الإثنين 2022/09/19

آخر تحديث: 17:58 (بيروت)

إعلاميون يهجرون التلفزيونات اللبنانية بحثاً عن الأمان و"الفريش دولار"

الإثنين 2022/09/19
إعلاميون يهجرون التلفزيونات اللبنانية بحثاً عن الأمان و"الفريش دولار"
زينة الراسي في دبي
increase حجم الخط decrease
بعدما تربع الإعلام اللبناني على عرش الإعلام العربي لسنوات طويلة، معتمداً على كفاءة مقدميه وريادة محطاته التلفزيونية بأفكارها وبرامجها المنوعة ونشرات أخبارها، تعيش هذه المحطات اليوم أسوأ مراحلها بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها لبنان والتي انعكست سلباً على كل القطاعات بما فيها القطاع الإعلامي، ما دفع عدداً كبيراً من الإعلاميين إلى مغادرة وظائفهم التي عملوا فيها لسنوات طويلة، مفضلين الانتقال إلى محطات أخرى أو مهن أخرى بالكامل.

والصعوبات التي يمر به القطاع الإعلامي اللبناني ليست محصورة في السنوات الثلاث الأخيرة، بل بدأت في الواقع قبل أزمة لبنان الاقتصادية عندما وجد موظفو "تلفزيون المستقبل" أنفسهم بلا عمل بعدما أقفلت المحطة أبوابها في وجههم، ما دفع بعض مذيعيها إلى الاتجاه الى التمثيل، مثل رولا بقسمتي ويمنى شري وجوزف حويك، بينما أطل ميشال قزي في الموسم الأخير من برنامج "حديث البلد" الذي تقدمه منى أبو حمزة، وبقي الآخرون من دون عمل واحتجبوا عن الشاشات.

وتفاوتت نتائج هجرة الإعلاميين إلى التمثيل، فبعضهم نجح في المهنة الجديدة مثل رولا بقسماتي وجيري غزال، بينما لم يستطع آخرون إثبات أنفسهم فيها مثل محمد قيس الذي سيطل مع طوني خليفة في محطته التلفزيونية الجديدة "المشهد" التي تبدأ بثها في مطلع العام المقبل، ونوال بري التي خاضت تجربة غير موفقة في مسلسل "والتقينا" من دون أن يُعرف ما إذا كانت ستكمل في الإعلام أم في التمثيل.

بالتوازي، انتقلت كوكبة كبيرة من المذيعين والمذيعات للعمل في محطات غير لبنانية، بحثاً عن فرص أفضل سواء على مستوى المناصب التي يشغلونها أو على المستوى المادي من خلال تأمين مداخيل بـ"الفريش دولار" بعد التراجع الكبير في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، أو بحثاً عن الأمن والأمان في دول توفر ظروفاً حياتية أفضل لهم ولعائلاتهم نتيجة فلتان الوضع الأمني وأزمة تأمين بعض السلع الأساسية والضرورية.  

مشروع جديد
الإعلامي جورج عيد قدم استقالته لمحطة "MTV" وغادر لبنان كي يلتحق بقناة "العربية" في دبي، لكنه ما لبث أن أعلن بعد فترة قصيرة من العمل فيها أنه وافق على العمل مع طوني خليفة في محطته التلفزيونية الجديدة "المشهد". وقال عيد: "الفرصة جيدة وريادية وجديدة والأولى من نوعها في العالم العربي. المشروع أثار حماسي والكل يهمه أن يكون مشاركاً في مشروع ريادي، عدا عن أن العمل هو مع طوني خليفة الذي هو محط تقدير وإحترام عند كل الصحافيين، لأنه صحافي ناجح وصاحب سمعة حلوة وطيبة وكذلك مع مدير الأخبار جعفر الزعبي".

وأوضح عيد أنه لم يترك العمل في قناة "العربية" لأن التجربة الجديدة أفضل منها بل "كل منا يختار ما يناسبه وما يتلاءم مع طموحه ومع المشروع الذي يريد المضي به، والمشروع الذي انتقلت إليه مهم جداً، لكن لا تجوز المقارنة بينه وبين العربية لأنهما تجربتان مختلفتان تماماً كالاختلاف بين MTV والعربية. أنا سأشارك في المشهد كرئيس تحرير للأخبار".

كما يبدو عيد متشائماً من الوضع الإعلامي في لبنان لأنه يمر  بفترة صعبة ويشير إلى أن صحيفة "النهار" كانت من أهم الصحف في لبنان، ومثلها الإذاعة اللبنانية التي كانت تحافظ على مستوى معين وكذلك إذاعة "صوت لبنان". وأضاف: "كنا نعمل مع أهم الكوادر والقامات والهامات الإعلامية ونتعلم منها، لكن عددها تراجع كثيراً ومازالت هناك قلة قليلة. اليوم، تحول الإعلام إلى فضائح وشتائم واستنساخ معلومات مغلوطة، والكل يدفع من أجل شتم الخصم. مغادرتي للبنان لم تكن لسبب مادي، فأنا كنت أشغل منصب مدير العمليات في MTV وكنت أتقاضى أجراً جيداً، حتى أن المحطة عرضت عليّ زيادة على الراتب عندما قررت المغادرة، لكنني قررت أن أترك لبنان بسبب طفلتي لأنني وجدت نفسي عاجزاً عن تأمين الحليب لإبنتي بسبب جشع أصحاب الصيدليات ووجدت أنني أعيش في بلد لا أمن ولا أمان ولا دواء ولا خدمات فيه. أنا غادرت بعد انفجار بيروت ووجدت أن أحداً لا يستحق أن يعيش هكذا".

أما زوجته الإعلامية رنا ريشا التي غادرت إذاعة "صوت لبنان"، فتعمل حالياً في "MBC" في دبي، وأشار عيد إلى أنه متفائل بطبعه، لكن "بوجود منظمة إرهابية وطبقة سياسية فاسدة تتسلق على ظهر الشعب، فلن يحصل لبنان على المساعدة من أي جهة خارجية"، حسب تعبيره.

الحياة العائلية أولاً
من جهتها تخلت ديانا فاخوري عن العمل في محطة "MTV"، وارتأت الانتقال للعمل لمصلحة "صوت بيروت" معلنة قرارها البدء بمشوار مهني جديد، بينما نفى وليد عبود الأخبار المتداولة عن انتقاله إلى "تلفزيون لبنان"، موضحاً أنه لا انتقال، بل هناك مشروع جديد مع "تلفزيون لبنان" لتقديم برنامج سياسي أسبوعي، مؤكداً أنه لن يغادر شاشة "MTV".

أما مذيعة الطقس في نشرة أخبار "المؤسسة اللبنانية للإرسال" زينة الراسي، فتخلت عن عملها وانتقلت للعيش والاستقرار في دبي كي تكون إلى جانب ابنتها. وأشارت عبر حسابها في "تويتر" إلى أنها وجدت نفسها "مجبرة على ترك عائلتها الثانية "إل بي سي" التي تحمل معها أجمل الذكريات والنجاحات".

وقالت الراسي: "لم اتخيل أبداً أنني يمكن أن أصل الى وضعي الحالي ومثل هذا الظرف، على مستوى حياتي ومهنتي وLBC، لكن الظروف التي نعيشها في لبنان أقوى مني. بداية فكرت بأن تذهب إبنتي إلى دبي بمفردها على أن أزورها بين وقت وآخر، لكن ابنتي وحيدة ونحن نعيش معاً منذ طلاقي من والدها، لذلك ما لبثت أن استبعدت هذه الفكرة كي لا أتركها بمفردها. ومن ناحية أخرى، كدت أدفع من جيبي لكي أستمر في عملي في ظل الأزمة التي يمر بها لبنان، خصوصاً أنني أحافظ على مستوى معين على مستوى شكلي وإطلالتي. وهذا كان يقتضي أن أؤمن مصروفي ومصروف ابنتي في دبي وأن أعيش وحدي في بلد لن يكون فيه أحد إلى جانبي لكي يؤمن لي حبة الدواء في حال تعرضت لأزمة صحية، هذا عدا معايشة أزمات الخبز والماء والكهرباء. كان يفترض ان أساعد ابنتي لكي تعايش رقي دبي، لكني عندما وصلت إلى هناك شعرت بفرق شاسع وقررت أن أبدأ صفحة جديدة في حياتي".

كما أشارت الراسي إلى أن ابنتها تعمل في مجال الإعلانات وأن لا مستقبل لها في لبنان، وأضافت: "في دبي هي تحقق النجاح وتتقدم وتتطور في عملها، وأنا من جهتي أحاول أن أؤمن عملاً لي وتقدمت بطلبات إلى عدد من محطات التلفزيون ووصلتني عروض، وأنا في انتظار الرد لكي أختار العرض المناسب، لأني على قناعة بأن هناك توقيتاً لكل شيء في الحياة وأن كل ما يحصل معنا هو لخيرنا. هناك أولويات في الحياة وعائلتي هي أولوياتي وكل الأشياء الأخرى تأتي في وقتها. لن أموت جوعاً ولا ألهث وراء الشهرة، فأنا مستمرة معها ومن دونها".

الراسي جاهزة لكي تطل في أي برنامج لأنها خلال تجربتها منذ 14 عاماً، بدأت بالبرامج الحوارية، كما قدمت برامج إجتماعية ومنوعات، وانتقلت في السنوات السبع الأخيرة إلى تقديم نشرة الطقس، وأوضحت: "لا أريد أن أحصر تجربتي في نوع معين من البرامج. عُرض عليّ العمل في مجال لا علاقة له ببرامج المنوعات وبأحوال الطقس، وبمجرد أن أكون في مجال التلفزيون وأجيد التعامل مع الكاميرا يمكن أن أعمل في أي مجال. مجالات العمل التلفزيوني واسعة ومنوعة والسوشال ميديا تدخل في نطاقها وأنا منفتحة على أي عرض مناسب".

استقالة وعودة
ويبدو أن اصحاب المحطات يتعاملون بتفهم وليونة مع استقالات المذيعين والمذيعات، بل فتحوا أبواب العودة أمامهم، بدليل عودة بسام أبو زيد إلى محطة "إل بي سي" بعدما كان قد أعلن في أيلول/سبتمبر 2020 استقالته وإنتقاله إلى قناة "العربية" ومن ثم إلى قناة "الحدث"، بينما انتقلت زميلتاه ريما عساف وليال الاختيار إلى قناة "الحرة".

لكن القناة قررت إستبدال الاختيار بزميلتها جويل الحاج موسى، التي حلت محلها في تقديم البرنامج السياسي "المشهد اللبناني" بسبب تصريحات أدلت بها الاختيار خلال ظهورها في برنامج هشام حداد. ورفضت الاختيار الإذعان لشروط المحطة وقدمت استقالتها، وتطل اليوم عبر شاشة "العربية" من خلال برنامج "التاسعة هذا المساء". وعلى عكس زملائها في المحطة، رفض بيار الضاهر استقالة ريمي درباس، معلناً تمسكه بها، ما أدى إلى تراجعها عن قرارها معتبرة أن الضاهر هو "أبوها الروحي".

في المقابل أعلن بعض الاعلاميين نيّتهم ترك الإعلام والتفرغ للعمل السياسي وترشحوا للانتخابات النيابية التي جرت مؤخرا،ً لكنهم لم يوفقوا. ومن بينهم ليال بو موسى التي اعتبرت ان ما تقوم به ليس انتقالاً، بل متابعة، لأن الهدف التغييري هو نفسه، والرسالة التي تستهدف حقوق الإنسان هي ذاتها، وأنها لم تختر الشاشة طريقاً للشهرة، بل للمساهمة في الكشف عن المستور من خلال تحقيقات عن الفساد، وانها تسعى من خلال دراستها القانون واحترافها الإعلام، لتغيير النظام السياسي وتشريع القوانين التي تحمي الناس.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها