السبت 2021/09/18

آخر تحديث: 15:23 (بيروت)

مهدي رجبيان: موسيقي إيراني يؤلف لـ"انقلاب الآلهة" ويواجه السجن..مجدداً

السبت 2021/09/18
مهدي رجبيان: موسيقي إيراني يؤلف لـ"انقلاب الآلهة" ويواجه السجن..مجدداً
increase حجم الخط decrease
يواجه الموسيقار الإيراني مهدي رجبيان السجن بسبب تأليفه الموسيقى والأغاني مرة جديدة بعدما سجن عامين في السابق قضى خلالهما فترة مريرة في الحبس الانفرادي والإضراب عن الطعام، وذلك بتهمة إصدار أغنيات لم توافق عليها السلطة الإيرانية.


وقال رجبيان في تصريحات نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "لن أتراجع ولن أفرض رقابة على نفسي"، علماً أنه كان يعمل في الخفاء من قبو منزله في مدينة ساري شمال إيران، لإصدار ألبومه جديد.

ويُطلق على الفرقة التي تقدم مؤلفات رجبيان "Coup Of The Gods" (انقلاب الآلهة). وتضم الفرقة أوركسترا برازيلية إلى جانب موسيقيين من كل من تركيا وروسيا والهند والأرجنتين ومغنيتين أمريكيتين هما ليزي أوفري وأوبري جونسون، اللتين تحييان أغاني رجبيان المفعمة بالحزن والأسى وذات المدلول السياسي الجريء لأن الغناء النسائي محظور عملياً في إيران.


وعندما أعلن رجبيان عن نيته العمل مع المغنيتين العام الماضي، تم توقيفه وتقديمه إلى المحكمة، واتهمه قاض بأنه "يشجع على الدعارة". وبعد الإفراج عنه بكفالة، استمر في التسجيل، على الرغم من تهديده بالسجن. وقال: "اليوم، اكتمل الألبوم، وقد يعيدون اتهامي، لا يمكن التكهن بذلك حقاً، لكنني لن أتراجع. إنه أمر مثير للسخرية أن نتحدث عن حظر الموسيقى في يومنا وعصرنا هذا".

والحال أن محنة رجبيان بدأت العام 2013 عندما داهم الحرس الثوري مكتبه وأغلق استديو التسجيل الخاص به وصادر جميع أقراصه الصلبة. في ذلك الوقت، كان يدير شركة تسجيل تدافع عن الموسيقيات وكان يعد ألبوماً موسيقياً يحمل اسم "تاريخ إيران" تلعب فيه آلة القيثار الدور الرئيسي وتناول الألبوم "عبثية" الحرب العراقية الإيرانية. وزُج به في السجن بتهمة توزيع "موسيقى محظورة وقصائد كلماتها ومضامينها مسيئة للسلطات الإيرانية أو لدين البلاد".

وأوضح رجبيان أنه أمضى 90 يوماً في الحبس الانفرادي معصوب العينين ولم يشاهد ما كان يجري حوله. وأُفرج عنه بكفالة في نهاية المطاف، لكن في العام 2015 اعتقل مرة أخرى، وهذه المرة مع شقيقه المخرج حسين رجبيان وحُكم عليه بالسجن ست سنوات، بعد محاكمة استمرت ثلاث دقائق فقط. واحتجاجاً على ذلك، أضرب الأخوان عن الطعام لمدة 40 يوماً. وقال رجبيان إنه فقد 15 كيلوغراماً من وزنه وتقيأ دماً.

على أن تلك التجربة القاسية ألهمت بشكل مباشر أغنيته الافتتاحية في الألبوم الجديد "Whip On A Lifeless Body " (سوط على جسد ميت). الأغنية حزينة ومؤثرة للغاية وتبدأ بموسيقى لآلة التشيلو وتتصاعد مع مزيج هائل من الآوتار والأصوات البشرية. وعلق رجبيان بأن الراوي في الألبوم "جسد بشري لم يعد له حضور مادي".

وأكمل رجبيان: "في اليوم 29 من الإضراب، فتحت عيني ولم أعي ما إذا كنت حياً أم ميتاً؛ على الأرض أم في الجنة. كنت في غيبوبة. انتابني شعور غريب. وهذا الشعور هو ما كنت أرغب في إيصاله من خلال هذه القطعة الموسيقية"، علماً أن الإضراب عن الطعام تسبب في تورم مفاصل رجبيان، ما حرمه من إمكانية عزف الموسيقى بنفسه.

وبدلاً من ذلك، بدأ يكتب موسيقا أغانيه ويرسلها إلى موسيقيين متعاطفين معه من جميع أنحاء العالم ويسجلون الأجزاء الخاصة بهم ويرسلونها مرة أخرى إلى إيران، حيث يقوم رجبيان بدمج هذه الأجزاء وهي عملية شاقة للغاية بسبب بطء الانترنت والمراقبة المتوقعة من قبل السلطات الإيرانية.

وأوضح رجبيان أنه تحدث إلى الأوركسترا البرازيلية "لساعات عن بعد" لشرح المشاعر التي أراد إيصالها". وأكمل: "كنت أبحث عن صوت جديد، موسيقى ليست مرتبطة بمكان معين، لا شرقية ولا غربية، حتى أنني حاولت اخفاء لهجتهم الغربية" وشجعتهم على الارتجال. كان الهدف خلق "شعور بالتحرر، شعور حقيقي".

وتم جمع الألبوم وترتيبه من قبل المنتج الأميركي هارفي ماسون جونيور، الذي كتب وسجل مع أريثا فرانكلين ومايكل جاكسون وبيونسيه وبريتني سبيرز. وانتخب، في وقت سابق من هذا العام رئيساً مؤقتاً لجوائز "غرامي". وقال ماسون: "عندما تحدثت لأول مرة مع مهدي أثار اهتمامي، لكن عندما سمعت قصته أصبحت مفتوناً به، وأخيراً عندما سمعت موسيقاه، شعرت بالذهول".

الألبوم الذي صدر الجمعة يأتي بعد أسابيع فقط من سيطرة حركة "طالبان" على أفغانستان، جارة إيران الشرقية. وحظر النظام الجديد بالفعل عزف الموسيقى في الأماكن العامة، ووصفها بأنها عادات "غير إسلامية". فيما قتل المغني الشعبي فؤاد أندرابي بالرصاص بعد أن سحبه عناصر "طالبان" من منزله حسبما ورد.

وقال رجبيان العام الماضي عندما أعلن عن الألبوم لأول مرة: "في الشرق الأوسط، يمكن للآلة الموسيقية أن تكون بمثابة البندقية. سينظر الناس إلى الوراء في يوم من الأيام، وسيدركون أننا لم نكتف بصنع الموسيقى، بل جلبنا الفلسفة والفكر للإنسانية بالموسيقى، ونقول لهم إننا لم نسكت في وجه القمع في أصعب الأوقات". وأضاف: "الصمت في وجه القهر هو تواطؤ مع الظالم. لا يمكنني أن أصمت. الموسيقى هي سلاح الحقيقة الوحيد لمقاومة الخرافات".

وفي حين أن موسيقى رجبيان لا يمكن سماعها في وطنه، فإنه يأمل أن يتقبلها الناس في أماكن أخرى وتتفاعل مع رسائل التعاطف والقوة التي تحملها في طياتها. وقال: "إن سماع الناس لألبومي ومتابعتي يساعدني على الشعور بأنني مازلت على قيد الحياة وأن صوتي مازال مسموعاً". وأكمل: "يمكنني أن أقول للعالم أنه لا توجد قوة دكتاتورية يمكنها إيقاف الموسيقى. لقد تجاوزت جميع المحظورات والعقبات في السجن واليوم اعددت موسيقى جديدة للجمهور. حتى لو انتهى بي المطاف خلف القضبان مرة أخرى".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها