الخميس 2022/06/09

آخر تحديث: 22:41 (بيروت)

إعلام جاهل بملف الترسيم.. وخبراء "غبّ الطلب"

الخميس 2022/06/09
إعلام جاهل بملف الترسيم.. وخبراء "غبّ الطلب"
سفينة "انرجين"
increase حجم الخط decrease
غطت الخرائط طاولات البرامج الحوارية، وتاه المشاهدون بين الخطوط المتداولة في ملف ترسيم الحدود البحرية: الخط رقم (1)، الخط رقم (23)، الخط رقم (29)، خط "هوف".. خط مبادرة هوكشتاين، حقل كاريش، حقل قانا، نقطة الناقورة، صخرة تخليت.. ونقاط لا تُحصى من مواقع جغرافية عائدة لآبار في مياه المتوسط، ومواقع رسو السفينة "انرجين"، وغيرها... 

تاه المشاهدون بين الأرقام، وتاه المذيعون.. أما الضيوف، فمنهم من واظب على الحديث في الملف منذ 5 سنوات، وهم خبراء تمرسوا فيه، ومنهم من يُعدّ ضيفاً طارئاً، انتقل من التحليل السياسي الى الاقتصادي بعد ثورة 17 تشرين، إلى خبير قانوني على الطلب، والآن خبير قانوني في النزاع البحري وخبير في ملف النفط... 

تتكرر المعطيات، وتُضخّ في اتجاه واحد. تفاصيل تقنية، ضاع إثرها المساهدون بين خطين: أيهما هو حق لبنان؟ وما الفارق بين الخط الرسمي والخط التفاوضي؟ دخلت السياسة في توصيف الحدث. بعضهم يريد التصويب على "حزب الله" من باب تخليه عن المياه.. والبعض يخوض المعركة في معرض المناكفة مع "التيار الوطني الحر"، خصوصاً خصومه من منظمات المجتمع المدني وأنصار "تيار المردة"، رداً على جمهور التيار الذي طالب وزير الأشغال السابق ميشال نجار بتوقيع المرسوم 6433 المعدل.. أما البعض الآخر، فيتحدث عن ضياع الحقوق، وشاح بنظره عن التفاصيل السياسية. 

في هذه المعمعة، ينصت الإعلاميون ويدورون حول نقطة واحدة: الخط 23 أو الخط 29؟ لم يُسمع سؤال تعقيبي على ما يُقال: ماذا بعد؟ وما هي خيارات لبنان؟ 

باستثناء نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، الذي يعد من أبرز المكلفين من قبل فريق رئيس الجمهورية بالتفاوض على الملف، وظهر على شاشة "أم تي في" موجهاً رسائل قاسية لرئيس الوفد التفاوضي السابق العميد بسام ياسين، لم يستضف الإعلام أي فاعل في الملف. لا مفاوض سياسياً، ولا متواصل مع هوكشتاين، ولا شخصية فاوضت في السابق ديفيد هيل أو فريديريك هوف... بقيت الاستضافات في نطاق الخبراء المتمرسين و"الطارئين" على المهنة، وخبراء "غبّ الطلب".. وبالتالي، سيبقى الإعلام يدور في حلقة النقطتين، و"يعلك" شريط "ضياع الحقوق". 

اللافت أن الاعلاميين الذين يحاورون في الملف، لم يطرح أي منهم سؤالاً عن أسباب عدم التنقيب في البلوك رقم 9، الملزم للاستثمار منذ العام 2017... ولم يطرحوا أي سؤال متصل بأسباب عدم فتح بلوكات جديدة للاستثمار في دورة استكشافية جديدة. هل يُعدّ ذلك قصر نظر؟ كما لم يطرح أحدهم أي سؤال عن خيارات لبنان في حال توقيع المرسوم المعدل وتغيير النقطة الحدودية... 

الحال إن عدم طرح تلك الاسئلة، ينمّ عن أمرين، أحدهما الجهل بالملف وتكرار ما يتردد بشكل ببغائي، والاكتفاء بلعب دور المتلقي.. والثاني أن بعض هؤلاء الإعلاميين، يعمل وفق أجندة سياسية، على قاعدة المعارضة السلبية. شعبويات ومزايدات يُراد منها استهداف قوى سياسية فحسب، من دون تقديم بدائل. والأنكى أن هؤلاء يتخوفون من الحرب. كيف يمكن تجنبها بالدفع نحو اعتماد الخط 29؟ لا إجابات!

مشكلة الإعلام اللبناني أن معظمه مسيّس، وليس على استعداد لطرح البدائل أمام السلطة. رويداً رويداً، "تبرد الرؤوس الحامية" في أروقة سياسيين معارضين، طالما أن الخيارات معدومة. ثمة محركون للإعلام من الخلف، حيث تتضارب الأجندات السياسية. وهي فرصة حامية الآن، لتصفية حسابات، والمزايدة على حق لبنان الذي يبدو أنه ضاع. 

ما لم يطرحه محاورو الشاشات: كيف يمكن تجنب الحرب؟ وما أحجموا عن سؤاله: ما هي أسباب التقصير الحكومي عن تلزيم بلوكات إضافية، وإحجام الشركات عن الحفر في البلوك رقم 9؟ حين يُسألون في "تويتر"، يعالجون سائليهم بالبلوك، أو يتجاهلون الإجابات. لا إجابات لديهم أصلاً.. إعلام "ما شافش حاجة"!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها