الجمعة 2022/09/16

آخر تحديث: 19:17 (بيروت)

تقاذف الاتهامات باقتحامات البنوك: المصارف أم "حزب الله"؟

الجمعة 2022/09/16
تقاذف الاتهامات باقتحامات البنوك: المصارف أم "حزب الله"؟
النائب أشرف ريفي في الطريق الجديدة لإجراء "وساطة" في بنك لبنان والمهجر (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
لا يمتلك أي طرف لبناني حقيقة ما جرى، لجهة الاقتحامات المتزامنة للمصارف اللبنانية، بهدف تحرير ودائع مالية عالقة منذ ثلاث سنوات. يذهب السياسيون الى التحليل، كما الشعب، ويطرحون فرضية على شكل مسلّمات، يُراد منها توظيف الحدث في معركة الكباش السياسي.
 
تدور الفرضيات حول طرفين، أولهما المصارف نفسها، بغرض إقفال فروعها، وتالياً، تشكيل آلية ضغط على السلطات اللبنانية، أولاً لجهة عرقلة نظام استيراد المحروقات والخبز والأدوية وغيرها التي تحتاج الى تحويلات مالية الى الخارج تنظمها المصارف الخارصة، وثانياً لجهة عرقلة صرف رواتب الموظفين. وتريد المصارف، بحسب تلك المزاعم، إقرار "الكابيتال كونترول" الذي يحدد سقوفاً متساوية للسحوبات والتحويلات، وتحديد نظام قانوني لتحرير الودائع العالقة منذ 2019 يحاسب القضاء من يمس هذا الاجراء.. وثانياً، يقول هؤلاء إن المصارف تريد إطاحة خطة التعافي الحكومية التي تحملها جزءاً من الخسائر.
 

لا تلقى هذه الفرضية آذاناً صاغية. تتعرض للنقض فوراً، حين يتيقن أي لبناني من أن المصارف تمتلك آلية ضغط اضافية، بتنسيق مع المصرف المركزي أو من دونه، لرفع الطلب على الدولار والاستحواذ عليه من السوق السوداء، مما يرفع سعره وفق قاعدة العرض والطلب. كما أن المصارف، وهي سلطة قائمة بحد ذاتها، تستطيع أن تقفل أبوابها لأي سبب صغير، ولم تذهب الى هذا الخيار قبل يومين حين تم اقتحام فرعين مصرفيين في السوديكو وعاليه. لذلك، تبدو الفرضية ناقصة وغير مؤهلة للتسويق. 


الفرضية الأخرى، تدور حول "حزب الله". لمّح كثيرون الى دور له، بالنظر الى ان الاقتحامات جرت في معظمها في مناطق متاخمة لموقع نفوذ الحزب في الضاحية وبيروت والجنوب. يربط هؤلاء بين الناشطين ضد المصارف وحكمها، ضمن روابط المودعين وجمعياتها، والتي ينشط فيها، في المجمل، يساريون، فضلاً عن أن الحزب يعارض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف. 


غير أن هذه الفرضية ضحلة، لأسباب عديدة بينها، للصدفة، أن من يعارض المساس بالمصارف، هو نفسه يعارض الحزب، وبالتالي، فإن التصويب عليه أقل كلفة شعبية من التصويب على المودعين، وهم شعار جذاب، وتصلح العبارات المتصلة بحقوقهم كشعارات انتخابية. كما أن الحزب الذي أعلن مراراً أنه غير معني بالمصارف، ولا يمتلك أموالاً فيها، يتجنب، في هذا الوقت الحساس من المفاوضات الحدودية واستحقاق رئاسة الجمهورية، أي كباش اضافي مع قوى مؤثرة في الداخل يمكن أن تشوش على الاستحقاق الرئاسي، مثل المصارف، ويسعى إلى عدم اختراق "قواعد الاشتباك" القائمة مع الأطراف المحلية، لحصر الجبهات. وذهب جمهور الحزب الى النكات، بتداول صورة أن "القرض الحسن" بمأمن عن التحركات!


والواقع أن انتفاء الفرضيتين، يؤكد أن هناك إشاحة نظَر عن حقيقة ثابتة أن ما جرى هو عدوى، شجعت عليها وسائل الاعلام بنقل مجريات الحدث. شجعت سالي حافظ المودع في عاليه، وشجع اقتحام المصرف في الغازية، آخرين في الحمراء والطريق الجديدة والرملة البيضاء وشحيم. هي انتفاضة على المصارف، عندما أقفلت السبل أمام أي بوادر للحل. السلطة لم تقر الكابيتال كونترول، والليرة تزداد تدهوراً أمام الدولار، والقضاء أعاد أملاكاً محجوزة للمصارف، كما أن إجراءات القضاء تعرقلت إثر إضرابات تُنفذ في سِلكه.. ونسفت جمعية المصارف فكرة اللجوء الى القضاء حين هددت أي مسار قضائي، بإقفال أبوابها. هكذا، وجد المودعون أنفسهم معدومي الخيارات.
 

هل هي 17 تشرين ثانية؟ 
تتفاوت النظرة الى الحراك. يرى البعض إنها امتداد لـ17 تشرين 2019، وكل يراقبها من منظاره. "التيار الوطني الحر" يتوجس من هذه اللحظة، لأن أي إقفال للمصارف يعني عرقلة إضافية لمسار السيستم الذي تأزم في عهد الرئيس ميشال عون. فيما يرى آخرون أنه استمرار لنهج الانتفاضة على المنظومة، وهذه المرة انتفاضة ضد المصارف بغرض تحصيل الحق.


إنها لحظة تاريخية، وتبدو المواجهة مفتوحة. الحلول الأمنية لن توصل الى نتيجة. زيادة عناصر الحماية، لن تردع، بقدر ما تحمل مخاطر بالمواجهة بين طرفين مسلحين. الحل عند السلطة السياسية، فقط لا غير.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها