الأحد 2022/07/31

آخر تحديث: 07:56 (بيروت)

إسرائيل تقدم تنازلاً.. أم تنصب فخاً بحرياً للبنان

الأحد 2022/07/31
إسرائيل تقدم تنازلاً.. أم تنصب فخاً بحرياً للبنان
وزيرة الطاقة الاسرائيلية: رد إسرائيلي "متقدم" في جعبة الوسيط الأميركي القادم إلى بيروت
increase حجم الخط decrease
استبقت إسرائيل وصول الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية مه لبنان آموس هوكشتاين، إلى بيروت، بحملة إعلامية دعائية تروج لقدومه كـ"توطئة لمرحلة حاسمة"؛ بزعم أنه يحمل "تنازلاً إسرائيلياً لصالح اللبنانيين".

وقد عبر عن هذه الدعاية عنوان تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، وهو "جولة مفاوضات حاسمة في الأيام المقبلة بشأن الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل". وجاء العنوان خلاصة لمقابلة حصرية أجرتها الصحيفة مع وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين ألهرار، قبل يومين، حيث ألمحت الأخيرة إلى رد إسرائيلي "متقدم" في جعبة الوسيط الأميركي القادم إلى بيروت. وقالت ألهرار إن "إسرائيل قدمت عرضا جدياً، للمرة الأولى، منذ بدأت جولة المحادثات".

وتسعى إسرائيل لبلورة اتفاق مع بيروت، وذلك لخلق خلافات بين اللبنانيين المتحمسين لإستخراج الغاز من البحر المتوسط؛ بغية إنقاذ البلد من واقعها الاقتصادي والاجتماعي الآخذ بالتعقيد، وبين حزب الله بوضعه في خانة "المعيق" للإتفاق.

وتمثلت هذه المحاولات الإسرائيلية بإلقاء الوزيرة الإسرائيلية الكرة في ملعب اللبنانيين، بقولها إن إسرائيل قدمت تنازلاً "غير مسبوق"، وأن الباقي على بيروت، مدعية توفّر "فرصة ذهبية للبنان للتوصل إلى إنهاء النزاع على الحدود البحرية، وتطوير مخزون الغاز، بما يخدم المصالح الاقتصادية للبنان".

والواقع، أن البروباغاندا الإسرائيلية اشتملت على ممارسة ضغط نفسي وسياسي على الدولة اللبنانية؛ للقبول بإتفاق مكتوب، وذلك عبر اللجوء إلى تخيير لبنان بين البقاء مدمراً اقتصادياً، أو الإنضمام إلى الدول المنتجة للغاز في المنطقة، مطالبة الشعب اللبناني بألا "يترك العناصر المتطرفة تعرقل الإتفاق"، على حد تعبير الوزيرة الإسرائيلية سالفة الذكر. 

ما هو التنازل؟
لم يحسم الإعلام الإسرائيلي تفسيراً وحيداً لهذا التنازل، لكنه كشف عن العديد من ملامح الرد الإسرائيلي الذي يحمله الوسيط الأميركي. ووفق المعطيات الإسرائيلية، فإن  مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال خولاتا، ومعه رئيس فريق التفاوض الإسرائيلي (مدير عام الطاقة) أودي أديري، كانا قد أجريا محادثة، الثلاثاء الماضي، مع هوكشتاين، وكبير مستشاري الرئيس جو بايدن بريت ماكغاراك، وذلك بهدف التمهيد لرد تل أبيب المنقول أميركياً إلى لبنان، الأحد.

ووفق المعلومات، فإن المحادثات تركزت على عرض المقترح الاسرائيلي لملف ترسيم الحدود البحرية، إذ عبر المسؤولان الإسرائيليان للبيت الابيض عن استعداد إسرائيل لتقديم تنازلات في ما يتعلق بالمنطقة البحرية المتنازع عليها مع لبنان، مع معارضتها، في الوقت ذاته، لأي تنازل خارج المنطقة المتنازع عليها.

 فالعرض الاسرائيلي، وفق التسريبات العبرية، يتمثل بتوزيع "عادل" للأرباح بين لبنان وإسرائيل، من أي حقل غاز يتم اكتشافه في المنطقة المتنازع عليها، علماً أن لبنان يرفض أي مقترض متصل بصندوق مشترك، وهو ما عبر عنه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.

ووفق هذا الرد الاسرائيلي، فإن دولة الإحتلال الإسرائيلي أوضحت للولايات المتحدة أنها مستعدة لإجراء تغييرات على الحدود البحرية مع لبنان، شريطة ألا تجري هذه التغييرات، تغييرات أخرى على الحدود البرية معه.

فخّ اسرائيلي
ومضى مراقبون ومختصون في سرد توضيحات لـ"المدن" حول الفخ الإسرائيلي من "الرد المختلف عما مضى"، بحجة أنه "متقدم أكثر"، ألا وهو خلق خلاف بين لبنانيين يرغبون بإستثمار حقوقهم من الغاز من جهة، وبين حزب الله وآخرين رافضين.

وأفادوا أن إسرائيل قدمت، بموجب الرد المزعوم، مقترحاً يقبل بمنح لبنان أسهمه عن الغاز الذي تستخرجه إسرائيل، عبر حقل "كاريش"، إذا ما ثبت أن أعماقاً معينة منه تأتي من حصة لبنان.. في مقابل، أن يتعهد الأخير، أيضاً، بمنح إسرائيل أسهمها إذا ما ثبت أن أعماقا من حقل الغاز اللبناني "قاتل"، يتسلل إليه "غاز إسرائيلي".

وبهذا المعنى، يعتبر إسرائيليون أن المقترح يمثل اتفاقاً نظرياً، لكن له بعد استراتيجي. فهو بحاجة إلى "فحص علمي ومهني"، وهنا، أشارت تحليلات إسرائيلية إلى فرنسا التي أبدت استعداداً للقيام بمهمة الفحص، عبر شركاتها المختصة.

من جهته، قال الصحافي الإسرائيلي يوسي نيشر، في حديث تلفزيوني، إن الرد الاسرائيلي يقضي ببقاء حقل "كاريش" بيد إسرائيل، بحجة أنه أقرب جغرافيا إليها، في حين يكون حقل "قانا" للبنان. 

وكشف نيشر عن أن خشية إسرائيل هي أن تذهب لعملية استخراج الغاز من حقل "كاريش"، قبل التوصل إلى اتفاق مكتوب مع لبنان. بمعنى، تسعى تل أبيب لتحصين عملية استخراجها الغاز من الحقل المذكور، بواسطة اتفاق مع الطرف اللبناني؛ منعا لأي تصعيد أو مواجهة عسكرية مع حزب الله.

وأقر نيشر بأن الدولة العبرية تنظر بجدية لتهديدات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بغض النظر ما إذا كانت نيته إدراج أي تحصيل للحقوق المائية للبنان، تحت بند إنجازات حزبه، أو بتعليمات من إيران، ارتباطاً بملفها النووي.

 اللافت أن الجهد الأميركي المكثف في ملف الترسيم البحري، ليس فقط من منطلق رغبة استراتيجية للولايات المتحدة، بل يأتي نتيجة ضغط تمارسه إسرائيل على واشنطن للتوصل إلى اتفاق قبل بدء استخراج الغاز من حقل "كاريش" في الربع الأخير من السنة الحالية، بدءاً من أيلول/سبتمبر المقبل، وفقا لما تقره جهات إعلامية وسياسية في إسرائيل.

ولم تُخفِ دولة الإحتلال أنها تبدو أكثر حماسة من لبنان في إنتظار نتائج محادثات هوكشتاين في بيروت. وسارع مسؤولون إسرائيليون إلى التأكيد أنهم، في حال حدث تقدم فعلاً، لن يعارضوا أي طلب أميركي محتمل، من الطرفين اللبناني والإسرائيلي، بالعودة مجددا لمفاوضات الناقورة القريبة من الحدود، "طالما أصبح الجانبان على وشك الوصول إلى النهاية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها