الإثنين 2022/10/31

آخر تحديث: 21:54 (بيروت)

مَنْ يقود الآخر؟ نصر الله أم باسيل؟

الإثنين 2022/10/31
مَنْ يقود الآخر؟ نصر الله أم باسيل؟
increase حجم الخط decrease
فتح سؤال "من يقود الآخر، حزب الله أم باسيل؟"، نقاشاً واسعاً في لبنان، على ضوء تصريح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، إذ قال إن "حزب الله" هو رهينة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل. 

ويمثّل التصريح انقلاباً في أدبيات جعجع، الذي واظب خلال السنوات العشر الماضية على الأقل، على التحذير من أن "حزب الله" يحكم لبنان من خلال أمينه العام حسن نصر الله، وأن الحاكم الفعلي للبلاد يتحمل مسؤولية ما آلت اليه أوضاعه، ذلك إن لبنان يُقاد رغماً عنه الى المحور الايراني، ويوفّر له "التيار الوطني الحر" هذا الغطاء، تمهيداً للسيطرة على لبنان.
 

في التصريح المستجد، الذي أدلى به جعجع لقناة "سكاي نيوز عربية"، نسف جعجع كل المقولات السابقة التي تظهر باسيل تابعاً، ومحكوماً لأمر الحزب، ولا يتمتع بشخصية مستقلة، ولا ينزلق الى التبعية رغم ادعاءات السيادة. على هذا الأساس، تمت صياغة الخطاب السياسي لقوى 14 آذار أخيراً، خصوصاً في فترة الانتخابات النيابية. وقسَّمت شخصياتها اللبنانيين بين "سياديّ" و"تابع".. وهو الشعار المرفوع اليوم في مواصفات رئيس الجمهورية الذي تطالب به هذه القوى المعارضة للحزب ولعهد الرئيس ميشال عون: "رئيس سيادي". 

غير أن هذا "النسف" للخطاب السابق، أربك جمهوراً انقسم بين قسمَين، الأول معارض لجعجع اعتبر فيه أن رئيس "القوات" يبدل في خطابه، والثاني يفسّر مآلات جعجع الذي قال بشكل واضح إن الحزب "رهينة لجبران باسيل في انتخابات الرئاسة وغيرها"، إذ يسير الحزب معه إذا طالب بالحصول على وزارة الطاقة أو سواها. وتابع: "سياسياً، الحزب ضعيف في لبنان، ويحكم لبنان بسبب التحالفات التي أجراها من اتفاق مار مخايل"، نافياً أن يكون الحزب "يحكم بالسلاح الذي يمتلكه". 


ورغم النقاشات التي أشعلها جعجع في تصريحه، إلا ان ما قاله مفهوم سياسياً. لا يستطيع جعجع افتتاح معركة مع الحزب فيما البلاد على أبواب انتخابات رئاسية، لم يُدلِ فيها الحزب حتى الآن بتصور معلن، ولم ينخرط فيها بثقل لتزكية حليف كما حصل في انتخابات العام 2016، ولم يقفل باب التسويات على أحد، ولم يحدد موانعه على شخصية محددة، بل ما زال يدور في حلقة المواصفات. 

لذلك، يفتتح جعجع المعركة مع باسيل، عبر الإعلام، باتهامه بأنه "حصان طروادة" لحزب الله. يخاطب في ذلك، الخارج المعادي لحزب الله، لكنه أيضاً الخارج الذي يرى في باسيل مدافعاً عن المسيحيين. وعليه، يستهدف جعجع أي تسوية دولية، أوروبية على وجه التحديد، يمكن أن تكرس باسيل صاحب رأي مؤثر في انتخابات الرئاسة، سواء بترشيح باسيل نفسه، أو بترشيح شخصية يزكّيها ويعطيها أصوات كتلته. 


وفيما يضخّم جعجع من حجم باسيل الذي، حتى الآن، لا يعطيه الحزب وعداً منعاً لإغضاب رئيس مجلس النواب نبيه بري، أو إغضاب حليفه الآن رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، تبدو تقديرات الرسالة الإعلامية مبالغاً فيها. فلا الحزب يأتمر برأي باسيل، ولا يمكن للأخير أن يفرض أجندة. كما لا يحتاج الحزب، ليحكُم، نفوذ باسيل الآخذ في التراجع منذ ثلاث سنوات على الأقل، ويعاني قطيعة إسلامية ومسيحية على حد سواء، ولم يبقِ له حليفاً إلا الحزب نفسه الذي ضاق ذرعاً بمطالب باسيل ومعاندته لأي تسوية توفّر استقراراً لبلاد مهددة باهتزاز حكم سلطتها مرة أخرى، على غرار 17 تشرين، إذا لم تمضِ الى إصلاحات وتوفر الضروريات لحكم هادئ. 

تبدو رسالة جعجع مفهومة، وبالتأكيد سيتلقفها خصوم الحزب الخارجيين الذين سيرون أن المطلوب منها حسابات داخلية، وهم يفكرون في تقاطعات مع الحزب بلا وسطاء، في وقت يغرق جمهور باسيل والممانعة و"القوات" أيضاً، في تبسيط مغازيها وإيضاح مقاصدها، وهي نقاشات على الهامش لا تطاول أغراضاً داخلية، ولا تقدم ولا تؤخر في أي تسوية دولية مرتقبة. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها