الثلاثاء 2022/11/29

آخر تحديث: 15:03 (بيروت)

صدمة إسرائيلية في مونديال قطر: لماذا يكرهنا العرب؟!

الثلاثاء 2022/11/29
صدمة إسرائيلية في مونديال قطر: لماذا يكرهنا العرب؟!
إحدى مشجعات فريق صربيا في مونديال قطر (غيتي)
increase حجم الخط decrease
"اعتداء لفظي"، "مونديال الكراهية"، "معاملة سيئة".. تلك بعض التوصيفات التي أطلقتها الماكينة الإعلامية الإسرائيلية في سياق تعليقها على ردود أفعال المشجعين العرب المناهضين للتعاطي مع المراسلين الإسرائيليين خلال مباريات كأس العالم 2022 في قطر.

اللافت أن الأمر تحول إلى نقاش إسرائيلي داخلي، وليس عربياً-إسرائيلياً، شاركت فيه أقلام بخلفية إعلامية وسياسية وحتى أمنية، واتخذ بُعداً جدلياً ومتبايناً، حتى أن الصحيفة العبرية "يديعوت أحرونوت" نشرت عن الموضوع تقريراً، ثم مقالاً خلال ساعات، ليظهر الثاني كردّ على الأول.

فالصحيفة نشرت بداية تقريراً تحت عنوان "مونديال الكراهية"، حيث وضع المقال إسرائيل في صورة الضحية، وصوّر العربي على هيئة "حاقد وكاره"، مروراً بالإنضمام للدعاية الغربية في شن هجوم على قطر، ولفكرة أن يكون المونديال على أرض عربية. ويرتكز التقرير على ادعاءات من مراسلين إسرائيليين، بعضهم من "يديعوت أحرونوت"، في إطار "مشاركة تجربتهم للجميع ليتخيلوا كيف يمكن أن يكونوا هدفاً للاشمئزاز والتهديدات من قبل مشجعي كرة القدم العرب، حتى المتحدرين من دول طبّعت علاقاتها مع إسرائيل".

فالصحافيون الإسرائيليون، وفق التقرير، "مصدومون" من أن ينبع "العداء تجاه إسرائيل" من مشجعين عرب يتحدرون من دول مُطبّعة مع إسرائيل. كما أشار أحدهم إلى أن "العداء لإسرائيل قد عبّر عنه أيضاً شخص من البلد المضيف للمونديال، وليس سائحاً من لبنان أو من أي مكان آخر"، إذ قال لصحافيين إسرائيليين: "أخرجوا من هنا، فهذا أفضل".

هنا، انكشف القناع عن الصحافيين الإسرائيليين وانخراطهم في البروباغندا الرسمية لدولة الاحتلال، وأنهم لم يأتوا من أجل أي تغطية مهنية للمونديال، وذلك بقولهم ان الاحتكاك مع المشجعين في مونديال قطر "يثبت أن الكراهية موجودة أولاً وقبل كل شيء في عقل الرجل في الشارع". وطالبوا الأحزاب الإسرائيلية، بما فيها المتطرفة، بالتوحد أمام العرب، وإلا "فإننا لن نكون قادرين على تحمل الكراهية الموجهة إلينا".

ما بعد المكان!
لكنّ الصحافي المتخصص في الشؤون الأمنية، جوناثان ريغيف، كان موقفه مغايراً لموقف الصحافيين المتواجدين في قطر، إذ رأى أن كراهية إسرائيل ليست متعلقة بالمكان؛ لأنه يمكن ملامسته في أكثر من مكان في العالم، مُستذكراً واقعة وصفها بأسوأ مما حصل للصحافيين الإسرائيليين في قطر، وتعود إلى أولمبياد العام 2012 في لندن. لذا، رفض ريغيف، في مقاله في "يديعوت أحرونوت"، ما جاء في عنوان رئيسي لأحد المنافذ الإعلامية الإسرائيلية ومفاده "كأس العالم للكراهية"، واصفاً إياه "بعنوان مبالغ فيه"، مضيفاً: "لو حاول صحافي إسرائيلي إجراء مقابلات مع أشخاص في شوارع القاهرة أو عمّان أو الخرطوم أو أي دولة أخرى لها علاقات مع إسرائيل، من المحتمل أن يكون قد تلقى ردوداً أسوأ بكثير مما كان عليه في الدوحة".

ريغيف عبّر عن اندهاشه من "صدمة" بعض الصحافيين الإسرائيليين، متسائلاً: "هل يُتوقع أن تكون اللقاءات مع الجماهير العربية في قطر مختلفة؟ هل حل السلام فجأة بالشرق الأوسط لمجرد وجود كأس العالم؟". ويستدرك قائلاً: "لا تزال إسرائيل كياناً مكروهاً بالنسبة للكثيرين في العالم العربي، رغم التطورات السعيدة جداً التي شوهدت في السنوات الأخيرة مع اتفاقيات إبراهام، فإسرائيل قوة محتلة، بوجهة نظرهم".

الاحتلال ليس حباً بلا حدود
الواقع، أن الصحافي الإسرائيلي، روعي شفارتس، حاول أن يكون أكثر واقعية في معالجته لموضوع نبذ الصحافيين الإسرائيليين في المونديال، وذلك في مقال بعنوان: "لماذا يكرهون إسرائيل في قطر؟"، عبر طرح أسئلة للتذكير بكراهية في وسط اليهود المتطرفين، من قبيل: "مَن هم هؤلاء الذين يصرخون بالموت للعرب في مدرجات ملاعب كرة القدم، وفي المؤتمرات السياسية؟ ومَن هم غير المقتنعين بالحاجة إلى قيام دولة فلسطينية، وفقاً لاستطلاعات الرأي؟".

وانتقد، في مقاله في "هآرتس"، ما وصفه بجهل الإعلاميين الإسرائيليين، بسبب فشلهم في فهم أن احتلالاً مزدوجاً لمدة 55 عاماً مترافقاً بعدم مبالاة عامة الجمهور لا يساوي حباً بلا حدود.
وسبقه مقال آخر في الصحيفة نفسها، حيث وجه تساؤلات استنكارية للمراسل الإسرائيلي ايهود بن حمو، أبرزها: "ماذا فكرتَ عندما التفتَّ إلى الفلسطينيين واللبنانيين وأخبرتهم أنك من إسرائيل؟..أنهم سوف يحتضنونك؟". واستدرك قائلاً: "كانت إسرائيل ولا تزال جرحاً نازفاً في تاريخ لبنان. أما بالنسبة للفلسطينيين، بعد النكبة، الطرد، وتحويلهم إلى لاجئين، ورفض إيجاد حل، إلى جانب توقيع اتفاقات السلام مع العالم العربي على رؤوس الفلسطينيين، فهم مقصرون لعدم التحدث معه بلطف؟". 

إسرائيل كاستعمار غربي!
أما التلفزيون العبري الرسمي "مكان" فقد سلط الضوء على ما وصفها بـ"المعاملة السيئة نسبياً" سواء من مشجعي قطر، أو الدول العربية الأخرى، والجاليات الفلسطينية الذين ينبذون الصحافيين الإسرائيليين والتعامل معهم. وكان سؤاله الاستهلالي لضيفه هو "كيف تفسر التعامل مع كل ما هو إسرائيلي في هذا المونديال؟".

حاول الضيف أن يفسر الأمر في سياق أوسع، ألا وهو أن إقامة المونديال على أرض عربية، للمرة الأولى، قد وفر فرصة للمواجهة بين الشرق والغرب، وقد أحيا ذكريات كثيرة من الماضي لدى العرب، وبالتالي الغضب من "الاستعمارية الغربية" التي واجهها العالم العربي. وكأنّ المحلل أراد القول إن إسرائيل، بحد ذاتها، هي مشروع استعماري غربي، وهو ما عكسه ردّ الفعل ضد ما يمثل دولة الاحتلال ودعايتها، حتى لو كانوا صحافيين.

ثم راح المذيع إلى سؤال يبعد جوهر الحكاية، ومفاده: "هل الإشكالية بالصحافة الإسرائيلية؛ لأنها رفعت سقف التوقعات منذ البداية في ما يخص التعامل مع الدول العربية ومشجعيها؟".. فما كان من المحلل السياسي إلا أن يُنوه بأن التطبيع يجري بين الحكومات وليس الشعوب؛ "لأن الأخيرة ليست جاهزة للسلام كما الزعماء". ونصح ضيف "مكان" الصحافيين الإسرائيليين في المونديال "بضرورة الواقعية، وأن يكونوا متيقنين لحساسية الاختلاف مع إسرائيل، بموازاة الاكتفاء بتغطية المباريات بشكل مهني، والابتعاد عن الأسئلة المحرجة والاستفزازية". وتابع: "هناك فلسطينيون كثر في قطر، وهم واعون لكل شيء جراء المعاناة التي تعرضوا لها، ويفهمون الواقع السياسي الفلسطيني-الإسرائيلي، ما يجعل التضليل صعباً".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها