السبت 2022/08/06

آخر تحديث: 16:36 (بيروت)

ناشطون يواجهون شيطنة الإعلام المُوالي...ماذا يحدث في مخيم الركبان؟

السبت 2022/08/06
ناشطون يواجهون شيطنة الإعلام المُوالي...ماذا يحدث في مخيم الركبان؟
increase حجم الخط decrease
على مقاعد من الطوب، وتحت سقف خشبي، وبين جدران طينية مزينة برسومات ملونة، ينهي طلاب مخيم الركبان عامهم الدراسي باستلام "الجلاءات". 

ينطلق الطلاب من مقاعدهم البسيطة جداً باتجاه منازلهم المصنوعة أيضاً من الطوب، ليتناولوا خبزاً مصنوعاً من علف المواشي، فالخبز العادي الذي يتناوله الأناس الطبيعيون غير متوافر، في منطقة استثنائية يعيش سكانها في عمق الصحراء، ويحلم طلابها بمقاعد من الخشب وبيوت مريحة وخبز مصنوع من الدقيق الأبيض.


والحال، أن 13 ألفاً من السوريين يعيشون منذ العام 2013 في مخيم الركبان المحاصر على الحدود السورية - الأردنية. هم معزولون وسط الصحراء ويستعيدون حياة ما قبل عصر الكهرباء والبترول والبيوت الإسمنتية. يمكن التعرف على تفاصيل حياتهم القاسية، من منصات إعلامية عديدة تم إنشاؤها بهدف تسليط الضوء على واقع المخيم المحاصر منذ العام 2018 من قبل قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية الموالية له، والتي تمنع دخول المواد الغذائية والطبية والمحروقات، بحجة أن المخيم يخضع لسيطرة "إرهابيين موالين لواشنطن"، بحسب الإعلام الموالي. كما يعانون شح مياه الشفة، بعد انقطاع وارداتها من الأردن. 

صحافة احترافية
وتشكل منصة Hesar، أهم موقع إعلامي ينقل الواقع بدقة وبتفاصيل مثيرة، استناداً الى مجموعة مراسلين يقطنون داخل المخيم ينقلون الحدث بالصورة والفيديو ومن زوايا مختلفة. وتنشط المنصة في مواقع التواصل الاجتماعي وموقع الكتروني، وتعرض قصصاً صحافية لجميع جوانب الحياة داخل المخيم.

يستخدم أطفال "الركبان" أرجوحة مصنوعة من الخشب تماثل نظيراتها التي كانت مستعملة قبل عقود من الزمن، يغنون الترنيمة المعتادة للأطفال السوريين: "قويها لا تصدق.. ما بننزل إلا بقتلة". وفي زاوية أخرى يلعب أطفال لعبة الـ"فيشة" التي تشبه كرة القدم لكن باستخدام آلة خشبية وكرة من المعدن. وفي الخلفية، يمكن ملاحظة البيوت الطينية التي تشكل العمود الفقري للمخيم. هذه هي تفاصيل العيد التي يوضحها فيديو قصير جداً نشرته المنصة خلال عيد الأضحى الماضي.


وتنشر المنصة في تدوينة أخرى عن العاصفة الرملية التي أصابت المخيم وتشل حركة السكان وتترك أثرها في منازلهم المحتاجة إلى ترميم لا يملكون كلفته. بينما "مساكب" الزراعة القليلة هي المتضرر الأكبر. لتترك أصحابها من دون عِرق أخضر على موائدهم بعد حصار حرمهم من وصول الخضار إلى المخيم، وزادت حدته خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. لا جديد.. عاصفة غبار أخرى وصمت دولي وإنساني مطبق.

وتعد المنصة، الموقع الاحترافي الوحيد الذي يشرف عليه صحافيون متمرسون، وتشكل القصص والبيانات والإحصائيات والوسائط المتعددة التي تبثها المنصة، مصدراً للتعرف على حياة قاطني المخيم، وتوثيق انتهاكات النظام السوري والمليشيات الإيرانية بحق مئات المدنيين المحاصرين منذ سنوات طويلة.

عقارب وأفاعي
ومن منصات فايسبوك الأخرى، التي يشرف عليها نشطاء، تعمل صفحة "مخيم الركبان الآن" على رصد بعض تفاصيل الحياة المعيشية والصحية داخل المخيم. ويشرف على الصفحة "فريق الركبان التطوعي" الذي تم تأسيسه على أيدي شباب من قاطني المخيم، بهدف المساهمة في التخفيف من المعاناة والأعباء، وقد انبثقت فكرة تأسيس الفريق خلال الاعتصام المفتوح لقاطني المخيم الذي جرى قبل أشهر.

بينما تستعرض صفحة Rukban Camp تفاصيل متعلقة بنفاد الأدوية والطحين والمحروقات في المخيم، وتواظب على نشر معظم روابط التقارير الصحافية عن المخيم. وتسلط إحدى تدوينات الصفحة، الضوء، على ظاهرة انتشار الأفاعي والعقارب داخل المخيم مع "حلول فصل الصيف الذي تصل فيه درجات الحرارة أعلى المستويات"، وتشير إلى أن "الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة في هذه الصحراء يجعل العديد من أنواع الأفاعي والحشرات السامة تخرج من جحورها؛ وهو ما يجعلها تدخل الهلع والخوف في نفوس النازحين هنا".

وتواظب "شبكة أخبار مخيم الركبان" التي أسسها أحد النشطاء المقيمين داخل منطقة التنف، على نشر صور وتسجيلات مرئية للكوارث التي يتعرض لها سكان المخيم، مثل العاصفة الغبارية التي تضرب المخيم كل فترة، بموازاة نقص أجهزة الأوكسجين والتنفس لمرضى الربو. وتؤكد المنصة في تدوينة أخرى أن قوات النظام والمليشيات الإيرانية الموجودة عند حاجز المثلث قد ألقت القبض على أحد الأشخاص المرضى الذين أجبرتهم الظروف المعيشية الصعبة على مغادرة مخيم الركبان، حيث تعرض للضرب المبرح والإهانة والمصير المجهول.


أكاذيب
 
وبينما يبذل نشطاء مخيم الركبان كامل جهدهم لإطلاع العالم الخارجي على آخر بقعة محاصرة في سوريا، تعمل الماكينة الإعلامية للنظام السوري على شيطنة سكان المخيم ونشطائه، على الرغم من كونها تنشر باستمرار عن الأزمات المعيشية التي تعصف بهؤلاء السكان.

في أحد تقارير صحيفة "الوطن" الموالية عن المخيم، يبدو اعتراف النظام جلياً بوقوع المخيم تحت شبح الجوع والحصار، لكن المسؤولية -من وجهة نظر الإعلام الموالي- تتحملها "قوات الاحتلال الأميركي وتنظيمات إرهابية موالية لها". ويصر التقرير على أن من يحتجز آلاف النازحين ويستولي على المساعدات الغذائية والإغاثية هم "الاحتلال والإرهابيون التابعون له الذين حولوا المخيم إلى سجن كبير في البادية الشرقية"، حسب ما أفاد التقرير.

وتشكل هذه الصيغة التي يحرص الإعلام الموالي على تعميمها في عشرات التقارير المماثلة، المعادل غير الموضوعي لجهود نشطاء المخيم، الذين يوثقون كل شاردة وواردة، تسعفهم وسائل التواصل الاجتماعي في كسر الحصار الإعلامي، على أمل كسر الحصار الأكبر، والخلاص من الجوع والمرض والحياة القاسية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها