الأحد 2022/08/28

آخر تحديث: 12:45 (بيروت)

إسرائيل تمهّد للترسيم البحري مع لبنان..بـ"أنفاق حزب الله"

الأحد 2022/08/28
إسرائيل تمهّد للترسيم البحري مع لبنان..بـ"أنفاق حزب الله"
أنفاق "حزب الله" (تايمز أوف اسرائيل)
increase حجم الخط decrease
كثّفت اسرائيل من حدة الاعلان عن المخاوف من اي حرب مقبلة مع لبنان، بما فيها الترويج ل"أنفاق حزب الله"، بغرض تجنّب أي حرب، والتمهيد، في أروقة السياسة الداخلية، الى تسوية حدودية مع لبنان، تلتف فيها على احتمالات المواجهة مع "حزب الله". 

تتنقل مشهديات الحرب من أنفاق مزعومة لـ"حزب الله" على الحدود، الى تصوير بنيته العسكرية. فقد عرض موقع "ألما" المقرب من الإستخبارات الإسرائيلية أنفاقاً قديمة للحزب، قائلاً: "هذه أنفاق حزب الله التكتيكية وقاذفات صواريخه في جنوب لبنان عام 2006"، وسأل: "تخيلوا ماذا يمتلك اليوم؟!"

والسؤال المطروح، جاء بناء على فيديو قصير لقناة "المسيرة" التابعة للحوثيين في اليمن، تضمن مقابلة مع أحد ضباط حزب الله من داخل نفق تحت الأرض جنوب لبنان، يُدعى "أبو حيدر"، من دون كشف وجهه.

بدت الغاية من التساؤل المليء بالرسائل الضمنية الإسرائيلية إلى الداخل والخارج، على حد سواء، هي  التوافق الإضطراري، للمرة الأولى، مع مكنونات الحرب النفسية التي يخوضها حزب الله ضد الدولة العبرية، في هذا التوقيت تحديداً.   

ليس صُدفة أن تضطر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية للترويج غير المسبوق، لرسائل الحرب النفسية القادمة من حزب الله، في حال لم يحصل لبنان على حقوقه من غاز المتوسط، وذلك عبر تأكيد تعاظم قدراته العسكرية، طالما يمهد ذلك، دعائياً، لتجنب الحرب مع لبنان، خلافاً للتهديد العلني من وزير الجيش الإسرائيلي بني غانتس أخيراً، بإعتباره ليس خالياً من المُكابَرة.. بدليل أن التلفزيون العبري "مكان"، اعتبر أن تهديد غانتس للبنان، يُخفي قلقاً أمنياً إسرائيلياً "حقيقياً" من انجرار الأمور إلى الحرب التي لا يريدها أحد.

البروباغاندا الإسرائيلية المُؤكِّدة لحرب حزب الله النفسية، عكست تدخلاً غير مسبوق من الأمن إلى جانب الحكومة الإسرائيلية؛ لتوضيح الصورة أمام الرأي العام، وللرد على الخصوم في الداخل الإسرائيلي، بهدف تسويغ أي تسوية محتملة لترسيم الحدود البحرية مع لبنان درءاً للحرب، بإعتبار أنها ستكون مكلفة إسرائيلياً، ما يجعل التسوية الحدودية مطلباً ضرورياً لتجنبها، كمصلحة استراتيجية إسرائيلية، أكثر من كونها مجرد مزايدات متبادلة بين المعارضة والحكومة، عشية انتخابات الكنيست الموعودة.

ولعل التقرير التحليلي لصحيفة "هآرتس" بعنوان "مع تصاعد دعاية نصر الله للحرب، تكافح إسرائيل لفك نواياه الحقيقية"، يُعدُّ إقراراً إعلامياً وسياسياً من تل أبيب، بأنها تنتهج دعاية مضادة لإبعاد الحرب، بأكثر من طريقة.

وهنا يقول كاتب المقال الاسرائيلي، عاموس هرئيل، إنه بالإضافة إلى التعامل مع التقدم نحو اتفاق نووي جديد مع إيران، ومساعي منع إضراب المعلمين في إسرائيل مطلع الشهر المقبل، كان لدى صانعي القرار الإسرائيليين مسألة أخرى للتفكير فيها هذا الأسبوع، حيث تم تخصيص الكثير من الوقت والموارد لمحاولة معرفة ما الذي يريده زعيم حزب الله حسن نصر الله. وأكد هرئيل أن الإجابات الأمنية، حتى الآن، كانت جزئية للغاية.

بتقريب المجهر على محتوى الفيديو الذي أعدته القناة الحوثية عن أنفاق حزب الله التي كانت سلاحاً فعالاً في حرب 2006، وقد تنباه موقع "ألما" الإسرائيلي.. فإن الأخير حدد الجغرافية الدقيقة لنفق حزب الله، قائلاً إنه يقع بين قريتي القنطرة والغندورية، ثم خاطب المتابع الإسرائيلي: "يمكنك التعرف على مظهر الأنفاق التكتيكية وراجمات الصواريخ في جنوب لبنان، من خلال مقابلة متلفزة مع أحد عناصر حزب الله العسكرية". 

يروي القائد العسكري في "حزب الله"، أبو حيدر، لمُحاوِرِه، مدعوماً بمشاهد مصورة، كيف أن الطريقة الهندسية للنفق حرصت على أن يكون متعرجاً، عن قصد، وذلك لتلافي وصول الموجة الانفجارية مباشرة إلى المقاتلين الموجودين في ثنايا النفق، نتيجة أي استهداف إسرائيلي. 

كما أظهر الفيديو تقسيمات النفق إلى غرفة رئيسية لإدارة العمليات المركزية خلال حرب تموز، وأيضاً أماكن للإستراحة، والنوم، والصلاة، إضافة إلى مطبخ، كما لو أنه "منزل فيه مقومات الحياة تحت الأرض، وكل ما يحتاجه المقاتلون".

وانتهز الموقع الاسرائيلي "ألما" الفرصة كي يوصل المتابع إلى النتيجة الرئيسية، ومفادها أن "حزب الله لديه اليوم أرض أنفاق". ووجد الموقع ضالته كي يذكر بتقدير خاص له، تم نشره قبل نحو عام، وحمل عنوان "أرض الأنفاق لحزب الله- العلاقة بين كوريا الشمالية وإيران".

وكشف "ألما" في تقريره السابق عن تحدٍ استراتيجي جديد للجيش الإسرائيلي بعد حرب لبنان الثانية؛ إذ أنشأ حزب الله، مدعوماً من الكوريين الشماليين والإيرانيين، "أرض الأنفاق"، كمشروع شبكة أنفاق "إقليمية" ضخمة.

ويقول "ألما" إنها ليست مجرد مجموعة أنفاق محلية، بل هي شبكة تتكون من عشرات الكيلومترات من الأنفاق بين المناطق التي تمتد وتربط مناطق حزب الله الاستراتيجية الثلاث: منطقة بيروت كمقر مركزي لحزب الله، ومنطقة البقاع (العمود الفقري للعمليات اللوجستية لحزب الله). وثالثا، جنوب لبنان الذي يشمل مواقع حزب الله الدفاعية.

كما زعم الأمن الإسرائيلي أن هذه الأنفاق تربط مختلف المناطق الفرعية داخل جنوب لبنان (خط الدفاع الأول والثاني). وإدعى أن أحد أنفاق حزب الله مخصص لتعبئة قواته من منطقة إلى أخرى، بعيداً عن الأنظار، وبأمان نسبي.

الواقع، أن فتح إسرائيل لملف أنفاق حزب الله، في هذا التوقيت، ليس بريئاً، خصوصاً في ظل الحديث عن آمال بقرب التوصل إلى اتفاق الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، بوساطة أميركية. فهي تريد أن تبرر أمنياً وسياسياً لهذا الاتفاق أمام المعارضين في دولة الإحتلال. 

رغم ذلك، ثمة هدف آخر يقف وراء الإنسجام بين الأمن الإسرائيلي وحرب حزب الله النفسية، ألا وهي رغبة الاحتلال بتكثيف الضغط الاسرائيلي على الدول المؤثرة عالمياً؛ كي تضع ملف أنفاق حزب الله وصواريخه على طاولة التسويات الإقليمية والدولية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها