الأربعاء 2022/05/25

آخر تحديث: 21:06 (بيروت)

اللبنانيون منقسمون: بيع أملاك الدولة وشطب أموال المودعين

الأربعاء 2022/05/25
اللبنانيون منقسمون: بيع أملاك الدولة وشطب أموال المودعين
منيمنة يعارض الصندوق السيادي.. أملاك الدولة أمانة نمررها للأجيال المقبلة (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
مرّ عامان ونيف على بدء الانهيار الاقتصادي في لبنان. توالت الخطط والمقترحات للخروج من الأزمة، إلا أن النقاش ما زال هو نفسه، وينقسم اللبنانيون إلى قسمين، واحد يؤيد إنشاء صندوق سيادي تُستثمر فيه أملاك الدولة اللبنانية، من المرفأ والمطار وغيرها، وتستخدم عائداتها لسداد أموال المودعين.. والقسم الآخر يدعم تحميل المسؤولية للمصارف، وبطبيعة الحال للمودعين، عبر شطب جزء من ودائعهم وشطب ديون الدولة.

منذ أن أقرت حكومة نجيب ميقاتي، قبل أن بدئها مرحلة تصريف الأعمال بيوم واحد، خطتها الأخيرة، امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بآراء الخبراء الاقتصاديين، بين مؤيد للرأي الأول ومؤيد للثاني، وكان بارزاً ما أدلى به النائب ابراهيم منيمنة في برنامج "عشرين 30" على قناة "أل بي سي"، ووقوفه ضد الصندوق السيادي وبيع أملاك الدولة وتحميلها المسؤولية، في مواجهة نائبي "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" اللذين أيدا فكرة إنشاء الصندوق. 

المعارضون للصندوق السيادي يرون أن أملاك الدولة هي ملك لجميع اللبنانيين، الذين نصفهم لا يملك ودائع في البنوك، وليس من المنطقي أن نبيع أملاك هؤلاء كي نسدد ديون المصارف التي حققت الأرباح على مدى السنوات السابقة، ولا كي نسدد ودائع جزء من الشعب اللبناني، كما أن هذه الأملاك هي ملك للأجيال المقبلة التي لا يجب أن نحملها وزر قراراتنا. كما يزعم معارضو الصندوق بأن بيع أو استثمار أملاك الدولة، وبالتالي تحميلها المسؤولية، سينعكس زيادة في الضرائب على المواطنين جميعاً، وخصوصاً الفقراء.

الحل لدى هؤلاء هو بتحميل المصارف المسؤولية، إذ أدت مغامراتها المالية وإقراضها الدولة، إلى إفلاسها، ولا ينتبه العديد من المعارضين إلى أن تحميل المصارف المسؤولية سيؤدي بشكل أو بآخر  إلى شطب جزء كبير من أموال المودعين، على اعتبار أن رساميل المصارف وممتلكاتها لا تكفي لسداد ودائعهم. جزء كبير من هؤلاء المودعين عبارة عن مؤسسات تعليمية أو صناعية يرتكز عليها الاقتصاد اللبناني ولا يمكن القضاء عليها عبر شطب ودائعها. حتى المودعين الأفراد، ما ذنبهم أن يطير جنى أعمارهم في أزمة لم يكن لهم يد في صنعها أو تفاقمها؟

أما المؤيدون لفكرة إنشاء الصندوق السيادي، فيحاججون بأن الدولة تتحمل كامل المسؤولية، إذ أنها اقترضت المال من المصارف من دون أن تكون قادرة على الرد، بل وذهبت نسبة كبيرة من هذه الأموال في مزاريب الهدر والفساد والمحسوبيات. بل إنها، في بعض الأحيان، أجبرت المصارف على إقراضها، ومن المنطقي أن تبيع أصولها كي ترد لأصحاب الحق حقه. ويرى هؤلاء أن شطب أموال المودعين سيؤدي بالكثير منهم إلى الفقر، ما سيخلق أزمة إجتماعية في البلد. ويعتبر بعضهم أن اللبنانيين جميعاً، حتى من لا يملكون حسابات في المصارف، استفادوا من أموال المودعين التي اقترضتها الدولة. فقد استفاد هؤلاء من دعم الكهرباء، وتثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وعليهم بالتالي تحمل مسؤولياتهم. ويتساءل المؤيدون عن الفائدة من بقاء أملاك الدولة في يدها، في حين أن هذه المرافق لا تعمل بشكل جيد، وهي غير منتجة وينخرها الفساد، في حين أن وضعها في يد القطاع  الخاص قد يعود بالفائدة على الجميع.

بين الانقسامات في الشارع اللبناني، اختارت الدولة اللبنانية اللاقرار. وقفت مكتوفة اليدين تتفرج على الانهيار، من دون أن تأخذ بأي من الحلول المطروحة، ذلك أن الانقسام الشعبي حول توزيع الخسائر موجود أيضاً لدى الأحزاب السياسية التي يتمترس كل منها خلف رأيه. وتذر الدولة الرماد في العيون، عبر مفاوضات "بيزنطية" مع صندوق النقد الدولي، من دون أي تقدم ملحوظ، وعبر خطط لا تجد طريقها إلى النور. فيما يبدو للبعض وكأنه مؤامرة من الدولة على مواطنيها، حيث تحاول التقليل من الخسائر عبر تعميمات مصرف لبنان، ودفع الودائع إلى الليرة اللبنانية، وبالتالي استنزافها، بأسعار صرف منخفضة وغير حقيقية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها