السبت 2022/07/23

آخر تحديث: 16:14 (بيروت)

هذا الرجل لا يناسبك يا حوراء

السبت 2022/07/23
هذا الرجل لا يناسبك يا حوراء
increase حجم الخط decrease
إذا أردنا أن نحسن الظن في تحليلنا للفيديو الذي انتشر مؤخراً في وسائل التواصل ويظهر رحلة أحمد وحوراء لشراء الملابس، فسنقول أن الهدف من الفيديو هو إيصال فكرة مفادها أن الثياب الشرعية التي يتذرع بها الرجال لتقويض خيارات النساء في اختيار أزيائهن الشرعية أيضاً، مملة، وذات طراز قديم.. ويجدر بتجار هذا النمط من الملابس أن يوفروا للنساء في البيئات المحافظة ثياباً "شرعية" (موديرن)، بانتظار فيديوهات أخرى تكشف الستار عن هذه الأزياء الذي يريد منا القيمون على الفيديو اعتمادها. 

كذلك، إحساناً في الظن، لا نستطيع أن نقول عن الثقافة التي يحاول المتدينون نشرها في بيئتهم، والمعترضة على كل ألوان "قوس القزح"، سوى أن الحزب يشجع على gender neutrality أو الحياد الجندري، تماماً مثلما يحدث في أوروبا الآن، حيث يلجأ العديد من الشبان لارتداء الألوان المحايدة، الرمادية والسوداء، في حركة مضادة للألوان كي لا يظهروا الجنس (gender) الذي ينتمون إليه، رجالاً أو نساء أو مثليين أو متحولين أو عابرين، بعدما كان اللون الأزرق للذكور والزهري للإناث.

في المشهد التمثيلي الذي تعرّض بعده علي ح.حيدر وآلاء حمود للهجوم، يبدو علي في شخصية "أحمد" ممتلكاً كل مواصفات الرجل الغربي: البنطال البيج، القميص الضيق باللون الأزرق القوي، الحذاء الرياضي، ساعة اليد، حقيبة الكتف.. لا شيء في أحمد يربطه بالثقافة الشرقية أو "الشرعية الاسلامية التقليدية". لا عباءة تغطي تفاصيل جسده، مثل مشايخ بيئته، أو مثلما يرتدي أهل الخليج العربي الذين حافظوا على طريقة لباسهم، ولا صندل في القدَم، ولا غطاء على الرأس، ولا حتى إغلاق للزرّ الأول في أعلى القميص.
 

يعترض "أحمد" على "الفوشيا"، على اللون الأبيض أو المزهّر، على الفساتين التي يراها ضيقة.. يرفع أصبعه، يهز به علامة الرفض.. يأمر وينهي بينما تطيع "حوراء". تبدي امتعاضها، لكنها في النهاية تنصاع لكلمة "لا".. تخفض رأسها أمام تأنيبه، هو العارف بمصلحتها وما يناسبها وما لا يناسبها، حتى من دون أن يترك لها مجالاً لأن تدخل غرفة القياس، وفي النهاية يقودها إلى زاوية الملابس الشرعية. 

هذا الذي شاهدناه ليس مجرد فيلم تمثيلي، كما أراد الثنائي علي وآلاء، بل يعبّر عن ثقافة تترسخ في المجتمع الشيعي أو السني المحافظ، قوامها السيطرة على المرأة، اعتبارها ملكية للرجل. نرى المشهد كل يوم في مختلف المجالات:

على شاطئ صور، تجلس امرأة ترتدي ثياباً شرعية، الحرارة واللهيب ينفذان من تحت الرمال، من المظلات ومن أجساد المتنزهين، بينما تقوم امرأة بتقطيع البطيخ والاهتمام بطفل صغير وتحضير سندويشات "المرتديلا".. يستمتع الرجل بالسباحة، لا يرتدي سوى شورت يصل إلى الركبتين، ويظهر صدره المكشوف وشماً لرسمة يعتقدون أنها لوجه الإمام علي. 

يخرج الرجل من الماء، يجلس على كرسيه البلاستيكي، ينفث دخان نارجيلة قامت زوجته بتحضيرها، وكلما شعر بالحر، يعاود النزول إلى الماء والسباحة، بينما تعاني زوجته تحت ثيابها الشرعية قيظ الصيف. 

لا يخرج فيديو "أحمد وحوراء" عن هذا السياق. تسعد المرأة حين يرافقها الرجل للتسوق، لكن ليس لكي يفرض عليها رؤيته وآرائه ونظرته لها ولجسدها، وليس من حقه أن يحدد لها الثقافة التي يجب الإلتزام بها بينما يعيش هو على النقيض من ذلك تماماً.

الهوة في نظرة الرجل للمرأة في مجتمع مغلق يتذرع بـ"الثياب الشرعية"، ويعادي الألوان، ويفرض رأيه، تبرز بما لا يحمل الشك أن الرجل في تلك البيئات المحافظة يحتاج الى امرأة تابعة، تنفذ الأوامر، ومُصادَرة الرأي والموقف. تظهر حوراء في الفيديو متمردة على هذه الوصاية الرمزية، بغطاء ديني، باعتراضها على ما يحاول فرضه عليها، لثبت قاعدة: لا أريد، طالما أنك تفرض. 

هذا الرجل لا يناسب حوراء.. مستحيل مستحيل يا حوراء! هذا الرجل ألوانه قاتمة، وأنت تستحقين رجلاً يحب الحياة مثلك. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها