الخميس 2021/09/23

آخر تحديث: 20:01 (بيروت)

وفيق صفا واقتلاع الدولة

الخميس 2021/09/23
وفيق صفا واقتلاع الدولة
increase حجم الخط decrease
لم يجد المحقق العدلي في جريمة المرفأ، القاضي طارق البيطار، سوى الإعلام للرد على رسالة حزب الله، فما لبثت أن انتشرت رسالة وفيق صفا بعدما سربها الإعلامي إدمون ساسين، ليفتح بذلك حرباً إعلامية بين حزب الله والقاضي بيطار.

عبر وسائل التواصل الاجتماعي حاول جمهور الحزب التخفيف من وقع التهديد، مدّعين، في هاشتاغ #خبرتني_لارا أن اعلامية في قناة "أل بي سي"، اتصلت بوفيق صفا ونقلت كلامه محرفاً إلى القاضي بيطار.. وأن ما قاله صفا هو ما يعلنه حزب الله علناً ودائماً، متهمين لارا الهاشم بمحاولة خلق فتنة بين حزب الله والقاضي بيطار.

الرسالة وصلت والتهديد وصل. لم ينفه حزب الله ولم يتبناه، أقصى ما يقوم به الآن هو إدارة الحرب الإعلامية بينه وبين القاضي، محاولاً إظهار الموضوع على أنه مجرد سوء نقل للمعلومات وقلة مهنية صحافية. لكن الأسئلة الأبرز التي تدور في خلد البعض الآن هي: من يكون وفيق صفا أصلاً؟ بأي صفة يتصل بالقاضي أو يزوره أو يرسل إليه الرسائل؟


لا صفة رسمية لوفيق صفا تخوله فعل كل ذلك، في الماضي كان حزب الله يعتمد على مواقعه الرسمية في الدولة لإرسال الرسائل العلانية أو التفاوض مع خصومه في موقع القرار، أما صفا فكان رجل الظل، ما يفعله إنما يقوم به في الخفاء ولطالما انحصر دوره في التنسيق مع الجهات الأمنية اللبنانية.


اليوم يظهر صفا إلى العلن، كمتحدث باسم حزب الله لدى القضاء اللبناني، من دون أن يكون له أي موقع رسمي في الدولة اللبنانية، وهو ما دفع على الأرجح القاضي بيطار للجوء إلى الإعلام كردّ وحيد على رسالة غير رسمية من شخصية غير رسمية.

لا شك أن حزب الله، مستغلاً انحلال الدولة اللبنانية وضعفها، يقوم بتحسين شروطه التفاوضية خلال أي مفاوضات حل قادمة، سواء مع أفرقاء محليين أو دوليين. خطوة وفيق صفا غير بعيدة من هذا السياق، حتى لو كان تسريب المعلومة خارج إرادة الحزب نفسه، إلا أنه يعكس واقعاً بات الجميع في الداخل والخارج يعرفه ويتعاطى معه كأمر واقع وهو سيطرة حزب الله التي تكاد تكون مطلقة على مفاصل الدولة. على الاقتصاد وسوق المحروقات والقرارات الاستراتيجية واختيار رؤساء الحكومات والجمهورية إلى الملف الأمني والقضاء، حيث يتم التعاطي الآن مع الملفات القضائية على أنها ملفات أمنية تدخل في أمن ما قد يسميه حزب الله "أمن المقاومة".


أما تغريدات جمهوره في مواقع التواصل خلال حربهم الإعلامية فلمحت إلى أن القاضي بيطار ربما يكون أخطأ وليس عيباً أن يقوم حزب الله بتصويب المسار ولو عبر التهديد ومن ثم "الاقتلاع".

خطورة رسالة التهديد التي أرسلها وفيق صفا، هي أن حزب الله لم ينفها، لم يصدرأي بيان عن الحزب يستنكر فيه مثلاً الخطأ في نقل الرسالة، اعتمد على جمهوره الالكتروني بعيداً من منابر الحزب الرسمية، ربما لأنه أراد للرسالة أن تنتشر وأن تؤخذ على محمل الجد وهو قادر على تبريرها فيما بعد، أقله لجمهوره، عبر اتهام القاضي بيطار بتنفيذ أجندة خارجية تستهدف "المقاومة"، فأي دور سيلعبه وفيق صفا في المرحلة المقبلة بعدما ثبت حزب الله نفسه حامياً للتوازنات ومرجعاً روحياً للنظام اللبناني؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها