الخميس 2022/08/25

آخر تحديث: 20:24 (بيروت)

لبنان ساحة صراع أميركي – روسي؟!

الخميس 2022/08/25
لبنان ساحة صراع أميركي – روسي؟!
استخدم الطرفان الساحة اللبنانية للردود
increase حجم الخط decrease
لا يؤشر السجال بين سفارتي الولايات المتحدة وروسيا في لبنان، في "تويتر"، بعد احتفال سفارة واشنطن بالعيد الوطني الأوكراني، سوى على حقيقة واحدة، تفيد بأن لبنان بات ساحة للصراع السياسي الروسي الأميركي.

ولم تكن الساحة اللبنانية، بمنأى عن الصراعات الإقليمية والدولية. لطالما كانت ساحة صراع علنية بين القوى السياسية المحسوبة على ايران أو الولايات المتحدة، وساحة للصراع المخفيّ بين أنصار ايران والمملكة العربية السعودية.. قبلها، كانت ساحة صراع بين الاتحاد السوفياتي والغرب، وأخرى بين أنصار سوريا أو أنصار العراق، في ظل الصراع بين حزبي "البعث" في البلدين، أو الصراع العراقي – الايراني في حرب الخليج الاولى، وقبلها، طبعاً، ساحة صراع عربي – غربي على المحاور، وانفجرت في الشاعر في العام 1958 بين أنصار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وأنصار حلف بغداد. 

لكن الأزمات السابقة، التي كان اللبنانيون فيها أدوات، تغيرت الآن. بات الكباش مباشراً بين موسكو وواشنطن، على خلفية الأزمة الإيرانية. لم يتخذ الكباش جانباً عملياً، ولم يتخطَّ موقعه الافتراضي. انحصر في الردود الدبلوماسية في "تويتر"، وهو متغير بالغ الاهمية، يؤشر الى أن اللبنانيين ظلوا بمنأى عن تلك الانقسامات، على الأقل ميدانياً، رغم الإجماع على أن الساحة اللبنانية "رخوة"، وأداة تغذية للصراعات على مختلف الصعد. 

بدأ الكباش أخيراً عندما غرّدت السفارة الاميركية في لبنان عبر "تويتر" بمناسبة العيد الوطني الاوكراني، كاتبةً: "في العيد الوطني لأوكرانيا، نقف في السفارة الأميركية في بيروت تضامنًا مع الشعب الأوكراني الذي عانى ستة أشهر من الاعتداء من قبل النظام الروسي"، ووضعت علم اوكرانيا بجانب العلم اللبناني. 

وحول سبب وضع العلم اللبناني إلى جانب العلم الأوكراني، أكّدت السفارة الأميركية: "ليست الحرب التي تختارها روسيا في أوكرانيا مجرد أزمة أوروبية، الملايين حول العالم، بما في ذلك الشعب اللبناني، يعانون انعدام الأمن الغذائي المتزايد بسبب الغزو". 

وقالت: "يعتمد لبنان على أوكرانيا لتأمين 81٪ من واردات القمح، إن سلوك روسيا هو بمثابة سرقة بشكل مباشر من اللبنانيين". 


جاء الردّ مباشراً من السفارة الروسية في بيروت. أعادت تغريد التغريدة الأميركية، وكتبت: "قررت الدبلوماسية الأميركية في بيروت الاستيلاء على علم دولة أخرى، يبدو أنهم لا يهتمون بأن هذا على الأقل ليس محترماً تجاه البلد الذي يستقبلهم". 

وتابعت: "مع ذلك، لا شيء جديداً، متى كان الأميركيون قلقين بشأن موقف الدول الأخرى ولا مصالحهم الخاصة؟". 


استخدم الطرفان، الساحة اللبنانية، للردود، ضمن أطر مختلفة. فالطرف الاميركي، أشّر الى معاناة اللبنانيين.. وجاء الرد الروسي باستخدام السلطة اللبنانية. الأول يريد حشد اللبنانيين الى جانب أوكرانيا.. بينما تريد الثانية حشد الحكومة، بوصف ما قامت به السفارة الاميركية خرقاً لعرف دبلوماسي. كلاهما يستخدم اللبنانيين، حكومة وشعباً.. وكلاهما يدرك بأن تصريحاته هي إقحام للبنانيين عنوة في صراعاتهما. 

وما كان هذا الاقحام ليجري، لو كانت هناك سلطة مركزية، وقرار لبناني واحد تجاه الأزمات والمحاور. "الخاصرة الرخوة" التي يُصطلح على تسمية لبنان بها، ناتجة حكماً عن غياب مركزية القرار، وعن التشظي الذي تعانيه السلطة، والانقسام الذي يعانيه الشعب اللبناني. 

فالبلاد، لطالما ارتضت أن تكون متشظية بين المحاور. التشظي نفسه كان قد فجّر البلاد بين "شرقية" و"غربية"، وأدى الى انقسامات سياسية عمودية ما زال اللبنانيون يعانون منها. كان الصراع المباشر في وقت سابق، مستتراً باللبنانيين. لكن هؤلاء، أخيراً، لا يقوون على الانخراط فيه، ولا الاستجابة له. ردّ مغرد لبناني بـ"ميم" يظهر شخصاً نحيلاً بين عملاقين يتساجلان. هو وضع لبنان. فيما رد آخر: "يلا سكّرنا، كل سفير يلعب أمام بيته". ما زالت صورة الصراعات ماثلة، وهو ما دفع لبناني للقول متهكماً: "تعو نعمل حرب نتقبر بلبنان!"
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها