وتختبر إيران، للمرة الأولى، احتجاجات كبيرة بهذا الحجم على خلفية الحريات الشخصية، علماً أنها اختبرت احتجاجات أخرى حشدت مئات الآلاف في العام 2009 في ما عُرف آنذاك بـ"الثورة الخضراء"، كما اختبرت احتجاجات معيشية على خلفية ارتفاع اسعار النفط وانقطاع الخبز وتدهور الأحوال المعيشية.
وسجلت في السابق احتجاجات ضد الحجاب الإلزامي، لكنها بقيت في إطار ضيق، واتخذت طابعاً رمزياً قبل أن تتسع الآن الى مستوى يتجاوز كونه حراكاً، رغم أنه لم يصل الى مستوى الثورة.
وانفجر الغضب الشعبي في الشارع منذ أن أعلنت السلطات، الجمعة، وفاة الشابة البالغة من العمر 22 عاماً، وهي من منطقة كردستان في شمال غربي إيران، وكانت أوقفت في 13 أيلول/سبتمبر في طهران بحجة ارتداء "ملابس غير محتشمة".
ويقول ناشطون إن مهسا، واسمها الكردي زينة، تعرّضت لضربة على الرأس أثناء احتجازها، وهو أمر تنفيه السلطات الإيرانية التي أعلنت فتح تحقيق في الحادثة، كما نشر التلفزيون الإيراني مقطع فيديو مأخوذ من كاميرات المراقبة في مركز الشرطة يظهر وقوعها أرضاً، وقالت الشرطة إنها تعرضت لنوبة قلبية.
وأظهرت أشرطة فيديو تم تداولها بكثافة في مواقع التواصل الاجتماعي، أن بين المحتجين نساء خلعن الأوشحة عن رؤوسهن وعمدن الى إلقائها في نيران أشعلت في الطريق، بينما عمدت أخريات الى قصّ شعورهن أمام الكاميرات في إجراء رمزي.
وتحدثت وسائل إعلام إيرانية رسمية، الأربعاء، عن ليلة خامسة من الاحتجاجات في الطرق في 15 مدينة، مشيرة الى أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع وفرّقت حشوداً جمعت قرابة الألف شخص.
وذكرت وكالة الأنباء "إرنا" أن المتظاهرين عطلوا حركة المرور في بعض المناطق وأشعلوا النار في مستوعبات النفايات ومركبات الشرطة، ورشقوا قوات الأمن بالحجارة وردّدوا شعارات مناهضة للنظام.
وعبّرت الأمم المتحدة ومجموعات حقوقية، الثلاثاء، عن قلقها حيال ما وصفه ناشطون بحملة أمنية "قاتلة" في إيران.
وشملت الاحتجاجات، الليلة الماضية، طهران ومدناً أخرى بما فيها مشهد في شمال شرقي البلاد، وتبريز في الشمال الغربي، وأصفهان في الوسط وشيراز في الجنوب، وفق "إرنا". وهتف المتظاهرون، وفق أشرطة الفيديو المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي خارج إيران: "الموت للدكتاتور"، و"نساء، حياة، حرية"، وذلك على الرغم من القيود التي فرضت على الإنترنت وفق مرصد مراقبة الشبكة "نيتبلوكس". علماً أن هذه هي الاحتجاجات الأخطر في إيران منذ تظاهرات تشرين الثاني/نوفمبر 2019 احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود.
وندّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، الثلاثاء، بما اعتبره "تدخلاً أجنبياً". وقال: "من المؤسف أن بعض الدول تحاول الاستفادة من حادث يتم التحقيق بشأنه لبلوغ أهدافها ورغباتها السياسية ضد حكومة إيران وشعبها".
ونقلت وكالة "إرنا"، الأربعاء، عن وزير الاتصالات الإيراني عيسى زاربور، تحذيره من أن قيوداً قد تفرض على الإنترنت "لاعتبارات أمنية".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها