الأربعاء 2022/05/18

آخر تحديث: 20:44 (بيروت)

"الكتائب" و"القوات" ومخزومي الأكثر إنفاقاً في "فايسبوك"

الأربعاء 2022/05/18
"الكتائب" و"القوات" ومخزومي الأكثر إنفاقاً في "فايسبوك"
increase حجم الخط decrease
"أنا ضبيت زبالتي عن الطريق فتفضلوا يا مرشحين ونواب ضبوا زبالتكن عن الطرقات". بهذه الدعوة، ختمت النائبة المنتخبة حديثاً، نجاة عون، يوماً طويلاً من الإعلان عن نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية للعام 2022.
ربما تساهم هذه السابقة في إزالة مخلّفات المرشّحين من صور وشعارات طُبعت على الورق والقماش والبلاستيك، لكن ماذا عن المخلّفات الرقمية؟


كما على الجدران والتلفزيون، كذلك في الفضاء الرقمي، انتشرت صور المرشحين والمرشحات وفيديوهاتهم ووصلت إلى الكثير من اللبنانيين، حتّى لو لم يكونوا من متابعيهم، وهو ما لن يكون ممكناً من دون إنفاق المال على الإعلانات الرقمية.

وقبل يوم واحد من موعد الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت في 15 أيار/مايو، أكّدت "هيئة الإشراف على الإنتخابات" أنّ "امتلاك المرشح لحساب شخصي مجاني في مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها تصنف ضمن وسائل الإعلام المشار إليها في قانون الانتخاب وتخضع للإنفاق الانتخابي". لكن الهيئة المتقاعسة عن دورها لم تشرح كيف ستراقب وسائل التواصل، في حين لم تسمع بالتسعيرة التي فرضتها وسائل الإعلام المرئية للظهور الانتخابي، والمبالغ الخيالية التي يدفعها المرشّح مقابل عشرات الدقائق بالدولار الأميركي الطازج. وقد أشار بيان "بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في لبنان" إلى أنّه "بينما تمّ احترام حرية التعبير بشكل عام، فشلت وسائل الإعلام في توفير رؤية متساوية وتغطية متوازنة للانتخابات التي تعد الأولى بعد انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850".

وأعلنت شركة "ميتا" (فايسبوك سابقاً) في شهر نيسان/أبريل الماضي أنّها ضمّت لبنان إلى لائحة الدول التي يمكنها استخدام الأدوات المتاحة من قِبل الشركة "لتعزيز الشفافية والرقابة على إعلانات القضايا الاجتماعية والانتخابات والسياسة". وبموجب هذه السياسة التي بدأ تطبيقها في لبنان في وقت متأخّر، بدءاً من 22 آذار/مارس الماضي، أصبح ينبغي لكل من يريد نشر إعلان سياسي أو انتخابي أن يثبت بياناته الشخصية عن طريق بطاقة الهوية الرسمية لكي يحصل على ترخيص ويثبت أنّه موجود داخل لبنان.

بالإضافة إلى ذلك، أصبح في إمكان المستخدمين في لبنان الاطّلاع في "مكتبة الإعلانات" (facebook.com/ads/library) على الإعلانات التي تُنشر عن قضايا انتخابية أو سياسية أو اجتماعية، ومعرفة المبالغ التي أنفقتها الصفحات في فايسبوك، والشخص الذي يدير حملاتها الإعلانية. لكن، لا يمكن الاطّلاع على البيانات التي تسبق 22 آذار، موعد تطبيق السياسة الجديدة في لبنان.

ويظهر "تقرير مكتبة الإعلانات" أنّ حزب "الكتائب اللبنانية" كان أكثر مَن أنفق المال من 22 آذار لغاية 15 أيار (يوم الانتخابات) مع حوالى 27 ألف دولار أميركي، يليه حزب "القوات اللبنانية" مع نحو 17 ألف دولار، ثم حركة "مواطنون ومواطنات في دولة" مع مبلغ مماثل.



صحيح أنّ هذه الأرقام لا تعبّر تماماً عن النفقات الانتخابية والحملات الرقمية الهائلة، غير أنّها يمكن أن تعطي صورة عن أهمية المنصات الرقمية. يظهر في لائحة النفقات على الإعلانات السياسية والانتخابية، أشخاص ظهروا كثيراً في الشاشات، مثل حزبي "الكتائب" و"القوات" والنائب فؤاد المخزومي (حملة "بيروت بدها قلب")، والنائب نعمت افرام، والنائب المنتخب وضاح الصادق. 

يعبّر ذلك عن القدرة المالية التي يتمتّع بها هؤلاء لتنشيط حملاتهم في قنوات التلفزيون والقنوات الرقمية على حدٍّ سواء. في المقابل، تظهر في مقدّمة "المكتبة" إعلانات لشخصيات قد تكون وجدت في الإعلان عبر المنصات الرقمية بديلاً من الإعلام التقليدي الذي وصلت تسعيرة الدقيقة الانتخابية الواحدة لديه إلى نحو ألف دولار.

أما موقع "تويتر"، فهو يحظر الترويج للمحتوى السياسي والانتخابي على مستوى العالم، إذ ينصّ في سياسته على أنّ "الرسالة السياسية يجب أن يتأتى عن طريق الاكتساب وليس عن طريق الشراء بالمال"، مع منح استثناءات لناشري الأخبار بشروط محددة. 

ومع ذلك، تعتبر "تويتر" المنصة الأكثر استخداماً للترويج للدعاية السياسية والخطاب السياسي في لبنان بنسبة 98% مقابل 2% في "فايسبوك". ويصحّ القول إنّ الأحزاب والمجموعات السياسية تخطّت سياسة "تويتر" وطوّرت وسائلها، التي تبدأ بصنع الهاشتاغ وترويجه، ولا تنتهي بضخّ المعلومات والحملات التي قد تستهدف رفع المعنويات لدى جمهورها أو كسرها لدى جمهور الطرف الآخر. وتشهد منصة "تويتر" ما يمكن أن نسمّيه معارك سياسية افتراضية مستمرّة بغضّ النظر عن الانتخابات التي تزيد وطيسها حماوةً.

وفوق ذلك كله، شوهد ما اصطُلح على تسميته "الجيوش الإلكترونية" التي توزّع جحافلها بين الهجوم على الآخر، وقذفه بالمعلومات المغلوطة، وإغراقه بالشائعات والتهديدات، وصولاً إلى القضاء عليه بحذف الحساب. لربّما نشهد في انتخابات 2026 ضمّ هذه الجيوش ونفقاتها إلى الإنفاق الانتخابي الذي ينبغي الإبلاغ عنه إلى "هيئة الإشراف على الانتخابات"، لكنّنا في الوقت الحالي نحتاج إلى من يشرف على هيئة الإشراف، من صحافيين وصحافيات بات بإمكانهم الاستفادة من الأدوات مفتوحة المصدر، ليفتحوا عيون الرأي العام على ما يحصل في المساحات الرقمية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها