الأحد 2022/05/08

آخر تحديث: 20:07 (بيروت)

اسرائيل تجادل في حرمة وخطورة اقتحام المسجد الاقصى

الأحد 2022/05/08
اسرائيل تجادل في حرمة وخطورة اقتحام المسجد الاقصى
increase حجم الخط decrease

أبرزت أحداث المسجد الأقصى، في الفترة الاخيرة، تحولًا في مضمون نقاش جدلي بين الإسرائيليين، حيال خطاب التحريض الذي يمارسه تيار يهودي متطرف.. ليس لسواد عيون الفلسطينيين، بل لأن الراديكاليين يشكلون خطراً على الدولة العبرية وأمنها، كما تقول وسائل الاعلام الاسرائيلية. 

وصل صدى هذا النقاش إلى أروقة الإعلام العبري، وكان رواده رجال دين وسياسة وأمن، وإعلاميون أيضاً، رغم أن هذه الأطراف مجتمعة، حاولت قدر الإمكان، في السنوات الأخيرة، ألا تُبرز هذا الجدل، وترددت كثيراً في إطلاق توصيف "إرهابيين" عليهم. وذهبت المؤسسة الرسمية، بدلًا من ذلك، إلى محاولات تطويع وتدجين هذا التيار المتطرف، الذي يمثله عضو الكنيست ايتمار بن غفير، بعدما كان الأخير وتياره الأيدولوجي المتشدد محظوراً عليه الدخول إلى الكنيست والحكومة، حتى قبل سنوات قليلة.

وايتمار بن غفير، يبلغ من العمر 46 عاماً، ويعتبر مرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل العام 1994، المتطرف باروخ غولدشتاين، ملهماً له فكراً وسلوكاً. مع العلم أن غولدشتاين ارتكب المجزرة عبر إطلاق الرصاص الحي من رشاشه باتجاه المصلين في المسجد الإبراهيمي، ما أسفر عن استشهاد 29 وإصابة 150 آخرين.

اللافت أنّ أصواتاً صحافية إسرائيلية، وليست بالضرورة يسارية، قد بدأت تتعالى باتجاه المطالبة بالكف عن منح أي منصة لبن غفير وتياره المتطرف، من منطلق الخطر الذي يشكله بن غفير وآيدولوجيته تجاه إسرائيل وأمنها، خصوصاً في ظل تحديات أمنية غير مسبوقة، على المستوى الفلسطيني أو الإقليمي.

وتجلت هذه الأصوات بمقال في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بعنوان "يجب على وسائل الإعلام الإسرائيلية التوقف عن تغطية الراديكاليين مثل إيتمار بن غفير"، حيث طالب كاتب المقال، الصحافي الإسرائيلي من أصول يمنية، بن درور يميني، وسائل الإعلام العبرية بالتوقف عن تغطية أنشطة وتصريحات الراديكاليين والمتشددين مثل عضو الكنيست المتطرف ايتمار بن غفير، حيث اعتبر أن بن غفير يحاول إشعال النار في الشرق الأوسط من خلال مطالبه المتطرفة وتحريضه.

والواقع، أن ثمة أمرين دفعا إلى مقال "يديعوت أحرونوت": الأول، أن بن غفير حاول التشكيك في جهاز "الشاباك"، بسبب منعه من دخول المسجد الأقصى؛ بذريعة أن سلوكه يشكل خطراً على أمن إسرائيل. ولعل هذا التشكيك يعني المس بـ"البقرة المقدسة"، بمنظور الإسرائيليين، ألا وهي "الأمن". وهنا، حاول المقال في "يديعوت أحرونوت" أن يدافع عن "الشاباك"، بالقول إن "الكثيرين من الإسرائيليين مدينون في حياتهم للشاباك".

بينما يكمن السبب الثاني لهذه الأصوات في أن عنصرية بن غفير وتحريضه ونشاطه في القدس والمسجد الأقصى، بمثابة العامل الأهم في إغضاب الشباب الفلسطيني، ودفعهم نحو تنفيذ عمليات فدائية ضد أهداف إسرائيلية، لاسيما وأنّ عملية "إلعاد" الأخيرة التي نفذها شابان من جنين مساء الخميس الماضي، وقعت في هذه المنطقة المعروف سكانها بالمتدينين، وأن فئة منهم تواظب على اقتحام المسجد الأقصى.

وراحت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، من خلال المقال، إلى شن هجوم على بن غفير "المحرض وأتباعه"، باعتبارهم يقودون حملة دعائية ضد "الشاباك وأولئك الذين كرسوا حياتهم لحمايتنا"، على حد تعبير الصحيفة، مشددة على أن تصرفات بن غفير "الغريبة" جعلت منه نجماً إعلامياً، وسيأتي يوم يتعين فيه على وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تفكر في خياراتها. ووجه المقال نصحاً لوسائل الإعلام العبرية، في هذا المضمار، بالقول: "كلما بدأت عملية التفكير الذاتي بشكل أسرع، كان ذلك أفضل".

الجدل الإسرائيلي ليس إعلامياً فحسب، بل سبقه نقاش أمني وأكاديمي وسياسي. فقد أقرّ المحلل السياسي روني شاكيد، وسبق له أن عمل في المخابرات الإسرائيلية، بأن إشكالية التوتر الأمني تكمن في الحكومة الإسرائيلية، التي غيرت من الأمر الواقع و"الستاتيكو" في المسجد الأقصى منذ عام 2015، من اجل "حفنة من المستوطنين المتطرفين". 

وزاد شاكيد على ذلك، في حديث لإذاعة "مكان" العبرية أواخر الشهر الماضي، بالتأكيد أن هؤلاء المستوطنين هم الذين يتسببون بإشعال الأمور، محذراً من تحول الصراع إلى "ديني"، بإعتباره خطراً على "إسرائيل والمنطقة برمتها"،.

أما الجدل الديني اليهودي، فقد مثلته مدينة "إلعاد" المتدينة (سكانها من الحريديم)، حينما دار نقاش حاد بين حاخام يهودي وعضو الكنيست المتطرف بن غفير، عند وصوله إلى المدينة فور العملية التي نفذها فلسطينيان وأسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين..إذ وجه الحاخام إدانة شديدة لسلوك بن غفير واتباعه في اقتحام المسجد الأقصى، كونه "مخالفاً للعقيدة التوراتية التي تحرم دخول اليهود إلى الأقصى".

الواقع، هناك تيارات دينية يهودية مختلفة في ما بينها إزاء حرمة اقتحام اليهود للأقصى. ويقول المتخصص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي لـ"المدن"، إنه حتى ستينيات القرن الماضي، كانت هناك حالة من الإجماع بين الحاخامات اليهود على حُرمة صلاة اليهود في المسجد الأقصى. ولكن، بعد دخول الفكر القومي على "الحريديم" (المتدينين)، بدأت مرجعيات يهودية استيطانية تذهب، تدريجياً، باتجاه إجازة اقتحام المسجد الأقصى. وفي العام 1996 خرجت فتوى دينية من حاخامات يهود بإجازة إقتحام المسجد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها