الجمعة 2022/04/01

آخر تحديث: 22:25 (بيروت)

"الذئب الوحيد"... لبنان بلد المؤامرات والحروب

الجمعة 2022/04/01
"الذئب الوحيد"... لبنان بلد المؤامرات والحروب
increase حجم الخط decrease
من ضمن المسلسلات المشوّقة التي يبثها الإعلام التركي حالياً، مسلسل جديد يُعرض كل يوم جمعة مساءً على شاشة Atv، ويحمل عنوان "الذئب الوحيد". 
يتحدث المسلسل عن ملابسات محاولة انقلاب العام 2016 في تركيا وما أحاط بها من أحداث، كما عن عمل المخابرات الأجنبية والمحلية في البلاد، وبرنامج التصنيع العسكري والتنظيمات الارهابية الموازية للدولة التركية. وذلك في إطار درامي محبوك بشكل ممتع ومشوّق، فيه الكثير من الحركة والسلاح والقتل والمؤامرات.


في المسلسل أبطال متعددون، واحد منهم اسمه "تكين الكريتي" الذي يلعب دوره الممثل التركي "كورشاد ألنياجيك"، ويشغل في المسلسل دور رئيس شعبة المخابرات. لـ"تكين الكريتي" الملقب بـ"الفايكينغ" قصة في المسلسل، وهي أنه مولود في بيروت من أب مهاجر من جزيرة كريت، فيما كان والده دبلوماسياً تركياً في بيروت قُتل في ثمانينات القرن الماضي خلال الحرب الأهلية اللبنانية. يعمل "تكين الكريتي" في مطعم "الأرزة" في اسطنبول ليخفي حقيقة عمله في جهاز المخابرات التركية.  

يضيء المسلسل على الخلفية التي يأتي منها بعض الأتراك، كما يُذكّر، وإن بخجل، بحملة الهجرة الكريتية القديمة إلى لبنان. ففي لبنان اليوم، الكثير ممن لهم أصول كريتية ويسكنون في مدنه، وتحديداً في مدينة طرابلس شمال لبنان. تعود هذه الهجرة إلى العام 1897، بعد تراجع قوة السلطنة العثمانية وخسارتها حضورها في الجزيرة المتوسطية، وإجلائها عشرات الآلاف من سكان كريت المسلمين، لتعود وتقوم بتوطينهم في مدن إزمير ومرسين ودمشق وطرابلس.

في هذه الأخيرة، كان عددهم في حينها حوالى الـ10 آلاف، إلى أن بعضهم اختار الانضمام إلى أقرباءهم في دمشق، فيما اندمج البقية في المجتمع اللبناني، إلا أنه أبقوا على بعض العادات والتقاليد الخاصة، كما حافظ بعضهم على معارفه في اللغة العثمانية والتركية التي تناقلوها أباً عن جد.

بالعودة إلى "الذئب الوحيد"، يظهر لبنان، كما في معظم المسلسلات التركية، كمكان تكثر فيه الحروب والمؤامرات. في هذا المسلسل، يتم الإشارة إلى بيروت بوصفها المكان الذي تم فيه اغتيال دبلوماسي تركي، وهو أمر تم في التاريخ اللبناني على جميع الأحوال، حين تم اغتيال سكريتير السفارة التركية في بيروت في بداية الحرب الأهلية العام 1975 على أيدي جماعات أرمنية متطرفة.

في المسلسلات الأخرى، يظهر لبنان كمكان تكثر فيه المؤامرات، ويغيب عنه حكم القانون ووجود الدولة والنظام. وهو الأمر الذي يَصح على لبنان بشكل عام، حتى وإن بالغت مسلسلات تركية في إظهاره بهذا الشكل لأسباب درامية وتشويقية وتسويقية مبالغ فيها. 

على سبيل المثال، في مسلسل "السلطان عبد الحميد" الذي انتهت حلقاته العام 2021، يظهر اللبناني كمتزلِف للسلطان من جهة، ويعمل على حبك مؤامرة مع الدول الغربية ضد السلطنة العثمانية من جهة أخرى. هذا الإظهار ليس بغريب عن الواقع في الكثير من الأحيان، فتاريخ لبنان زاخر بمحاولات محلية للتخلص من الحكم العثماني وإن بالالتجاء إلى الأغراب. 

من ناحية أخرى، بات لبنان واللبنانيون أكثر حضوراً في المسلسلات التركية في السنوات القليلة الماضية. كما زادت معارف الأتراك بالواقع اللبناني المعقد، حيث باتت بعض المسلسلات تُظهر طوائف لبنان ومدنه، كما تذكر التنوّع اللبناني وويلات الحروب والأزمات الناتجة عن اللاجئين والطائفية وغيرها.

لا تركز المسلسلات التركية على لبنان بوصفه استثناءً يستأهل الاحتفاء، إنما تمر عليه عرضاً. وهذا المرور يخلق، رويداً رويداً، صورة معممة عن لبنان واللبنانيين، وهي صورة ليست بالإيجابية بمطلق الأحوال. يعود هذا الأمر خاصة إلى أن الصورة القديمة المأخوذة عن اللبنانيين بأنهم متسوقون أغنياء في شوارع اسطنبول، ومسرفون مادياً في منتجعات تركيا الساحلية، قد شارفت على الانتهاء، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية اللبنانية الحالية، وتراجع سياحة اللبنانيين إلى تركيا. 
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها