الأحد 2022/06/05

آخر تحديث: 18:32 (بيروت)

"حزب الله" يبحث عن الشرعية لبدء الحرب

الأحد 2022/06/05
"حزب الله" يبحث عن الشرعية لبدء الحرب
increase حجم الخط decrease


يرصد اللبنانيون عبور سفينة وحدة إنتاج الغاز القادمة من سنغافورا إلى حقل كاريش، واجتيازها للخط 29 المتنازع عليه بين لبنان والعدو الإسرائيلي، بترقب لمآلات هذه الخطوة التي تهدد بإشعال حرب بين حزب الله وإسرائيل. 

ففي مواقع التواصل الاجتماعي، انقسم اللبنانيون بين خصم لـ"حزب الله" يعايره بالعجز عن إيقاف الباخرة والوقوف مكتوف الأيدي، ويلمح إلى وجود صفقات خفية وبأن الخط 29 قد تم التنازل عنه لمصلحة إسرائيل تحت الطاولة، وقسم آخر مؤيد لحزب الله، بدأ يعد العدة للحرب، متوعداً الإسرائيليين بردّ قاس.
وانتشرت أخبار وصور في مواقع التواصل تظهر أن السفينة قد أصبحت بالفعل داخل المنطقة المتنازع عليها، ودعا ناشطون الحكومة اللبنانية إلى التحرك وتوقيع المرسوم الذي يقضي باعتبار الخط 29 هو الخط المعتمد لبنانياً للتفاوض وذلك لمنع عمليات التنقيب. 
يجد "حزب الله" نفسه في موقف حرج أمام وصول الباخرة إلى حقل كاريش، فهو من جهة كان قد توعد بمنع الاسرائيليين من التنقيب في الحقل قبل ترسيم الحدود، ملوحاً باستخدام القوة العسكرية، ومن جهة ثانية فإن قرار الحرب يبدو قراراً صعباً في الظروف الحالية، فعدا عن اختلال  توازن القوى عسكرياً بشكل واضح لصالح العدو الاسرائيلي، فإن لبنان يعاني من أزمات إقتصادية واجتماعية وسياسية لا تسمح له بخوض الحرب وما سينتج عنها من نازحين وتدمير للبيوت والبنى التحتية في ظل عزلة عربية يعاني منها لبنان، تمنع وصول المساعدات إليه كما العام 2006، بالاضافة إلى اتساع الشرخ بين الحزب وبيئته وبين باقي المكونات اللبنانية.

لذلك، وحتى لو استطاع حزب الله عبر صواريخه وقف أعمال التنقيب، فإن تبعات ذلك على الداخل اللبناني والاقتصاد اللبناني ستكون أكبر من قدرة أي كان على تحملها.

ليس غريباً أن جمهور حزب الله على مواقع التواصل يدعو إلى التروي، وإلى "الثقة بقرارات المقاومة مهما كانت"، حتى لو كانت عدم الرد حالياً، وانتظار الزمان والمكان المناسبين، فيما يبدو وكأنه تحضير الرأي العام لخيار عدم الرد ووضع الأمور بيد الدولة اللبنانية لحل المسألة عبر الطرق الدبلوماسية والقانونية.
ازدادت قوة حزب الله العسكرية بفعل التمدد في سوريا والعراق وفتح طرق جديدة لاستيراد السلاح من إيران، لكن انهيار اقتصادات هذه الدول والأزمات التي تمر بها والعزلة التي تعاني منها، قلّصت من مرونة حزب الله وقدرته على خوض الحروب والمغامرات العسكرية. هذا الواقع جعله معزولاً أكثر فأكثر في مناطقه الضيقة. فحتى التضامن الشعبي الذي حظي به في وقت سابق في الشارع المسيحي، خصوصاً عام 2006، أصبح اليوم مجرد تحالف انتخابي  قائم على المصالح المشتركة ولا يجد صداه في الشارع اللبناني. 

يدرك حزب الله كل ذلك ويدرك أن المزاج الشعبي قد تغيّر، وأن أي مغامرة غير محسوبة ستكون عواقبها وخيمة عليه وعلى بيئته الحاضنة، لكن حزب الله يدرك وجود إجماع لبناني على السيادة وعلى الدفاع عن الثروة البحرية، إلا أنه لن يقوم منفرداً بالمغامرة قبل أن ينال موافقة الأغلبية على الحرب وهو ما سيحاول الحصول عليه قبل القيام بأي عملية عسكرية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها