؤسسات دولة يسود فيها وتتحقق فيها العدالة الجندرية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها