الخميس 2022/08/11

آخر تحديث: 18:14 (بيروت)

المصارف ترفض القضاء.. فهل تحتكم لشرعة السلاح؟

الخميس 2022/08/11
المصارف ترفض القضاء.. فهل تحتكم لشرعة السلاح؟
increase حجم الخط decrease
لم تمر 24 ساعة على قرار المصارف برفض الأحكام القضائية الصادرة بحقها، حتى دخل مودع لبناني الى أحد فروعها، وشهر سلاحاً لانتزاع وديعته، تحت ضغط الحاجة. لم يكن رد المودع مخططاً له، بطبيعة الحال، على رفض المصارف الاحتكام لقرارات القضاء. لكنه حمل مؤشرات بالغة الأهمية الى أن الخيار الآن بات بين أمرين تتنازعان بالمرارة: إما القضاء، وإما السلاح. 

وبدخول المودع بسام الشيخ حسين، الى فرع مصرف "فديرال بنك" في منطقة الحمراء في بيروت، افتُتحت مرحلة جديدة من الضغط لتحصيل الحقوق. فتحت وسائل الاعلام المحلية والعالمية عدساتها لتصوير مشهد الرهائن. انتقل الحدث من بُعده اللبناني الى بُعد أوسع، أكثر انتشاراً، وأعاد تحريك قضية تتراوح على موقف واحد منذ ثلاث سنوات، ولم تعد "حُقَن المورفين" الصادرة عن المصرف المركزي كتعاميم لسحب الودائع، مُجدية. 


خلال السنوات الماضية، تحولت قضية المودعين، إعلامياً، الى قضية مملة، مضجرة، لا تحمل تشويقاً ولا تكتنف إثارة. أي جديد في هذا الملف، يُدرس في أروقة اللجان النيابية، والاجتماعات الوزارية، والمشاورات بين السلطات اللبنانية وممثلي "صندوق النقد الدولي". اليوم انكسر هذا الحاجز، وظهر فريقان من المودعين، أوّلهما مودع ليس هناك ما يخسره، بعد خسارة أمواله، وهؤلاء بطبيعة الحال فئة من أبناء الطبقة الوسطى، أو من ادخّر أمواله في المصارف لوقت الحاجة.. وثانيهما مودع ثري، نسي خسائره التي وقعت قبل ثلاث سنوات، وانطلق مرة أخرى الى أعمال جديدة، بانتظار تسوية. الثاني، لا يحمل مسدساً يدخل به الى المصرف، أما الأول فسيكون عنيفاً، يرضى بالقليل من الخسائر، ولن يرضى بخسارة كل شيء. 

والحال إن الشيخ حسين ليس فرداً متمرداً على مجموعة. هو جزء من كل، بفارق وحيد، أنه احتاج فنفَّذ.. أما الآخرون، فسينفذون عندما تدعو الحاجة، أو عندما تتوافر لهم الإمكانات. حين سنحت له الظروف، استخدم القوة، مثله مثل جمعية المصارف التي استخدمت قوتها، بالإضراب الذي نفذته الخميس، وهددت بتكراره إن صدرت أحكام قضائية بحقها. كل من الطرفين، المصرف والمودع، يستخدم القوة التي يمتلكها. وإذا صُنّف الشيخ حسين على أنه مارق، فإن الوصف سينطبق على المصرف أيضاً. كل من موقعه، الأول في وجه مصرف أودع فيه ماله، والثاني في وجه قضاء تراه جمعية المصارف منحازاً ضد مصالحها. 


المستقبل سيكون أكثر قتامة. تتحمل الدولة، التي رَشَت الناس بأموال المودعين عبر الاستدانة من المصارف، مسؤولية هذا العنف. وتتحمل المصارف ثانياً مسؤولية سوء الأمانة، وسوء التقدير، حين جمعت الأرباح من التعامل مع الدولة، ووضعت المودعين في المخاطر.. وربما يتحمل جزء من المودعين الكبار، مسؤولية الجشع، حين انصاعوا الى اعلانات ومحفزات مصرفية..

في المستقبل القريب، ستقفل المصارف أبوابها منعاً لتهديدها.. وستتداعى الحكومة للحث على إقرار قانون "الكابيتال كونترول"، وستنتهي التسوية بقضم حقوق الناس وتعبهم.. إلا من تمرَّد وشهَر سلاحه في وجه الذل والحاجة والمرض. ولهؤلاء عقوبة قضائية، بينما ليس هناك من يعاقب الدولة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها