الجمعة 2022/01/07

آخر تحديث: 20:59 (بيروت)

عن حصانة الشيعة بمواجهة "عزل" الطائفة

الجمعة 2022/01/07
عن حصانة الشيعة بمواجهة "عزل" الطائفة
increase حجم الخط decrease
"هل هناك محاولة لعزل طائفة بأكملها؟".. هذا السؤال وجهته مراراً مقدمة برنامج "السياسة اليوم" عبر إذاعة "النور" بثينة عليق، لضيوفها خلال الاشهر الثلاثة الماضية. يتكرر السؤال على المحللين أو السياسيين القريبين من "حزب الله"، لتتراوح الإجابات بين النفي، أو بإيحاء تثبيت الفرضية، كالقول أن حزبَي الطائفة يواجهان محاولات العزل الداخلية والخارجية. 

لم يعد الحديث عن العزل مقتصراً على التداول الإعلامي. خلال الاسبوعين الاخيرين، أخرج مسؤولون في "المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى" و"دار الافتاء الشيعي" هذه الهواجس الى الاعلام. يتم التعبير عن هذا الشعور على المستوى السياسي المحلي، ويُروّج له على المستوى الاعلامي، رغم أن الأزمة الاخيرة المتصلة بانعقاد جلسات مجلس الوزراء، تثبت العكس.
 

في الوقائع، لا يكفّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن الدعوة لاجتماع مجلس الوزراء، كما لا يكفّ رئيس الجمهورية ميشال عون عن طلب انعقاده، حتى لو كان "بمن حضر"، أي بغياب ممثلي الطائفة الشيعية. يستخدم عون هذا الطلب للضغط اعلامياً، وهو العارف بأن اجتماع مجلس الوزراء في غياب المكون الشيعي، تتخطى محاذيره ضرب الميثاقية، ويفتقد عملياً لأي امكانية تنفيذ، في حين يبدو ميقاتي أكثر واقعية، بالتأكيد على تدوير الزوايا ومحاذرة المواجهة مع أي طرف، ولو أنه يخفي الاسباب التي تمنعه من الدعوة لانعقاد الجلسة، إسوة بالرئيس فؤاد السنيورة في العام 2006، وفي صدارتها، أن أي قرار لن يُنفذ، وفق القانون.


بحسب الدستور اللبناني، تحتاج قرارات مجلس الوزراء المتصلة بالانفاق المالي الى ثلاث تواقيع، الى جانب توقيع الوزير المختص. هي توقيع رئيس الحكومة وتوقيع رئيس الجمهورية وتوقيع وزير المال. الأخير، هو أحد ممثلي الطائفة الشيعية في مجلس الوزراء. وغيابه عن حضور الجلسات، في ظل قرار سياسي من "حركة أمل" و"حزب الله" بالمقاطعة، سيبقي كل القرارات حبيسة الادراج، ولا تُنفذ. 

الى جانب تجنب المواجهة مع المكون الشيعي، يمثل هذا السبب، الاعتبار الاهم لعدم انعقاد مجلس الوزراء واتخاذ أي قرار بغياب الوزراء الشيعة، خلافاً لتجربة الرئيس فؤاد السنيورة الذي استكمل جلسات الحكومة، واتخذت قرارات مالية وغير مالية، ولم تواجه مشكلة عدم تنفيذها لأن توقيع وزير المال كان جاهزاً، رغم الانتقادات له على خلفية "ضرب الميثاقية". 

بهذا المعنى، لا يمكن تجاوز ممثلي الطائفة الشيعية لتسيير أمور البلد، من دون تسوية سياسية. استبق الثنائي اي مواجهة بإصراره على حيازة التوقيع الثالث في الحكومة من حصته، وتأمين الشراكة الالزامية في السلطة التنفيذية، الى جانب الطائفة المارونية ممثلة بتوقيع رئيس الجمهورية، والطائفة السنية ممثلة بتوقيع رئيس الحكومة. حصّن نفسه من مواجهة، وتالياً، من "محاولات عزل". فلماذا الاتهامات والترويج لـ"العزل" طالما أن هناك سلاحاً قانونياً بحوزته يجنّبه استخدام القوة، كما في 7 ايار 2008؟ 

يبدو خطاب "العزل"، أشبه بحملة انتخابية يسوّق لها، بالايحاء والتلميح، الممثل السياسي للطائفة، وهو "الثنائي الشيعي"، في الاعلام. ليست هناك تقديمات، أو تطمينات اجتماعية ومهنية في المستقبل القريب تقنع الناخب. وليس هناك خطاب يمكن أن يرفع نسبة التصويت في مناطق النفوذ الشيعية، أكثر من خطاب "العزل"، على ضوء التقديرات بأن المقاطعة أو الورقة البيضاء، ستكون أكثر المقترعين في غياب بدائل جدية لمواجهة نفوذ "الثنائي".  

اللافت، ان خصوم "الثنائي" يعززون هذا الخطاب لدى ممثلي الطائفة سياسياً. يمنحون "الثنائي الشيعة" ورقة انتخابية رابحة لشدّ العصب. إسوة بسائر التيارات، كل فريق يلوذ بطائفته لشد عصبها الانتخابي، ويعطي الطرف الآخر، خصمه، ذرائع للتحشيد. يعيش البلد على خطاب التخويف، وليس العزل أكثر من ذريعة، عندما تنفي الوقائع عزل أي طرف في بلد تتقاسم فيها الطوائف الامتيازات والصلاحيات، بالقانون وبالأمر الواقع.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها