الخميس 2021/08/19

آخر تحديث: 16:02 (بيروت)

البُعد اللبناني لسفينة المازوت:"حزب الله" شريكاً باستيراد النفط

الخميس 2021/08/19
البُعد اللبناني لسفينة المازوت:"حزب الله" شريكاً باستيراد النفط
دخل الحزب كمنافس على كارتيلات النفط، ولو بحصة صغيرة في البداية (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
يتخطى ملف استيراد "حزب الله" للنفط الايراني، البُعد المباشر المرتبط بالتخفيف من وطأة الأزمة، وتوفير المازوت للقطاعات الحيوية إثر التبدل في الاسعار ورفع الدعم عن المحروقات والشح بالمادة، بصرف النظر عن تغريدات جمهوره التي اعتبرت الملف مرتبطاً بكسر الحصار الاميركي، وكسر احتكار الشركات المستورة للنفط التي "تمنع المحروقات عن اللبنانيين". 
عملياً، تدخل مؤسسة "حزب الله" على خط استيراد النفط للمرة الاولى منذ 31 عاماً. فالشركات المحتكرة لاستيراد المحروقات في لبنان، لا يملك المستثمرون الشيعة أياً منها. لطالما كان الاستيراد محصوراً بمستثمرين من طوائف أخرى، في أغلبها مسيحية ودرزية، ولم يسجل في تاريخ لبنان استيراد مستثمرين شيعة للمحروقات الا تجربة واحدة لخمس سنوات بين العامين 1986 و 1990 عبر "شركة الجنوب للبترول" التي رعتها حركة أمل في الحرب، وفشلت لاحقاً في الاستمرار بعملها إثر اعادة هيكلة وتنظيم القطاع الذي وضع خطته الرئيسان الراحلان الياس الهراوي وعمر كرامي. 

هذا الواقع التاريخي، يكسره "حزب الله" باستيراد النفط الآن. أدخل الطائفة الشيعية، تحت ضغط الأزمة، شريكاً لكارتيلات احتكار استيراد النفط المؤلفة من 18 شركة تستورد البنزين والمازوت والغاز وفيول محطات الكهرباء وكيروزين الطيران.

ففي الازمة، تُعلّق القوانين، وخصوصاً تلك المرتبطة تاريخياً بصراعات فشلت السلطات اللبنانية المتعاقبة منذ 30 عاماً في تعديلها، كما فشلت الدعوات الاوروبية لتغيير بنية التداول الاقتصادي نحو نظام "السوق المفتوح"، ما يعني عملياً الغاء الوكالات الحصرية والاحتكارات.

والكارتيلات التقليدية تبادل بعضها أسهماً، وعقدت اتفاقات بين شركات أخرى لاستيراد المحروقات (مثل تحالف كورال – ليكويغاز الذي يستحوذ على 80% من الاستيراد ويوزع على الشركات الاخرى). الآن، دخل الحزب كمنافس لتلك الكارتيلات، ولو بحصة صغيرة في البداية، ولعل ابرز مؤشراته ان المحروقات الايرانية، بطبيعة الحال، لن تُوزّع بالمجان، ولو أن أسعارها ستكون اقل من السعر المطروح في السوق بعد رفع الدعم عنها. 

والحال ان الحزب، الذي قرر في العام 2018 الدخول الى الدولة العميقة، دفعته الأزمة دفعاً نحو تسريع خطواته. فالدولة، التي يعرف عنها بالمؤسسات الدستورية والادارية والخدمية، لم يدخلها الحزب بشكل كبير بالنظر الى حسابات لبنانية ومحاذير دولية مرتبطة بالعقوبات وغيرها. بقيت الحصة الشيعية، على الاغلب، محصورة بـ"حركة أمل". لكن الحزب، وجد الدولة العميقة بديلاً، تلك المتمثلة بالوكالات الحصرية وقطاعات الاحتكار... 

تمثل الازمة فرصة للحزب لدخول هذا الميدان بعد ثلاث سنوات من اعلانه الدخول الى الدولة العميقة. بُعيد الانتخابات النيابية في العام 2018، قال النائب علي فياض في حديث لـ"اذاعة النور" مع بثينة عليق، ان الحزب بدأ حقبته السياسية الثالثة. الاولى كانت في العام 1992 اثر الدخول الى البرلمان، والثانية في 2005 اثر مشاركته في الحكومة، والثالثة بعد الانتخابات للدخول الى الدولة العميقة. ربطها آنذاك بجهود "مكافحة الفساد" في الدولة. 

بعد الأزمة المعيشية التي ضربت لبنان، بدأ الحزب باختراق الوكالات الاحتكارية، كان أولها في اختراق الوكالات الحصرية في المواد الغذائية عبر "بطاقة سجاد"، وثانيها عبر الادوية الايرانية التي ردّ وزير الصحة حمد حسن على منتقديها في حوار تلفزيوني بالقول ان من لا يريد تناولها فهي حريته الشخصية، لكنه سيتوفر في الاسواق، رداً على دعوات مقاطعتها والتحذيرات منها. واليوم تدخل مؤسسة الحزب رسمياً في استيراد المحروقات. 

لا تهم الآليات التنفيذية لتوفير النفط الايراني في الاسواق اللبنانية، سواء عبر تفريغها في الموانئ اللبنانية (وهو أمر مستبعد منعاً لاشتباك مع قوى سياسية داخلية وتحميله مسؤولية العقوبات التي ستُفرض بعدها)، أو بالموانئ السورية. كذلك لا يهم ميدان توزيعها الجغرافي، ورفض الآخرين لها أو الموافقة على استخدامها بغياب بديل لها.. كما لا يهم سعرها في السوق. النقاشات الشعبوية، والصراعات في الميدان الافتراضي بين جمهور الحزب ومناوئيه في مكان، ودخول الشيعة الى دولة الاحتكارات العميقة في مكان آخر.. وذلك واحد من الابعاد اللبنانية الصرفة لخطوة تتصاعد التحذيرات السياسية من تنفيذها. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها