الخميس 2022/10/13

آخر تحديث: 20:08 (بيروت)

لبنان بلد نفطي.. "التيار" يسوّق الأوهام

الخميس 2022/10/13
لبنان بلد نفطي.. "التيار" يسوّق الأوهام
increase حجم الخط decrease
يبدو الشعار الذي رفعته قناة OTV في زاوية شاشتها، "لبنان بلد نفطي"، أشبه بـ"كليشيه" مكرر، شاهد اللبنانيون فصوله مرتين، الأولى في العام 2013 عندما أطلقت وزارة الطاقة والمياه التي كان يحمل الوزير جبران باسيل حقيبتها، حملة إعلانية بالشعار نفسه، ومرة أخرى عندما وصلت سفينة التنقيب في العام 2020 الى المياه اللبنانية، وباشرت الحفر في البلوك رقم 4.
 

يستعجل "التيار الوطني الحر"، وهذه قناته البرتقالية الرسمية، الإنجازات والانتصارات. قدرته على الصبر ضئيلة. يسابق الوقت سياسياً، ربما، لضمان "الإنجاز" قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. وربما، لضمان تأمين استمرارية لبقاء التيار في السلطة، من موقع القادر على تحقيق الإنجازات، بعد ثلاث سنوات عجاف، قلصت الى حد كبير قدراته على تلبية تطلعات اللبنانيين. 

والإنجاز الذي ساهمت الظروف الأوروبية في صناعته، والانقسامات السياسية الدولية بين شرق وغرب ببلورته، واحتاج الى تدخل "مسيّرات" حزب الله، لم يتخطّ الى حد كبير ما واظبت الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ العام 2010 على وضع بنيانه. الخط 23، وفوقه "حبة المسك" الملتبسة المتمثلة في حقل قانا.

لكن في السياسة، بمجرد التوصل الى الاتفاق قبل انتهاء ولاية الرئيس عون، فإن عملية تعويم العهد في آخر أيامه، بدت واقعة، وهو ما أعطى OTV وغيرها من وسائل إعلام التيار وناشطيه، فرصة للتعبير عن "النصر". للقفز فوق الوقائع. لمصادرة الأمل المتبقي، ولو أن تحقيقه يحتاج مساراً طويلاً. 

الاحتفال الكبير الذي نظّمه "التيار الوطني الحر" إعلامياً، عبر قناة OTV، يقتطع من المستقبل أغصانه اليانعة. يدرك التيار تماماً بأن الإنجاز لم يكتمل بعد، إلا في شقه السياسي. كما يدرك، حكماً، بأن إبعاد النفط وعائداته عن أفواه السياسيين، ما زالت مهمة شاقة. يجمع اللبنانيون على عبارة "لا تقول فول ليصير بالمكيول". قال التيار "فولاً" منذ 2013، ولا يزال. 


يتقن اعلام التيار صناعة الأوهام. من وهم تشييد خطة سكة حديد (كما جاء في إعلانات وزارة الطاقة في 2013)، إلى وهم إضاءة لبنان (24/24!!)، الى وهم حوكمته ومحاربة الفساد. وليس "لبنان بلداً نفطياً"، إلا وهماً آخر، حتى الآن على الأقل، بانتظار خطة تنقيب، واستخراج، وتصدير وحوكمة وصندوق سيادي. يستحضر التيار "المكيول"، بمجرد سماع كلمة "فول". ولعلها واحدة من أبرز عثراته.


ليس غريباً على التيار هذا الحشد الدعائي السابق لأوانه. اعتاد التيار الاستعجال، كما نسب الإنجازات الى نفسه. يجيد جمهوره الاحتفال، حتى في مقاعد الانتظار. وتجيد آلته الدعائية تسويق الإنجازات، قبل تحققها. هو تيار مريض بمتلازمة النجاح، رغماً عن أنف أي نجاح هلامي، لكنه يجيد تسويق الإنكسارات والانتظارات، وإعادة صياغتها. لديه جمهور مطيع، بآمال متواضعة. وقيادة حالمة، بقدرات ضئيلة. وإعلام متسرّع، بقصر نظر عمليّ. 

"لبنان بلد نفطي؟" سيكون كذلك في المستقبل، عندما يصبح "الفول في المكيول". ومن الآن الى ذلك الوقت، تحقق تعويم العهد، من غير أن ينعكس ذلك تعويماً لرئيس التيار، جبران باسيل، حتى الآن. من الضروري التيقّن من هذا الواقع، منعاً للوقوع في استعجال جديد. 
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها