الثلاثاء 2022/04/19

آخر تحديث: 12:33 (بيروت)

الزهراني-صور: معركة العقيدة والإجتزاء

الثلاثاء 2022/04/19
الزهراني-صور: معركة العقيدة والإجتزاء
المرشح في صور الزهراني علي خليفة (المدن)
increase حجم الخط decrease
عشرات الرسائل في "واتسآب"، تعيد تركيب صورة للافتة رفعتها المرشحة بشرى الخليل، تقول فيها إنها "خرجت طلباً للإصلاح في أمة جدّها". ومثلها، عشرات الحسابات في مواقع التواصل، تعيد نشر مقطع فيديو مجتزأ من تصريحين للمرشح علي خليفة، جرى جمعهما في فيديو واحد، ليظهر الرجل كأنه يمدح إسرائيل. 

استفزت الخليل العقيدة الشيعية التي يمثلها الإمام الحسين في أسباب خروجه على يزيد بن معاوية، في واقعة كربلاء.. واستفز التحوير والتزييف، علي خليفة، الذي أعاد نشر تصريحاته ليظهر الاجتزاء في فيديو الحديث عن إسرائيل، وقال فيها إنها "دولة"، بوضع مزدوجين، عنصرية، بينما المديح ذهب الى النموذج اللبناني.


لم يكن تداول صورة اللافتة بريئاً، تماماً مثل تداول الفيديو المجتزأ. فالمعركة تُخاض اليوم ضد اللوائح المنافسة في دائرة "صور–الزهراني" في الجنوب، بطابع عقائدي بما يتخطى الجانب السياسي. عقيدة المذهب التي لا تقبل أي مقارنة مع أسسها الأولى، بأي شكل من الإسقاطات، كما لا تقبل أي تراخٍ مع المقاربة المتصلة باسرائيل، وهو الملف الذي أنتج شقاقاً بين جمهور "الثنائي الشيعي" والتيار الوطني الحر منذ مقابلة رئيسه جبران باسيل مع قناة "الميادين" في كانون الأول/ديسمبر 2017. 

بدا علي خليفة ضحية اجتزاء، أريد منه تصنيفه ضمن كادر واحد مع باسيل. استطاع خليفة أن يعالجه، بإصدار إيضاح يكشف زيف ما اتُهم به. خمدت الحملة، وأظهرت عجزاً عن مقارعته بالشائعة، بعد حادثة الاعتداء على مناصريه يوم اعلان اللائحة في الصرفند. وهو حادث جاء خارج السياق، أثار بلبلة ضمن الجسم التنظيمي لـ"أمل" في الصرفند الذي كان يطلق في اليوم نفسه ماكينته الانتخابية بحضور 600 شخص في إفطار "مطعم الملاك" في أنصاريه، وسط معلومات عن غضب الرئيس نبيه بري من هذا التصرّف، واضطرت "أمل" لإصدار بيانين أولهما من الحركة والثاني من "كتلة التنمية والتحرير". 

يدفع خليفة ثمن معركة انتخابية غير متكافئة، لا في عدد الأصوات، ولا في أدبيات التنافس. لكنه في النهاية، اتخذ قراراً بالمواجهة "الشريفة"، وأعلن برنامجه الانتخابي، ولم ينحدر الى الاستفزاز، كما هو حال اللائحة الثانية التي تحتل فيها بشرى الخليل رأس الهرم في المعركة، ليس لكونها امرأة، ولا لأن خطابها المتصل بالصراع مع اسرائيل، أو المأخوذ من الأدبيات الريفية الجنوبية يرفع حظوظها (النسبية) بما يتخطى أي منافس آخر للائحة "الثنائي الشيعي".. بل لأنها مسّت بالعقيدة، وهي نقطة تحول أساسية في الصراع، بالنظر الى أنها تستخدم الأدبيات المذهبية نفسها في المواجهة العكسية. 

تتصدر اللافتة التي رفعتها لائحة الاستفزازات. فهي تصنف نفسها في الكادر نفسه مع "أشراف الشيعة"، لجهة النسب الهاشمي. في أكثر من تصريح، قالت إنها "سيّادية"، أي من نسل بني هاشم الذين يُنسب اليهم "السادة" من الشيعة وصولاً الى الرسول محمد. وفي اللافتة، استخدمت تصريحاً للإمام الحسين يوم خروجه لمواجهة يزيد بن معاوية: "خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله". بذلك، جعلت من خصومها "يزيديين"، ونصّبت نفسها في موقع "الحق الذي يمثله الحسين"، فارتكبت بذلك خطأ سياسياً بالغاً. فقد أرفق أحدهم نصاً صغيراً بصورة مُلتقطة للافتة: "محامية قاتل سبعة مراجع شيعة، و22 عالماً دينياً، ومليون شيعي في العراق، تتحدث عن الإصلاح في أمة جدها"، في اشارة الى انها كانت محامية الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. 


يرفع الثنائي الشيعي مجموعة شعارات متصلة بالإصلاح والمقاومة، وتراجع الى حد كبير عن تصوير المعركة قي الجنوب ضد "المدعومين من السفارات"، وهي حجة سُحبت في الأسابيع الأخيرة لضحالتها، بينما يبالغ "حزب الله" في تصوير المعركة الانتخابية مع الأميركيين، وهي آلية تحشيد سياسي في زمن الانتخابات بعد موجات من العقوبات استهدفت رجال أعمال شيعة.

لكن الطرفين الشيعيين، لا يقربان الخطاب العقائدي. يدركان حساسيته في مجتمع جنوبي متديّن في غالبيته، وهو خطاب لم يُستخدم في السنوات الاخيرة إلا في معرض القتال ضد اسرائيل والتطرف الإسلامي. في مقابل هذا التجنّب، اخترقت الخليل هذا الخطاب، فباتت المعركة الانتخابية عقائدية بمواجهتها، بصرف النظر عن حظوظها في الفوز، وبصرف النظر عن مدى استحقاقها للفوز. 

المعركة في صور – الزهراني، اتخذت هذا الشكل العقائدي أخيراً، وحين يعلو صوت الدين، تخفت جلبة "الإصلاح" والحوكمة ومدنية الدولة. لذلك، لن تنتهي تداعيات المعركة في 16 أيار المقبل.. بل ستتمدّد تردداتها الى أجل غير محدود.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها