الخميس 2022/07/21

آخر تحديث: 19:21 (بيروت)

ملف اللاجئين ينفجر في وجه داليا أحمد

الخميس 2022/07/21
ملف اللاجئين ينفجر في وجه داليا أحمد
increase حجم الخط decrease
انفجر لغم ملف اللاجئين اعلامياً، في وجه مقدمة البرامج في قناة "الجديد" داليا أحمد عندما قررت أن تتخذ موقفاً من صراع تيارَي "المجتمع الدولي" و"الدولة اللبنانية"، ضمن برنامجها الساخر "فشة خلق". وانقسم اللبنانيون والسوريون بين من اتهمها بالعنصرية، وذكرها بأنها سبق أن تجرعت كأس التعرض لتمييز عنصري، وبين من اعتبر أنها تتبنى وجهة نظر الدولة اللبنانية في ملف تقول الحكومة إنه بات عبئاً مالياً عليها.

وبين اتهام أحمد بتربيح السوريين منّة استضافتهم في لبنان، عبر تقاسمهم "الخبز المدعوم والدواء المدعوم مع اللبنانيين..."، وبين دعوتهم لمغادرة لبنان، إذ "مش لايقة نهاجر" كلبنانيين، و"إنتو تبقو"، انقسم اللبنانيون مُعسكَرين: الأول، يشن حملة على أحمد متهماً إياها بالعنصرية، شارك فيه لبنانيون وسوريون على السواء، وبينهم مؤثرون ومنصات سورية معارضة، ذكّروا أحمد بتضامنهم معها يوم تعرضت لعنصرية من قبل مناصرين لحركة أمل وحزب الله. أما المعسكر الثاني، فقوامه لبنانيون بغالبيتهم، لم يروا في خطاب أحمد أدنى عنصرية، إذ انطلقوا من "آثار اللجوء في الاقتصاد اللبناني" وضرورة معالجة هذا الملف، معتبرين أن المساعدات التي تأتيهم من المجتمع الدولي، تساهم في إبقائهم في لبنان، في حين أنهم ليسوا جميعاً "لاجئين سياسيين".


بدورها، صعّبت داليا أحمد الموقف بمخاطبتها شعباً برمته، وهي العارفة بأن حل هذا الملف ليس في يد الشعب السوري، ولا الشعب اللبناني. لكن منتقديها، صعّبوا كذلك تعريف مفهوم حرية التعبير، واضعين هذا الملف في خانة التابوهات المعصومة عن النقد!

النقد كحق
ويرى الإعلامي سلام الزعتري في حديث لـ"المدن"، أن توجيه النقد للفقرة التي حملت عنوان اللاجئين في برنامج "فشة خلق"، يمكن أن يدور حول ركاكة النص وأداء داليا أحمد، مستغرباً الذهاب لمكان آخر واتهام أحمد بـ"العنصرية". يقول: "البرنامج ليس نشرة أخبار بل هو من فئة الهجاء الساخر، وهذا النوع من الفن يحتوي على النقد بطبيعته. أحمد تناولت ملف اللجوء من منطلق نقدي، ولم توجه إهانة للشعب السوري، ولم تحرض على إهانتهم"، سائلاً: "أين وجدوا العنصرية في كلامها إذاً"؟.

شتان بين النقد والعنصرية، يقول الزعتري، مستشهداً بالحملة العنصرية على داليا أحمد بسبب لون بشرتها، وهي عنصرية محض، غير قابلة للشك، بينما داليا اليوم تبدي رأياً في ملف اللجوء، ولا تُميّز على أساس عنصري. ولا ينكر الزعتري أنها ربما ظهرت في مظهر المتعالية بكرم الأخلاق من بوابة أننا "استضفناكم لسنوات بس هلق ما بقا زابطة"، لكن عدم الإهانة ينفي تهمة نشر الكراهية برأيه.

ويحذر الزعتري من ترند "تحويل كل شيء نقوله في هذا الملف الى خانة العنصرية"، وهو ما "يصعّب طرحه للنقاش"، و"يسهّل إصدار الأحكام بالعنصرية في حق متناوليه"، مضيفاً: "خلينا نسأل اللاجئين عن ردّ فعلهم على الحلقة، ونوقف المزايدة بالانسانية". وعن دعوة السوريين للرحيل منعاً لهجرة اللبنانيين، يقول الزعتري: "حتى لو لم نوافق داليا الرأي، واجب علينا ضمان حقها في التعبير في سياق ممارسة فن الهجاء الساخر". 

اللا إنسانية.. بحجة الانسانية
ومن المفترض أن يكون النقاش في مكان آخر اليوم، يقول الزعتري. "فالمجتمع الدولي سخّر جمعيات ومنظمات غير ربحية ومنصات، لتعزيز مقاربته لملف اللجوء، بحيث حتى لو شارك الصحافي معطياتٍ وبيانات، فقد تنقلب عليه باتهامه بالعنصرية، ما يغيّب أي نقاش حضاري بنّاء". 

ويسأل: "هل إبقاء اللاجئين في مخيمات، مدى الحياة، يعني أننا نتصرف تجاههم بإنسانية؟ ولماذا لا قرار للمجتمع الدولي حول أزمة إنسانية بهذا الحجم؟"، معتبراً أن "تبّني قيماً غربية وإسقاطها على مجتمعنا وإنهاء النقاش عبر إصدار حكم مبرم، ليس هو الحل"، مضيفاً: "مجتمعنا خليط من قيم شرقية وغربية، وفي محطات عديدة كان هناك لبنانيون، سياسيين أو أفراداً، تعاطوا بعنصرية مع اللاجئين، لكن هذا يجب أن لا يعيق مقاربة الملف عبر فتح نقاش علمي-عملي".

Bad Marketing 
"حرام ما تفعله بنفسها داليا، وما تفعله قناة الجديد"، يقول الممثل سعد القادري، الذي كانت له استقالة من برنامج "قدح وجم" للمخرج شربل خليل قبل سنوات، رداً على عرضه أغنية وصفت بالعنصرية تجاه اللاجئين السوريين. 

ويستغرب القادري: "كيف تخجل أحمد من سماع مفردات يستخدمها أبو طلال في برنامجها، بينما هي قادرة على أن تجرح بعباراتها شعباً بأكمله؟". وبرأيه، فإنّ "إدارة الجديد أنطقت أحمد بكلام، هي ألطف من أن تقوله، لكنها كانت الوسيلة لقوله في هذا التوقيت، تماشياً مع تريند الحملة السياسية اللبنانية ضد اللاجئين السوريين، بقيادة الرئيس نجيب ميقاتي، ورأس الحربة، جبران باسيل".

والقادري الذي لا يرى أحمد مرتاحة في أدائها في البرنامج بشكل عام، حاكماً على "فشّة خلق" بالفشل كتركيبة "كلها على بعضها مش زابطة"، يرجّح زج هذا الملف، على حساسيته، في برنامجها -من بوابة الاعتقاد بأن الـbad marketing (التسويق السيء) هي good marketing (تسويق جيد)، وهذا لم يعد صحيحاً في زمننا هذا، بدليل "مقاطعة فنانين ومقدمي برامج في دول عديدة، رداً على مواقف تحمل في طياتها أبعاداً عنصرية".

ويقول القادري: "إذا حصلت هذه الطبقة السياسية اليوم على تمويل لقاء بقاء اللاجئين، سنراها مستعدة لطي ملفهم لثلاث سنوات على الأقل، فهي لا تقدم شيئاً بالمجان، وهناك مساعدات كثيرة أرسلت للاجئين، استفاد منها لبنان".

إلهاء الرأي العام
"أكيد بدنا يرجعوا اللاجئين"، يؤكد القادري، "فكل لاجئ يتمنى العودة لوطنه في نهاية المطاف"، لكن هكذا نتيجة "لا تصنعها داليا ولا أنا ولا تصاريح باسيل العنصرية. وفي ظل غياب خطة آمنة، هل نخاطر بإعادتهم، وترك بعضهم يموتون ممن هم مطلوبون سياسيون؟".

ويسأل: "هل المطلوب حرقهم في خيمهم، ليفرح دعاة العنصرية في لبنان؟"، مذكراً بأن "اللبنانيين كذلك بعضهم لاجئ في دول أجنبية، ويعيش من أموال ضرائب الشعوب المضيفة"، معتبراً أن المنظومة "ترمي فقاعات إعلامية لإلهاء الرأي العام عن فسادها"، وهي تقارب ملف اللجوء بعنصرية "تهرباً من مسؤوليتها في كلفة الانهيار".

وعن الخشية من تقويض حرية الرأي عبر اتهام أحمد بالعنصرية، يقول: "أفهم أن يصدر كلام داليا عن جارتي في الحي، المنزعجة من مشاركة السوريين لها في الخبز، لكن ليس عن إعلامية تصنع رأياً عاماً، وتعرف أن عودتهم لن تعيد سعر الربطة لـ1500 ليرة، فيما مقاربتها للملف قد تولد العنف ضدهم، فاللبناني قد يُردي لبنانياً لقاء ربطة خبز على أبواب انفجار اجتماعي، وهي حادثة شهدناها منذ أيام، فمن يضمن عدم تكرارها وبمعيار عنصري؟".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها