الجمعة 2021/08/13

آخر تحديث: 20:49 (بيروت)

الموت على الطرق بدأ.. حرب البقاء في فيدرالية المحروقات

الجمعة 2021/08/13
الموت على الطرق بدأ.. حرب البقاء في فيدرالية المحروقات
increase حجم الخط decrease
لا تحمل الانباء المنسابة عبر تطبيقات واتسآب خلال دقائق، عن التوترات والانتشار العسكري والأمني، إلا تأكيداً على أن أزمة المحروقات، خلقت في جميع شوارع لبنان بؤراً أمنية يصعب إنهاؤها بالكامل، رغم جهود القوى الأمنية والجيش لتطويقها ومنع تفاقمها. 

"وفاة رجل في سيارته أثناء انتظاره دوره على محطة وقود". يضرب الخبر كالصاعقة، من غير أن يصل اي تأكيد لفيديو يظهر رجلاً مسناً يقود سيارة مرسيدس في حرّ شهر آب، يجلس وراء مقوده في وضعية النائم، لكن مصور الفيديو يؤكد أن توفي أثناء انتظار دوره على محطة وقود. 


الفيديو يأتي بعد أيام قليلة على وفاة ثلاثة أشخاص في لبنان، جراء إشكالات في الشمال على أفضلية تعبئة الوقود.. وتتوالى الأخبار: الاستيلاء على صهريج محمل بالمازوت في منطقة السفارة الكويتية على يد صاحبي مولدات كهربائية في صبرا، تبين أن الصهريج عائد للجيش اللبناني. وعلى دوار كفرمان، "قرصنة" صهريج، وفي البيسارية في الجنوب، "السيطرة على صهريج"... 


تتنوع العبارات، وتستخدم وسائل الاعلام ما يعفيها من الوقوع في فن تكرار المصطلحات في العناوين.. تنقل الأحداث بوصفها "سبقاً اعلامياً".. وتستثمر في الخوف، كما في التوتر، ما يعزز الانطباع بأن ما يجري هو حرب من نوع آخر. حرب أهلية، بغرض البقاء. فلبنان تحول ساحة مفتوحة من العهد الحجري، ملخصها "البقاء للأقوى". 

يضع ناشط صوته على فيديو صهريج البيسارية، ويخاطب فيه "أهالي حارة الضبع" مطالباً بحصته من المازوت والا "استقبالنا كلاجئين لديهم ريثما تنفذ الكمية". ثمة اسقاط ساخر لصراعات الخيال الدرامي، على الواقع اللبناني، لكنه في الحقيقة يقود الى نتيجة لا لبس فيها، مفادها ان البلاد تتحول الى حارة "كل من ايدو الو".

فيدرالية المازوت، هو الانطباع الاول عما يُقال. سبقتها فيدرالية البنزين، يوم أعلنت أكثر من بلدية عن أن محطات الوقود يجب أن تعطي أولوية لابناء القرية أو البلدة التي تقع فيها المحطة. أما في الاماكن المفتوحة، على الاوتوسترادات وفي المدن، فإن الامر يتيح لصراعات بين الغرباء. أولئك القادمون بعضلاتهم لاستعراض القوة، وانتزاع الحق، كما كانت في السابق بانتزاع عبوات الزيت وأكياس السكر والأرزّ المدعومة، بغياب واضح للسلطة السياسية التي تتخبط بين الصراعات والصلاحيات ومعارك وهمية على الحصص الوزارية. ويدفع المواطنون أثمان تلك الصراعات ومن بينها الصراع الدستوري الناشئ أخيراً على خلفية دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، وما يعني ذلك تعويماً للحكومة المستقيلة. 


والحكومة المستقيلة، هي أعجز من أن تقوم بأي اصلاح. خير دليل على عجزها، هو ما وثقته محادثات مجموعة الواتسآب التي تجع أرقام الوزراء. يتحدث كل منهم عن أنه "آخر من يعلم"، ويسأل: "ما الحل"؟ الحل ليس لدى المواطنين بالتأكيد. الحل لدى السلطة، تلك التي تقف خلف الوزراء العاجزين عن القيام بمهامهم. الحل بيد مجموعة صغيرة تتألف من سياسيين وتجار يقبضون على البلاد. اما المواطنون، فليسوا اكثر من ارقام يتنازعهم التوق للبقاء في بلد ضاق بأنفاسهم. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها