الجمعة 2022/08/26

آخر تحديث: 21:57 (بيروت)

هكذا غيّر الإعلام البديل صورة طرابلس والمخيمات

الجمعة 2022/08/26
هكذا غيّر الإعلام البديل صورة طرابلس والمخيمات
مخيم برج البراجنة (غيتي)
increase حجم الخط decrease
لن تكون أخبار المخيمات ومناطق الأطراف، عاجلة في تغطيات وسائل الإعلام التقليدية، إلا إذا إرتبطت بحدث أمني. ولإيصال أصوات المهمشين في المخيمات وأخبار اللاجئين والمدن المنسية كطرابلس، نشأت منصات إعلامية بديلة، كمنصة "كامبجي" و"أنا هون"، لتعوّض بزاوية كاميرتها وإعلامها عمّا تغيبه وسائل الإعلام التقليدية.
 

تنقل قصص "كامبجي" المنشورة، حرفياً إلى المخيمات المتناثرة في لبنان. تدحض الفكرة السوداوية المأخوذة عن المخيمات، وتستعرض بحرفية عالية ودقة وموضوعية، قضايا إجتماعية وسياسية متنوعّة. فمن خلال هذا المشروع، صار للمخيم منبر في وسائل التواصل الإجتماعي يعبر عن ذاته وأفكاره وأخباره. 

يضم فريق العمل شباناً وشابات فلسطينيين ولبنانيين، بعضهم ليس خريج إعلام، إنما خضع لتدريبات مكثفة في الكتابة والتصوير الصحافي والسرد القصصي. تقول الصحافية اللبنانية، مايا عبيد، التي عملت مع "كامبجي"، أنها كلبنانية لم ترَ صعوبة في العمل بمنصة تعنى باللاجئين الفلسطينيين أو السوريين أو العراقيين، بل كانت تجربة متنوعة بالنسبة إليها، تنقل مشاكل وقضايا الناس بطريقة مختلفة وإبداعية، لا ينقلها الإعلام التقليدي بشكل موضوعي، وهو الذي غالباً ما ينفرد بتغطية الأخبار المتعلقة بالإرهاب أو تجارة المخدرات او الأسلحة المتفلتة في المخيمات. 

في المقابل، تنقل منصة "كامبحي" الصوت الحقيقي الذي يضيء على أوجاع اللاجئين، وروح الأمل المزروعة في أنفسهم بحلم العودة الدائم. وتشير عبيد، إلى أن ما يميز المنصة هو "ما وراء الكواليس"، كونهم جميعاً مجموعة شبابية تنقل أصوات الشباب الواقعية. فالفريق لديه قدرة على فهم ما يقوله شباب المخيم كونه يعيش بينهم. 

وعن عملها كلبنانية مع المشروع، تقول عبيد، إنها لم تصب بالصدمة أو الصورة النمطية التي تصف المخيم بالمكان المخيف. وتشير إلى أن مشروع "كامبجي" هو فكرة لا يجب أن تموت، بل أن تبقى الصوت الحي الذي ينقل أخبار المخيمات واللاجئين من زوايا متعددة ووجهات نظر متنوعة.

وتأتي مثل هذه المنصة بسبب غياب تغطية إعلامية سليمة لوضع اللاجئين في لبنان، إضافة إلى غياب صوت الشباب ومجتمع اللجوء كلياً. وتهدف المنصة إلى إعلاء صوت الشباب الفلسطيني وإظهار مواهبه المدفونة بين أزقة المخيم، وتسعى أيضاً إلى خلق منبر إعلامي للمخيمات الفلسطينية، ليس فقط ليكون صوت المخيم للخارج، وإنما ليكون منبراً إعلامياً للمخيم بحد ذاته، يتناول جميع مواضيعه ومشاكله، بالإضافة إلى تغطية قصصه المختلفة، كما يعرض في الوقت ذاته أحلامهم ونجاحاتهم والتحديات التي يواجهونها يومياً.
 

طرابلس في الخريطة
   
تنسحب تغطية الأصوات المكتومة على شؤون عاصمة الشمال طرابلس. "أنا هون" منصة إعلامية مجتمعية تثقيفية طرابلسية مستقلة، توفر مساحة لعرض الواقع والتعبير عن الرأي العام ضمن محتوى منطقي وتحليل علمي، وفق ما يقول رئيس التحرير سعد مطر. ويضيف أن المنصة تعمل على تشجيع الشباب والمبادرات من خلال تسليط الضوء على نجاحاتهم وإمكاناتهم وطموحاتهم من أجل دفعهم للإستمرار والإلتقاء. 

تلعب "أنا هون"، دوراً إعلامياً محلياً توعوياً على أصعدة مختلفة منها إجتماعي وإقتصادي، ومدني، وثقافي وبيئي. يشير مطر إلى أن المنصة تقدم نموذجاً فريداً في الإعلام البديل، وتساهم في بناء مجتمع واعٍ قادر على إبداء رأيه بشكل إيجابي بجميع القضايا المحيط به. 

تعرض المنصة برامج أسبوعية شبابية متنوعة بأسلوب عفوي قريب من منطق الشباب ويحكي بلسانهم. ويشير مطر إلى أن المنصة البديلة، تشبه الى حد بعيد خريطة المدينة، وتمدّ الجسور بين شرائح المجتمع الطرابلسي، وتتيح التواصل بين الطرابلسي المقيم والطرابلسي المغترب، كما تلعب دوراً منشطاً ومحفزاً للسياحة الداخلية وتقدم صورة حقيقية عن طرابلس بعيداً من التنميط والتأطير الذي تمارسه وسائل الإعلام التقليدي بوصف طرابلس بشكل متطرف حصراً. 

"شدّة": مختبر لصنّاع المحتوى
في مقلب موازٍ، نشأ "مختبر شدّة" الإعلامي في طرابلس، وهو منصة إعلامية ومساحة عمل مشتركة لصناع المحتوى الإبداعي وللعاملين أو الناشطين في المجال الإعلامي. 

منسّق المشروع، نور الملي، يرى أن المختبر الذي انطلق العام 2018، بالتعاون مركز "شفت" للإبتكار الإجتماعي، وبمساهمة من شابات وشبان مقيمين في طرابلس، "يهدف إلى تعزيز السلام والإيجابية من خلال محتوى إعلامي، ترفيهي، وواقعي". ويلفت الملي الى أن "شدّة" هو أول مختبر إعلامي يقدم خدماته مباشرة لمجتمعات طرابلس وشمال لبنان، مجانًا عبر ورش عمل مع اختصاصيين في مجال صناعة المحتوى كمخرجين ومصورين وإعلاميين، يضعون خبراتهم في خدمة صنّاع المحتوى في الشمال. 

"مختبر شدّة" مجهّز بإستديو ومعدات تصوير كاملة يحتاجها العاملون في مجال صناعة المحتوى، التي تتعدد جوانبها، فمنها ما يركز على التاريخ والسياحة في المدنية، ومنها المتخصص في شؤون المرأة وقضايا العنف الإجتماعي والصحة  النفسية، ومخصص لأخبار المدينة. كما ساهم المختبر في صناعة العديد من الأفلام الوثائقية. 

ويقول الملي، إن وسائل التواصل الإجتماعي سهلت عمل المختبر نظراً لسهولة الوصول إليها، وبأنها تظهر ما يخفيه الإعلام التقليدي عن طرابلس ومبدعيها، وروادها، وهي مساحة عمل حرة تساعد الأشخاص في دخول مجال العمل بدعم تقني ولوجستي من مختبر "شدة".
 
View this post on Instagram

A post shared by Tripolives (@tripolives_leb)

من ضمن المستفيدين من مشروع "شدّة"، الشابة مريم باشات، وهي مرشدة سياحية في وزارة السياحة ومتخصصة آثار خريجة الجامعة اللبنانية، وصانعة محتوى، إذ تقدم محتوى سياحياً في وسائل التواصل الإجتماعي، ومحتوى ثقافياً يُعرّف بالمناطق الأثرية إضافةً إلى فيديوهات ثقافية عن لبنان. 

تقول باشات إن "مشروع شدّة" كان مثل "المرشد الذي وجهني إلى طريق صناعة المحتوى من خلال التدريبات التي تشمل كافة المجالات على أيدي متخصصين من إعلاميين ومخرجين وصناع محتوى". 

أما الجديد الذي يقدمها محتواها فيتمثل في طريقة العرض السلسلة والممتعة التي توصل بها باشات المعلومة، "رغم أن المعلومات تاريخية وأثرية بحتة، لكننا نُقدمها بطريقة مبسطة بإستطاعة الجميع فهمها حتى الأطفال". 
وتشير باشات إلى أن لعملها تأثيراً إيجابياً في الأشخاص، "ففي خلال فترة صغيرة أظهرنا جمال المنطقة الطرابلسية، بالقول أنها منطقة حلوة ممتلئة بالآثار، وعميقة في التاريخ، وكلها حياة وفرح، بعكس الصورة النمطية التي يظهرها الإعلام، فكنا نحن الإعلام البديل والصورة الإيجابية في هذه المدينة". أما السلبيات فهي "قلة التمويل لأن صناعة المحتوى يلزمها مجهود كبير، من ناحية الوقت والتنقلات، كوننا نزور العديد من المناطق الأثرية في عملنا". 

حجزت هذه المنصات مكانًا لمتابعي وسائل التواصل الإجتماعي، بل هي صحافة المواطن بصورة إبتكارية توزاي عمل المحطات التلفزيونية، وباتت صوتاً للمهمشين في الأطراف اللبنانية.  

View this post on Instagram

A post shared by @visit.lebnen

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها