شهدت مواقع التواصل الاجتماعي انهيارات جمهور محور الممانعة، الذي دمعت عيون أفراده بعدما شهدوا بأمّ العين، النصر المظفّر لفخامة الرئيس ميشال عون حين بقي جالساً على كرسيه بينما انحنت السفيرة الأميركية لإعطائه رسالة من المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين حول ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي. وشكر الجمهور الممانع الرب على تضافر العوامل الفيزيائية والمكانية والزمانية، التي سمحت بالتقاط هذه الصورة، وما لبث أن فتح نقاشاً فلسفياً عميقاً لسبر خلفياتها.
وبعد بحث معمّق في سيميائيات الصورة، ودراسة أنساق العلامات والأدلة والرموز، وجد الممانعون، ومن دون الحاجة للاطلاع على مضمون رسالة هوكشتاين، أن انحناءة السفيرة شيا، تجسد القوة التي استند عليها لبنان في تفاوضه غير المباشر مع العدو الإسرائيلي، ولسان حال شيا أثناء انحنائها يقول: "رجاءً إقبَل العرض فخامة الرئيس".
نعم، هنا توقف التاريخ، وكل ما عاشه اللبنانيون تحت عبء الكوارث التي جرّها عليهم فخامة الرئيس وحلفاؤه وشركاؤه السياسيون، خفتت وطأته. أخذنا حقنا والسلام، بعدما انحنت السفيرة الأميركية لتمرّر لفخامته جواب هوكشتاين. يستطيع الرفاق الآن الموت بسلام بعدما وصلوا إلى قمة المجد، كما يستطيع فخامته مغادرة القصر مطمئناً، فالفقراء سينسون جوعهم بعد تعليق صورة شيا المنحنية أمامه على ما تبقى من جدران منازلهم.
انتصارات صغيرة، يبحث عنها الممانعون وسط كومة من الهزائم. إنجازات تافهة يستجديها صاحب الفخامة وأنصاره قبل الخروج النهائي من السلطة بعدما استحق بجدارة لقب أسوأ رئيس جمهورية مرّ على لبنان، وحتى لو لم يكن هو المسؤول المباشر عن الكثير من الكوارث، إلا أنها لسوء حظه ستكون مرتبطة باسمه وبعهده، ولا شك يتحمل جزءً من المسؤولية بحكم وجوده في السلطة وفي ظل فريقه السياسي وخريطة تحالفاته.
وأمام البحث الفلسفي والسيميائي العميق للممانعين، نجد أن لا بُدّ من أن ندلي بدلونا، والمساعدة في اكتشاف خلفيات الصورة. فالرأي المنطقي الأول الذي يتبادر إلى ذهن أي منا، هو أنه من الطبيعي جداً نهوض سفير(ة) دولة أجنبية لمناولة رسالة لرئيس الجمهورية، بحكم التراتبية، من دون أن نؤيد طبعاً بعض الخبثاء اللبنانيين الذين سوّلت لهم أنفسهم القول أن كِبَر سن الرئيس عون وأوجاع الظهر والمفاصل، منعته من النهوض عن كرسيه، فسارعت شيا لإعطائه الأوراق بكل احترام وتهذيب.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها