الجمعة 2021/07/16

آخر تحديث: 17:04 (بيروت)

الحريري وحساباته الإعلامية الخاطئة

الجمعة 2021/07/16
الحريري وحساباته الإعلامية الخاطئة
increase حجم الخط decrease
لم يُجمع اللبنانيون على انتقاد حلقة تلفزيونية، كما أجمعوا على وصف مريم البسام بالـ"فاشلة"، بعد حلقة تلفزيونية، روجت لها طوال الأيام الماضية بوصفها سبقاً، ولم تخرج من الحريري إلا ثلاثة مواقف. 


والحريري الذي انتظر اللبنانيون مواقف نارية منه، وكان مستعداً في لحظة انتصار سياسي على العهد أن يدلي بما هو أكثر حدة، لم يدلِ إلا بثلاثة مواقف: لن يشكل حكومة ميشال عون، ولن يسمّي أحداً لرئاسة الحكومة، وهو مؤيد لتحقيق دولي في ملف جريمة انفجار مرفأ بيروت. 

قال الحريري مواقفه بلا أسئلة، بلا استفزاز ليجيب.. كان حاضراً ليدلي بها وحده، وهو غرضه من المقابلة، بينما لم تستدرجه البسام، إعلامياً، الى فضائها، بل حاولت جذبه الى ملعب سياسي يحتوي الكثير من القيل والقال... وهو ما حاذره، واستفزه لتوجيه سهامه مرتين أو ثلاث باتجاهها، لا سيما حين قال "مش جايين لطق الحنك"!
 

ومحاولات استدراجه الى هذا الملعب، هو ما استفز جمهوراً كان ينتظر من الحريري الكثير. عن علاقته بالعهد، عن دور جبران باسيل ومستقبل العلاقة معه، عن ممارسة سياسية تمس باتفاق الطائف، عمّا يشبه اغلاق عون لسبل الحوار مع الحريري، عن إعلان اعتذاره عن التكليف في القصر الجمهوري بدلاً من بيت الوسط... عن لحظة سياسية حاسمة وضعت البلاد على مفترق طرق، بين الانفجار والتهدئة... 


المضمون الذي انتظره الجمهور، لم يظهر في حوار اتسم بالجدلية، والمحاججة، والمحاكمة على أداء سياسي سابق. فالبسام ظهرت على أنها آتية من خلفية إحراج الحريري، لا سيما في علاقاته مع المملكة العربية السعودية، والى مراجعة لحقبة سياسية سابقة تتخطى اللحظة الحالية، طالما أنه حرمها من "سكوب" الاعتذار أمامها. 

فأدبيات المواجهة، تخطت الأداء الاعلامي التلفزيوني المطلوب من محاورة أسعدتها المساجلة، واستعراض المواقف، والإسهاب فيها، على قاعدة "الندية السياسية" وليس الاعلامية، حتى خال المشاهد ان الجالسين على طاولة واحدة، هما صديقان أو خصمان سياسيان، وليس الإعلامي وضيفه، وهو ما دفع الحريري مرات لمطالبتها بأن تدعه يتكلم. 

ويعود هذا الجانب الى أن البسام، في الأصل، ككاتبة سياسية (إن اعتبرنا مقدمات أخبار "الجديد" سياسية)، وإعلامية في الظل. فهذه السمة، لا تقتصر على البسام، بل على معظم الكتاب الصحافيين الذين لا يسعون وراء معلومة فقط، بل يصيغونها ويحللونها على ضوء خلفيات ومعلومات، خلافاً للمراسل التلفزيوني الذي يسأل بغرض استدراج موقف ومعلومة من غير أن يتبناها. بهذا المعنى، ليست البسام اعلامية تلفزيونية، من الناحية المهنية، ومن الطبيعي أن ترسب بهذا الاختبار. 


بيد أن الاعتراض الشعبي على المقابلة، يتخطى الأداء المهني الى الفوقية في الطرح. لم يُسجل في السابق أن محاوراً سأل ضيفه: "شو عندك الآن، سهرة أو سفرة"! ولا وصّف الخلافات السياسية بطريقة مسرحية، مثل عبارة "كان بيرعى الغزال بينكما"، في إشارة الى العلاقة مع الرئيس حسان دياب، و"قفزت فوق السور نحوه"، مجازياً.
 

هذه الفوقية، إضافة إلى طريقة شعبوية في الكلام، رسمت أسئلة عما إذا كان الحريري قد أخطأ في الظهور على قناة "الجديد"، تلك التي فتحت علاقات متينة معه منذ أشهر، على ضوء خيارات أخرى لقناتي "أم تي في" و"أل بي سي"، وهي القناة "السنية" بمعنى التقاسم الطائفي لوسائل الاعلام اللبنانية. ولولا المساجلة الاستعراضية، بخلفية سياسية معارضة للحريري، لكان بالإمكان الخروج بمواقف نارية كان الحريري على استعداد للادلاء بها، ولو استُفز بالأسئلة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها