الإثنين 2021/09/13

آخر تحديث: 15:19 (بيروت)

يوميات تصوير البرامج العربية في بيروت.. المازوت والبنزين أولاً

الإثنين 2021/09/13
increase حجم الخط decrease
لا يهدأ نبض بيروت ولا يخفت إيقاعها. ما زالت العاصمة، رغم كل الإحباطات والمعوقات، مركزاً لتصوير برامج لمحطّاتٍ عربيّة، لا يخفّي صنّاع بعضها أنّها باتت مرهقة، وأنّ المزاج في مكان، وما يظهر على الشاشة يبدو من خارج السّياق، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر ببرامج المنوّعات.

اليوم يصوَّر برنامجان في بيروت، واحد لقناة "الآن" الإماراتيّة مع هشام حداد، والثاني لقناة "لنا" السوريّة مع رابعة الزيات، أما الثالث فهو لقناة "العربي" مع الفنان مروان خوري، وقد أنهى تصويره الأسبوع الماضي.

فكيف تصوّر البرامج وسط هذه الفوضى؟ وكيف يتم الإعداد لاستقبال الضّيوف خصوصاً الآتين من الخارج؟ وهل يجد العاملون في البرامج صعوبة في إنجاز المطلوب وسط أزمة البنزين والكهرباء؟ وماذا عن المزاج؟ هل ما زال مؤاتياً لتقديم برامج منوّعات والبلد على كفّ عفريت؟ أم أنّ البلد الذي لم يستكن في الحرب، لن توقفه الأزمة الاقتصاديّة عن لعب دوره في مجال الفن والدراما والإعلام؟

مروان خوري ترك منزله!
انتهى قبل أيام تصوير برنامج "طرب مع مروان" في موسمٍ جديد يقدّمه الفنان مروان خوري عبر قناة "العربي". حين انطلق الموسم الأوّل في العام 2017، كانت الأمور في بيروت على ما يرام، ولم تكن هناك عوائق لوجستيّة تشغل بال فريق العمل.

اليوم موقع التّصوير مختلف تماماً، والتحدي يكمن في تأمين استديو يوفّر الكهرباء على مدار السّاعة، بحيث لا يشعر الضّيوف، خصوصاً الآتين من الخارج، أنّ الأمور ليست على ما يرام.

مصدر في البرنامج يقول في اتصال مع "المدن": "كانت الأمور ميسّرة، صوّرنا البرنامج في شهر آب/أغسطس، 26 حلقة بمعدل حلقتين في اليوم، كان البلد يعجّ بالسيّاح، ولم نجد صعوبة في دعوة الفنانين من الخارج، بل كانوا يرحّبون بالحضور، سيّما أنّ كثيرين منهم اشتاقوا إلى لبنان". ويتابع المصدر: "الإنتاج كان يوفّر مادّة المازوت للاستديو بحيث لا نشعر بانقطاع الكهرباء، لكنّنا كنّا نضطر إلى ترشيد استهلاك المازوت خصوصاً في أوقات الاستراحة والبروفات، أمّا خلال التصوير، فلم يكن ضيوفنا يشعرون بمشاكل".

وعن مروان خوري، قال المصدر إنّه اضطرّ إلى ترك منزله والسّكن في فندقٍ قريبٍ طوال فترة التصوير، سيّما وأنّه يقيم خارج بيروت، ولا يستطيع تأمين البنزين ليتمكّن من التنقّل، إذ أنّ التصوير كان بمعدّل حلقتين في اليوم، ثم استراحة في اليوم التالي، ثم تصوير في اليوم الذي يليه.

مصدر في الإنتاج قال لـ"المدن" إنّ الفنادق كان ممتئلة، وإنّ البرنامج اضطرّ في إحدى المرّات إلى دفع مبلغ 600 دولار فريش لتأمين غرفة في فندقٍ راقٍ لأحد الضّيوف.

وعن المشاكل التي واجهها الضيوف الآتون من الخارج، يقول: "في الفندق لا يشعر الضيف بانقطاع الكهرباء، وثمّة سيارات من الفندق جاهزة باستمرار لتلبية الزبائن، حتّى أنّ بعض الضّيوف، خصوصاً أولئك الذين كانوا يزورون بيروت للمرّة الأولى، قاموا بجولات سياحيّة من دون أيّ مشاكل".

لا يخفي المصدر أنّ الضيوف العرب تألّموا لرؤية بيروت مظلمة في الليل، لم يعهدوها يوماً بهذه الصّورة، كما أنّ المشاكل واجهتهم في المطار بسبب الازدحام الشّديد، فكان البرنامج يعمل على فتح صالون الشرف لتخليص المعاملات.

أما عن مزاج العاملين في البرنامج، ومدى تأثيره في مجريات التصوير فيقول: "بالطبع كلٌ منّا يعاني بطريقة ما، فالأزمة وصلت إلى بيوت الجميع، لكن ما حصل أنّنا كنّا نصوّر من الصباح الباكر حتّى ما بعد منتصف الليل، على مدى شهر، فنذهب إلى بيوتنا منهكين ولا نفكّر في شيء سوى التصوير، فصلنا أنفسنا عن واقعنا الأليم وانغمسنا في العمل، ونقلنا أجواء إيجابيّة إلى البرنامج ونقل هو أجواء إيجابيّة إلينا، وبعد انتهاء التّصوير، يشعر العاملون اليوم بالفراغ".

هذا الموسم ورغم الظروف الصعبة، استقبل البرنامج ضيوفاً من الكويت، والجزائر، والعراق أبرزهم نور الزين، وأصيل هميم وحاتم العراقي، كما استقبل مي فاروق وأحمد سعد من مصر، وكانت ثمّة اتصالات مع نجوم سعوديين إلا أنّ قانون الحجر في السعوديّة، وإلزام القادمين من لبنان بحجر أسبوعين حال دون حضورهم إلى بيروت.

لم يُحدّد بعد موعد عرض البرنامج، إلا أنّه يمكن القول إنّ البرنامج صوّر في أصعب ظرف، وكان في سباقٍ مع الوقت للانتهاء بسرعة من التصوير قبل أن تتطوّر الأمور في لبنان إلى ما لا تحمد عقباه، مهمّة اجتازها العاملون فيه بنجاح.

كلام هشام... الإنترنت المفقودة
في استديوهات LBCI في أدما، بدأ هشام حداد تصوير برنامج "كلام هشام" ليعرض عبر تلفزيون "الآن" في تعاون جديد بينهما.

البرنامج سياسي انتقادي ساخر، يخرج من إطار المحليّة نحو أفقٍ عربيِ أوسع. ما زال الوقت مبكراً للحديث عن موسمٍ جديد من "لهون وبس"، الذي يتطلّب استقراراً في البلد، ومزاجاً مؤاتياً من قبل الجمهور، وساحة فنّية لا تغطّ في سباتٍ عميق.

بالعودة إلى "كلام هشام"، يقول مصدر في البرنامج لـ"المدن" إنّ "الأوضاع الصعبة وانقطاع البنزين، دفعنا إلى إجراء الاجتماعات عبر zoom وأحياناً واتساب".

تحتاج البرامج الجديدة إلى جلسات مطوّلة بين فريق العمل، إلا أنّ الأوضاع ليست مؤاتية لاجتماعات تفرض تنقّلات باتت رفاهية يحلم بها كثيرون. كانت كورونا قد فرضت اجتماعات من بعد، لتعود الأزمة الاقتصاديّة وأزمة البنزين على وجه الخصوص لتكرّسها.

يعاني فريق العمل، كما كل اللبنانيين، من انقطاع الكهرباء التي عطّلت مصالحهم. يقول المصدر: "معدّو البرامج هم الأكثر تضرراً، فخلال التصوير لا مشكلة في الكهرباء، إذ أنّ المحطّات احتاطت لهذا الأمر، إلا أنّ المشكلة هي في العمل من المنزل، الذي بات يشهد انقطاعاً تاماً للكهرباء، وما كان يتطلّب ساعة بات يتطلّب ساعات مع بطء الإنترنت وانقطاعه أحياناً".

حتى داخل المحطّة، علمت "المدن" أنّ ثمّة صعوبات في الانترنت قد تطرأ أحياناً بسبب ضعف الشبكة ما يحول دون الاتصال بالضّيوف الذين تتم استضافتهم عن طريق "سكايب"، وفي برنامج هشام، لن يكون هناك ضيف في كل حلقة، بل حسبما يقتضي الموضوع. والضيوف في الغالب سيكونون من الخارج، أي سيحلّون عبر "سكايب" الذي يبقي الرهان فيه على قوّة الانترنت وصمود الشّبكة.

ماذا عن المزاج العام؟ يقول المصدر إنّ العاملين في البرنامج لا يتمّ توفير بنزين لهم، بل ينتظرون دورهم في الطوابير للحضور إلى المحطّة، وهو ما ينعكس في المزاج العام للعاملين في كل البرامج، لكن ما إن تدور الكاميرا حتى يصبح المزاج في مكانٍ آخر.

رابعة الزيات.. أقفلت في وجهها الحدود
لم تتوقف رابعة الزيات عن التصوير خلال كورونا، إلا أنّها اليوم تجد نفسها في ظرفٍ صعب جداً، في برنامجها "شو القصة"، لأسبابٍ عديدة، تبدأ من إقفال الحدود مع سوريا، وصعوبة إحضار فنانين سوريين إلى لبنان، وهو عصب برامجها الموجّهة إلى الجمهور العربي عموماً والسّوري خصوصاً، وصولاً إلى صعوبة تأمين المازوت لتشغيل المولدات خلال التصوير.

معضلة إحضار نجوم من سوريا كانت قد بدأت مع انتشار كورونا، وإقفال الحدود، إذ كان الفنان يحصل على إذنٍ خاص ليأتي إلى لبنان.

اليوم حتّى الأذونات الخاصّة باتت صعبة، ما حرم البرنامج من ضيوف يعتبرون نجوماً مفضّلين للشاشة. كما أنّ الميزانيّة المخصصة للبرنامج، لا تسمح بإحضار نجوم من الخارج، ما يجعل مهمّة اختيار الضيوف صعبة جداً، في وسط فنّي لبناني يعاني الركود.

أما التصوير، فقد علمت "المدن" أنّه يتمّ في ظروف صعبة، إذ أحياناً تنقطع الكهرباء ويتعذّر تأمين المازوت للموتورات، ما يعرقل العمل.

ويشير مصدر داخل المحطّة، إلى أنّه إذا ما استمرّت الظروف المعاكسة، قد يتوقّف التصوير لفترة، لأنّ ما يحصل هو حرق أعصاب لفريق العمل والضّيوف معاً.

الظروف نفسها محيطة بكل البرامج، إلا أنّ ثمّة من وضع خطّة إنقاذ، وثمّة من خانته خطّته، وفي كل الحالات، يبقى أنّ ما يراه المشاهد في الشاشة، لا يعكس بأي شكل حقيقة أنّ تصوير البرامج في لبنان بات مهمة شاقّة جداً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها