الأربعاء 2021/08/25

آخر تحديث: 18:08 (بيروت)

سعيد الماروق لـ"المدن":قدّمتُ عشرة أفلام في مسلسل واحد

الأربعاء 2021/08/25
increase حجم الخط decrease
سعيد الماروق، المخرج الذي احترف تقديم الأفكار المميّزة بلغة بصريّة متفرّدة في فيديو كليب ليس أقلّ من فيلم سينما من دقائق معدودة، يفرد اليوم تجربته على مدى عشر حلقات في مسلسل "دور العمر" مع عادل كرم وسيرين عبد النور ونخبة من نجوم الدراما اللبنانيّة، ليقدّم مستوى عالياً يتحدّى فيه صنّاع الدراما، الذين كانوا يعوّلون دائماً على نجوم وكتّاب ومخرجين عرب لتقديم أعمالٍ ذات مستوى رفيع. 
في تجربته الدراميّة الأولى، قدّم الماروق عملاً لبنانياً خالصاً، كتابة وإخراجاً وتمثيلاً وإنتاجاً، وعندما عّرض العمل في منصّة "شاهد" قبل أسابيع، كان الأكثر مشاهدةً في أنحاء العالم العربي. نجاح يُحسب للمخرج الذي قدّم مسلسله على طريقة السينما، واهتم بأدقّ التفاصيل. 
وفي حواره مع "المدن" يتحدّث الماروق عن التقنيات التي استخدمها في المسلسل، الذي لا يحتاج المشاهد إلى ثقافة فنّيّة ليشعر إزاءه بأنّه أمام عملٍ مختلف بكافّة المقاييس. 
 
 - "دور العمر" الذي يعرض حالياً في منصة "شاهد"، هو أوّل تجربة دراميّة لك بعد تاريخ طويل في عالم الفيديو كليب، وبعد تجربتين سينمائيّتين. ماذا يميّز تجربتك الأولى في عالم الدراما؟ 

نفذت هذا المسلسل بطريقة سينمائيّة، وفي اليوم الذي قرّرت فيه أن أتولّى الإخراج، اجتمعت بفريق العمل، وقلت لهم إنّنا سنخرج عشرة أفلام مرتبطة ببعضها البعض، لن نقدم مشاهد ممطوطة وطويلة، سيكون الإيقاع سريعاً، والتقطيع سينمائياً. 

في "دور العمر" قمت بعمل لغة خاصّة بالمشروع وهي لغة سينمائيّة تعبّر عن الحالة. هذا أسلوب نخاطب فيه اللاوعي لدى المشاهد الذي ليس مطلوباً منه أن يكون أكاديمياً ليفهمها، يكفي أن نخاطبه بذكاء. وبالنّسبة إليّ، أي عمل أستطيع أن أحكي فيه حكاية من كليب أو إعلان أو مسلسل أو فيلم، وأرويها بطريقة مميّزة، فليكن. 

- "دور العمر" يضمّ الكثير من عوامل النّجاح، لكن ثمّة إجماعاً على أن الإخراج كان أهمّ الأبطال، ما سرّك في هذا العمل؟ 

ثمّة أمرٌ أسعدني جداً في العمل، وهو أنّ الجمهور حين تابع وتفاعل وانتقد، كان يتحدّث فناً. في المسلسل، كنت أشتغل كل المشاهد بما فيها المشاهد القاسية وحتّى تلك المجرّدة من المشاعر، كنت أشتغلها بإحساسٍ ومشاعر. وكنت أصدّق كل مشهد وكل لقطة أصوّرها، كنت أبحث عنها في داخلي لأنفّذها. كما اعتمدت تقنيّة مع الممثلين من خلال أداء الصّوت، وهذا الأمر كان هاماً جداً. اشترطت على كل الممثّلين أنّني لا أريد صراخاً، حتّى عندما نفقد أعصابنا نصرخ بجرعة ما، لكن لا نبالغ. فالمسلسلات التي تدور حول حبكة نفسيّة أي أعمال السايكو، ثمّة همس فيها وليس صراخاً. هذا إضافةً إلى لغة الصّور التي كنت أعمل عليها، من خلال استخدام العدسات بطريقة مختلفة، العدسة الواسعة المفترض أن تلتقط اللقطات الواسعة كنت ألتقط فيها اللقطات الكلوز لأقول إنّ الشّخصيّة مريضة وضائعة. 
 
- معروف عنك أنّك مخرج صعب المراس، وأنّ الممثل عادل كرم بدوره صعب المراس، كيف كان التّعاون بينكما؟ 

كانت هناك ثقة بيني وبين كل الممثلين، من عادل كرم إلى سيرين عبد النور، وكل فرد في العمل. كانوا واثقين فيّ وفي ما أقوله، ولم يعارض أحد طريقة العمل، الأمر الذي كان يجب أن ينفّذ كان ينفّذ، كانت هناك حماسة ومتعة. كما أنّ عادل كان يستمتع بالعمل، وكان مدهشاً بأدائه وإحساسه، لدرجةٍ أنّني وقفت أمام الكاميرا وصّفقت له في أحد المشاهد.  

- كاتب المسلسل ناصر فقيه هو مخرج، هل شعرت بالإحراج وأنت تترجم ورقه إخراجياً؟ هل تدخّل في مكانٍ ما بعملك كمخرج؟ 

التحدّي أنّ المخرج نفسه هو من رشّحني. قال لي إنّ لديه مسلسلاً "ما حدا غيرك بيعرف يعملو"، وعندما قرأت الحلقتين الأولييَن، وافقت على الفور. ثمّة احترام كبير بيننا، وناصر كان موجوداً في العمل ككاتب، ورغم أنّه كان حاضراً خلال التّصوير، لم يتدخّل في العمل إخراجياً، كان يعطي نفسه دور الكاتب، وكان هناك احترام للمواقع كلّها. 

- اعتدنا أن تكون الأعمال العربيّة المشتركة بمستوى عالٍ، إخراجياً وإنتاجياً، اليوم نشاهد هذا المستوى في مسلسلٍ لبناني خالص، هل سيُبنى برأيك على هذه التّجربة؟

يجب أن يُبنى عليها، لأنّ الهدف كان أن نتحدّى ونقول إنّنا موجودون. كانوا دائماً يطالبوننا بأعمالٍ لبنانيّة خالصة، وكانت ثمّة تساؤلات لماذا لا أساهم في الدراما المحليّة؟ بالنسبة إليّ من حقّ كل بلد أن يكون لديه منتخب يشارك فيه بكأس العالم، وهذا ليس تقليلاً من شأن أحد، لكن من حقّنا أن تكون لدينا أعمالاً خاصّة بنا نفخر بها، لدينا طاقات هائلة، وخلال العمل كان الفريق بالمجمل يعمل بشغف وكانوا جميعاً مبدعين. 

- مع كورونا انحسرت السينما عالمياً، ومع بروز المنصّات ارتفعت أسهم المسلسلات، القصيرة منها على وجه الخصوص، هل سنراك مخرجاً درامياً أم أنّها كانت مجرّد تجربة؟ 

استمتعتُ بالدّراما لأنّني كنت أشتغلها على طريقة السينما، وكان المشاهد يشعر أنّه يتفرّج على فيلم سينما، من خلال الموسيقى والصّوت والصّورة والممثلين والسيناريو، حتى الفلاش باك عندما صوّرته، كنت أميناً لدرجة تصوير المشاهد بعدسات قديمة، هذه التّفاصيل تعطي قيمة فنّيّة للعمل. أنا احترمت حتى الفلاش باك. وبعد هذه التجربة سأكون موجوداً حتماً لأسبابٍ عدّة، منها وجود المنصّات التي تعطي مجالاً لتقديم دراما بمستوى عالٍ، وجمهور المنصّات التي فرض نوعيّة جديدة من الأعمال وهذا سيساهم بتطوّر الدراما في العالم العربي، لأنّ الجمهور بات يشاهد أعمالاً إسبانيّة ولم تعد الرّيادة مقتصرة على الأميركيين وبات يسأل "ليه مش نحنا؟". 

- أحياناً ثمّة صراع بين المخرج والممثل في الدراما العربيّة، يمنعها من التطوّر قياساً إلى حجم الطاقات الموجودة لدينا، في هذه المعادلة من الخاسر برأيك؟ 

المفترض أنّ المخرج والممثّل يكملان بعضهما البعض، والمخرج هو مرآة الممثل الذي يقيّم ما إذا كان الممثل يقدّم الصّح أم الخطأ. هذا الأخير يخطىء بحق نفسه عندما ينتفض على رأي المخرج، وهذا يحصل عندما يعمل مع مخرج أقلّ منه من ناحية المستوى. 

من جهة أخرى، بعض المخرجين يتحوّل إلى مجرّد شخصٍ يعمل عند النجم، أشبه بمساعد مخرج. الخلاصة ان النّجم مهما كان برّاقاً بحاجة إلى من يزيد لمعانه، والخطأ يحصل عندما يكون الدّور لتلميع صورة الممثل، في حين أن الممثل هو من ينبغي أن يكون في خدمة الدّور. مثلاً في "دور العمر" كانت سيرين تقول لي أحياناً "هذا التفصيل لا أحبّ تنفيذه"، فكنت أقول لها، أنا لا أريد أن أشاهد سيرين بل أريد أن أشاهد شمس (الشخصية التي تؤديها سيرين)، كانت تقتنع وتنفّذ المطلوب منها، وهذا سرّ نجاحها.  

- بالعودة إلى "دور العمر" هل سنشاهد موسماً ثانياً منه؟ 

اليوم كنّا بصدد الحديث عن موسم ثانٍ، كلنا متحمّس له، وثمّة سعي لأن يكون أهم من الأوّل، وأن نعمل على أفكار تأخذنا إلى أماكن جديدة. ثمّة الكثير من الأفكار الجديدة بحوزتي أنا وناصر، نحاول أن نجمعها، لنقدّم عملاً مميزاً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها